الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التغيير في مصر يقوده مقاول فاسد!

خالد حسن يوسف

2019 / 9 / 21
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


في ظل صراع الفاسدين في مصر، خرج إلى الفضاء العام محمد علي والذي امتهن المقاولة في مشاريع الجيش المصري العمرانية، وذلك في سياق سيطرة المؤسسة العسكرية على قطاع واسع من الاقتصاد، وفق تصور وليد مع ما عرف بالانفتاح الاقتصادي.

حيث أراد الجيش مزاحمة رجال الأعمال في طفرة الدعم الاقتصادي المقدم من الخارج، خاصة الولايات المتحدة ودول الخليج، وبذلك تم تأسيس مؤسسة اقتصادية عسكرية في عام ١٩٨٢، وأصبحت أخطبوط مسيطرا على نسبة كبيرة من الاقتصاد الغير خاضع لمؤسسات الدولة الدستورية التنفيذية والتشريعية!

ووضع المقاول والفنان محمد علي، قدميه في أوساط تلك المؤسسة منذ ١٥ عاما، وسجل من خلالها أرباح كانت أقرب منها إلى المكافأة المالية من منظور جدواه الاقتصادية في قطاع المقاولات، كم أكد المشار إليه في تصريحاته على خلفية خلافه المالي مع النظام، حين أتهم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وجنرالاته بالفساد.

إلا أن أصدى الذي تركته تصريحات محمد علي، في الأوساط المصرية العامة والسياسية ذو سقف عالي، وترتب عليه الكثير، وأدى إلى ردود أفعال من قبل حاكم مصر، ومؤشرات تنم عن مدى التأثير في المجتمع، والتعويل على أن ينتهي صراع محمد علي مع الرئيس السيسي، إلى إحداث ثورة في المجتمع المصري!

في ٢٥ يناير ٢٠١١ تأثرت مصر وغيرها من بلاد العرب بالانتفاضة التونسية والتي لا زالت تغييراتها في إتجاه السير نحو ثورة في خطى حثيثة وإن لم تكتمل بعد في سياق ثوري، بينما تم الإجهاز على تجارب التغيير في كل من ليبيا،سوريا،اليمن،البحرين،السعودية والسودان، وفي إتجاه مماثل يتم ترويض الحراك الجزائري، والذي لم تكتمل بعد ملامح أهدافه ووجهته.

ثورة ٢٥ يناير المصرية كما يحلو للكثيريين وصفها تبعتها ثورة ٣٠ يونيو ٢٠، والتي بدورها جاءت بفعل الإحتقان السياسي الحاد لخصوم نظام الرئيس محمد مرسي والذي لم يتشكل بعد، وعلى حركة الإخوان المسلمين، التي إنتمى لها الرئيس المصري السابق، جملتا وتفصيلا.

إن كل من السيسي ومرسي، لم يحققا التغيير الذي نشده شعب مصر، وطعن في مصداقيتهما من قبل قطاعات واسعة من المجتمع، وبغض النظر عن حصولهما على تأييد الكثيريين من المصريين، وأكدت المعطيات أن مرسي انقض على مبارك، في حين قام السيسي بالانقضاض على مرسي.

وخلال تلك الرحلة الطويلة والشاقة، ظهر المنشق محمد علي، من خلال تصريحاته الفاضحة والتي عصفت بالمؤسسة السياسية والعسكرية الحاكمة في مصر، ولدرجة أن الكثيريين في مصر وخارجها أصبحوا يراهنون على واقع التغيير عليها، وأن صدأها سيبلغ الشارع وسيكرس خلع الرئيس السيسي.

وفي المحصلة فإن حدوث التغيير على مستوى الوجوه لن يشمل الحياة السياسية المصرية، التي أدمنت خلع الرموز بمعزل عن حدوث تغيير حقيقي في إطار الواقع العام، والذي لا زال النظام المصري التقليدي يسيطر على مؤسساته، واستمرار نمط علاقاته القديمة وتراجع البلاد على شتى المستويات.

خاصة وأن طبيعة المؤسسة السياسية الحاكمة لم تتغير منذ عام ١٩٥٢، وبتالي فإن الحاجة الملحة تقتضي أن ينطلق التغيير من الشارع العام، ونحو المطالبة بأسس وعلاقات دستورية على قطيعة مع المفاهيم الشمولية لدولة المصرية الحديثة، وبمعزل عن الإرث الشمولي الايديولوجي السياسي،العسكري والديني، والتوجه نحو ميلاد دولة المواطنة.

وحتى تتخطى مصر دعوة تغيير يقودها مقاول منشق وفاسد، فمن الغرابة أن تستجيب سيرورة التاريخ المصري لتلك الدعوة، وأن تؤتر في الرأي العام، لأجل أن يقتنصها جنرال آخر ليجد ذاته في موقع حاكم للمصريين مجددا، والمفارقة أن تدمر الشعب وجد يعبر عن ذاته من خلال ذلك المنشق المغمور سياسيا!

بينما لم تترك مواقف ورؤى النخب المصرية على اختلافها أثرا بالغ في السعي لتغيير السياسي، والمؤكد أن السيسي سيرحل، إلا أن الشارع المصري غير قادر على إستثمار ذلك أو معارضة جنرالات الجيش الذين اختزلوا تغيير المشهد السياسي في ذواتهم وسياستهم، وأن تنتهي البلاد كإرث لقوى شمولية متغلغلة في أحشاء الدولة وتسيطر على نخبه إما ترهيبا أو من خلال تقاسم المصالح.

في حين يقابل ذلك قوى سياسية مصرية غير ديمقراطية وليست على قدرة لتحقيق واقع تجانس سياسي دستوري، وقيادة الشعب نحو حياة عامة تستند إلى مفاهيم دستورية وديمقراطية، وتأخذ في اعتبارها خيار المواطنة أولا، عسى أن لا تجد مصر ذاتها في ظل مبادرة للاتحاد الافريقي وعلى غرار التسوية التي تمت في السودان وإعادة إنتاج النظام، خاصة وأن مصر بحاجة لمسار تغيير شامل ولكي يأخذ سيرورته كما يجب.

خالد حسن يوسف








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة تعتقل متظاهرين في جامعة -أورايا كامبس- بولاية كولوراد


.. ليس معاداة للسامية أن نحاسبك على أفعالك.. السيناتور الأميركي




.. أون سيت - تغطية خاصة لمهرجان أسوان الدولي في دورته الثامنة |


.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غ




.. تعمير - مع رانيا الشامي | الجمعة 26 إبريل 2024 | الحلقة الكا