الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخيال والمبادىء والذاتية في اعمال الفنان كوهدار صلاح الدين

سيروان شاكر

2019 / 9 / 21
الادب والفن



لايعرف حدودا للمعرفة ولا حدودا للتجارب في المشاعر اختلاف في السياق وتغير في صميم الشيء والعمل واعادة لتكوين الوقائع وتحقيق غايات الانسان هكذا عرف المبدع صلاح الدين.
في ضوء فلسفته الوجودية تنطوي على كثير من العوالم جراء الاحتكاك بها يرى هذا الفنان ان العالم باسره سلسلة من المعطيات لايمكن وصفها بالكلمات وانما بالاسود والابيض واخرى بالالوان اعمال تجاوزت الفكر في بعض الاحيان- العواطف واعادة امنية رغب بها هذا المبدع ليفرض وجود معان في ثورة الذات ثورة الفكر والاحاسيس, احاسيس لاتبحث عن ثقافة جديدة بل تبحث عن مشاعر حقيقية مثالية تواجه نمط الحياة الذي يعيش فيه، منهجية اخرى تخترق المذهب الحدسي وله قوانين مفترضة تطرح نفسها عن طريق اشكال متضادة مرة بالوان خفيفة ورقيقة ومرة باشكال حادة قوية من الابيض والاسود لتضفي الموضوعية والعقلانية عبر جدلية توليفة لاتتجزأ عن الوجود الانساني, واعمال اخرى تقوم على التناقض والتضاد والانفصال التدريجي بين الحقيقة والخيال ليعيد صياغتها من جديد فيصنع تاريخا جديدا لعالم الخلق الفني.
تعظيم وتوضيح ونظام منفصل عن عالم الوجود لينقل الصورة المدركة من حالتها السالفة الى صورة منطقية يتمتع بها المتذوق رغم صعوبة استيعابها الا انها تجعل من المشاهد ان يتاملها ساعات وايام لغرض استعمال مواهبه من اجل ان يجعل من ذاته مسيرة تكميلية لعالم التغير والحرية، فهدف الفنان واضح وتتمثل بالمعرفة التلقائية والقدرة على تحقيق الانسجام بين العناصر الجمالية في اقصى درجاته والتي تقرر التحام الشكل بالمضمون وهذا ما اكده كوهدار اعادة تكوين الواقع بنظرة فرضية عاطفية فجسوره لا تستلم حتى في الانهيارات، موهبة خاصة يمتلكها في كونه قادرا على الانتقال المباشر من الادراك الحسي الى التعبير الحدسي وعلاقته بالواقع ليست ادراكية فقط بل تعبيرية ايضا والحقيقة هي تعبيرية في اكثر الاعمال ليرينا الواقع والطبيعة في اشكال حديثة ومعاصرة من خلال افكاره وتجاربه التي لا ترسو في شاطىء واحد بل عدة شواطئ افكاره وخياله الفني كالامواج هائجة لتصل وتهدأ في الاخير وهو حامل لعالمه كل المفاهيم الانسانية التي تكون قادرة على تحقيق اعلى درجات الانسجام بين العناصر الفنية والجمالية والرمزية الذي قررفيها صلاح ان تندمج اشكاله بالواقع مرة ومرة مفسرة ذاته حين يكون هدف الفن اعادة صياغة الجمال في حقيقة مخفية ليؤسس هذا الفنان المبدع عالمه الجمالي في قضية انسانية لايتوقف نزاعه الا وقد حقق مافي دواخله قيمه ومبادئه من اجل تغيير مسار واقع تقليدي الى واقع حقيقي انساني بكل معانيه.
تقنيات عديدة مر بها كوهدار ليفي غرضه في تعابيره وموضوعاته ليحدث في بعض الاحيان ثورة من المفاهيم الجديدة في التعبير كي يختار صدقها بان يقدم المعنى الحقيقي المتضمن في اشكاله بتجربة حسية رغم عدم استخدام عدة الوان في بعض الاعمال ليكتفي باستخدام الوان محددة تصل الى لون واحد بعض الاحيان في ابداعاته (الكرافيكية) سابقة على الواقع والتجارب فيتخذ من افكاره دربا الى الصدق فيعرض اعماله للمشاهد انه سابقة لايجرؤ الا القليل ان يحتك فرشاته وادواته الفنية في سطح يملأه بالتعابير للحظة واحدة يتحقق الفكر ويحتل الصدق عباراته في التحليل لعالمه الذاتي. لقد خاض هذا الفنان المبدع تجاربه بكل ما تستمد وظيفته الروحانية من مظهر اشكاله ومعناها ليواجه زمنا وفكرا يربط بينه وبين العالم الواقعي فيجرد فكره عن تجاربه تجاه العالم الخارجي ويعطي معنى اعمق برموزه الغريبة ووجوهه المعبرة وهذه المرة ليست بلون واحد فقط (الاسود) اصبحت تجاربه الكرافيكية تتعدى كل الالوان ليعطي شكلا اخرا ولغة اخرى في مفاهيم الذات توصيف لما يحول فكره الى معان وتصورات لاتتحدد بحدود عالمه الخاص، فلغة كوهدار هذا الذي يبحث عن اسرار الواقع وعن تعابير البشر منصرفة الى اخراج ما يشعر المتلقي داخل نفسه فيراجع به شعوره الذاتي ليخلصها في عبارات تصورية حيث يريد الفنان القول اصف شيئا خارجا عن كل التجارب وصف بها التحليل المنطقي، فلغته تظهر في وجوهه المرسومة بهذا الكم الهائل من التعابير والالوان- انه منطق معلم يرد على الواقع بنظرية ذاتية لايترجمها ولايحلل اجزائها الا من كان له القدرة على صياغة هذا المظهر المعبر في منظور اخر انساني, وبصدقها, ونظمها الجمالية. هكذا تكون مهمة ومسيرة هذا الفنان تحليل ورموز للمشاهد وللصانع بناء معرفي وموضوعات ترفض ان تنسجم مع واقع اليم , وجوه غيرت رؤية المتذوق والمشاهد بالوانها , تارة بلون واحد واخرى تشكيلات ثنائية وثلاثية بالالوان والاشكال ليضفي غرضه في هذا الشكل وذاك فيكون معنا بما تتجه مقاصده فيستثير العواطف ومايعنيه من عملية ذاتية وبصرية، اعمال لاتقتصر على الحقائق الحسية فقط بل قادرة على التعبير في اسمى مبادىء الانسانية والوجدانية، قد امتازت اعماله في كل فترة مرحلة معينة من مراحل الزمن الذي عاش فيه هذا المبدع ليكون له تاريخا، مرة صرخة نابعة من الاعماق ويليها وجوه تحدق نحو المستقبل بخطوط رفيعة مع الوان في غاية الحساسية ليس من السهل الوصول الى مفاهيمها الا اذا اصبحت جزءا مباشرا في قضية كوهدار صلاح الدين، قضيته المثالية وهو يحمل طابع الذاتية في شكلها ومضمونها ويغدو العالم واقعا جديدا تتفق مع مشاعره الانسانية، وصدق وجوهه في اعماله الاخيرة متميزةا عن اكثر الاعمال الفنية من هذا الاتجاه في عالم الادراك الحسي غير انها تفرض ذاتها تلقائيا امام الواقع، تطابق مختلف وغريب الى درجة يحكم هذا الفنان الواقع بواقعية موضوعية وهادفة ليواجه العالم الخارجي بحقائق بصرية انطلاقا من مواجهته مع الزمن ليلحق بعدة نظريات واساليب واتجاهات والهدف توفير معيار حقيقي للصدق في التعابير وصدقه ينتمي الى هذا الواقع بلون اسود كان او بعدة الوان فجرآته في اللون خارقة على خامة ليغير كل المعايير الواقعية السائدة الى معايير انسانية اكثر بروزا وشفافية للموضوع الذي اصبح امانة في تجاربه الرائعة والراقية، تحول غريب لهذا العالم عالم كوهدار تأمل واستنتاج وممارسة فعلية داخل اعماق الواقع يتحول برؤيته وبوعيه من قضية الى اخرى ومن مكان الى زمان ومن واقع الى وهم ومن تاسيس خيال الى وطن، فاعماله الفنية تدل الى على احساسه القوي ومنهجه الرؤيوي في تقييم مدارك الحياة لتجمع بين الذات والخبرة الجمالية فيحلق في فضاءات الخيال ويرى الحقيقة بشهادة الاحساس كم اشكال تحولت الى رموز في هذا الفضاء الواسع.
خيال هذا المبدع لايتوقف فهو في صراع دائم مع الفكر لغرض تغير الواقع والمفاهيم باساليب انسانية جملة تكون كافية يحقق بها تجربته الواعية بدلالات حسية وافكار منطقية وافتراضات مسبقة فتكتمل حضارته من جميع المعايير الاساسية _اللون، الشكل والقيمة الانسانية، بدون شك عهد جديد يربط بين الحضارة والمجتمع وبين الذات والرؤية وبين الخبرة والتجربة ليتواصل كوهدار في مسيرته بكتاب روايته الاسطورية حول الانسانية ومايعنيه, ليضفي عليها صفة الجمال الروحي ويبحث في دواخله قضاياه الميتافيزيقية بانها حقيقة حضارية وتاريخية في الفهم البشري بكل معانيها الحسية والوجودية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الممثلة رولا حمادة تتأثر بعد حديثها عن رحيل الممثل فادي ابرا


.. جيران الفنان صلاح السعدنى : مش هيتعوض تانى راجل متواضع كان ب




.. ربنا يرحمك يا أرابيسك .. لقطات خاصة للفنان صلاح السعدنى قبل


.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف




.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي