الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إعلامية صومالية تكشف الفساد في الإذاعة البريطانية

خالد حسن يوسف

2019 / 9 / 24
الفساد الإداري والمالي




قبل أن تتحدث الاعلامية آمنة موسى وهيلي، إلى المجال العام، كنت ذكرت أن يوسف جراد الرئيس السابق للقسم الصومالي في بي بي سي، كان يسخر موقعه في العمل لخدمة ممارسته، ورغم أن ما أشرت إليه لم يكن له صلة بحياته الخاصة، بل كان إشارة إلى تسخير منصبه لقناعته السياسية، وبطبيعة الحال فإن الاستغلال لا يتجزء وهو في المحصلة يعود بالضرر على المجتمع.

وكنت أشرت إلى أن هناك عدد من الاعلاميين الصوماليين، الذين كانوا يتملقونه، وأن الآخرين كانوا يتجنبونه بحكم رئاسته للقسم، ومؤكد أنهم نظرا لضغوط الاقتصادية وحرصهم على التشبت بوظائفهم قد قادهم لتغاظي عن ممارسته.

ناهيك عن أن المنافسة فيما بينهم والتي تسببت في انشغالهم عن صون كرامتهم، الاعلامية الضحية ذكرت مساعدة بعض زملائها لها، إلا أن ذلك لم يكن كافيا بحكم تجنبهم لتغيير ظروف العمل التي كرسها رئيسهم في القسم وكانوا قابعين في ظلها ولم يعملوا على تغييرها، رغم أنها لم تكن مواتية بالنسبة لهم!

كما أن العديد منهم كانوا كممثلين إعلاميين لصراعات السياسية الصومالية، والتي كانت تحرص أن تجد لذاتها متنفسا إعلاميا من خلال ميكروفونات بي بي سي، وهو ما دفعهم للبقاء في بيئة تشوبها علاقات عمل غير صحية، وفي ظل اعتقادهم أنهم يخدمون قضايا تتطلب بقائهم، وأن رحيلهم سيشكل ضربة لمشاريع التجزئة الحريصة على أن تجد لذاتها في القسم الصومالي من بي بي سي موطن قدم.

المحصلة أن جميع الاعلاميين في القسم كانوا جزء من استمرار التعديات التي ارتكبها يوسف جراد، تجاه الشعب الصومالي وبصورة خاصة مع ما تعرضت له آمنة موسى وهيلي من قبله، وبدورها فإن إدارة العليا في بي بي سي، تتحمل مسؤولية تلك المعاناة، خاصة وأن الضحية حاولت ترك العمل وقدمت استقالتها وإن لم تقبل، والتي لم تجد فرصة التوقف عندها وتصحيح مجرى العمل في الإذاعة!

إن ذلك الواقع لم يكن بخلاف شخصي أو بين زملاء في العمل، حيث أن للأخير ضوابط ونظم تحسمه وتقود طبيعته في إطار بيئة العمل الرسمي، ولاسيما في الدول التي تحكمها أعراف تنظم علاقات العمل في مؤسساتها، ولاشك أن هناك حسابات ما كانت بدورها تقف وراء عدم إهتمام إدارة الإذاعة بصدد ما كان يجري في أوساط القسم الصومالي منها.

وتجربة آمنة وهليي، تعد من السياق الذي لا تسمح به سياسات العمل، حتى بالنسبة لمالكي العمل في القطاع الخاص، والذين تسري عليهم تقاليد العمل الموحدة، فما بال أن تكون هيئة العمل على غرار التجربة المشار إليها!

تحدثت الضحية أن رئيسها في العمل كان يجبرها لمشاركته حياته الخاصة، على غرار مصاحبته لتناول وجبات الطعام في الفضاء العام، ورغبته في أن تصاحبه إلى الملاهي الليلية، التي أكدت أنها لم تكن تروق لها إطلاقا، وأن رفضها لذلك دفعه أن يعيد هيكلة جدول عملها إلى الفترة المسائية، رغم كونها أم مسؤولة عن أسرة وحامل مريضة!

لقد تستر الجميع عن تلك الممارسات والبعض منهم كانوا جزء من ممارسات ارتكبوها في حق الصوماليين، ويضاف إلى هؤلاء الموظفين البريطانيين الذين أشارت إليهم الضحية، حيث ذكرت أن بعضهم كان على علم بممارسته تجاهها، إلا أنهم لم يتخذوا موقفا واضح من التعدي عليها.

التساؤل هو عن مدى الصدى الذي ستتركه تجربة الضحية في بي بي سي كمؤسسة؟ هل ستعود إلى قراءة تلك التجربة التي مرت في دهاليزها والتي لم تغيب عن أعين إدارتها العليا؟
خاصة وأنها تمثل كمؤسسة جزء من بيئة تقليدية أراد حزب العمال البريطاني إعادة صياغة علاقاتها الداخلية، من خلال تشريعات شملت بيئات العمل العامة.

وعلى خلفية الممارسات ذات الصلة بالسياسة خلال إدارته للقسم الصومالي في الإذاعة البريطانية، كتبت أن يوسف جراد، لم يكن بمستوى تعيينه كوزير لخارجية الصومال، وعلى سبيل المثال أيضا خلال تقلده لهذا المنصب أكدت العديد من الوقائع العامة أنه كان حريصا على منافسة الاعلام الرسمي الحكومي صلاحيته، واشارة ذلك أنه كان لا يزال يتقمص دوره الاعلامي السابق، ويعمل على إعادة زجه في وظيفته كوزير خارجية!

المحصلة أن آمنة وهيلي، أكدت أنها ستنشر كتاب عن معاناتها مع يوسف جراد، خلال عملها في القسم، عسى أن يكون ذلك عبرة لآخرين يتصدرون المجال العام، وفي المقابل يشجع ضحايا آخرين لمواجهة ممارسات الاستغلال التي يتعرضون لها في أماكن كثيرة.

ومن المؤكد أن الاعلامية آمنة ستتعرض على ضوء جرأتها لضغوط اجتماعية عديدة، ستحثها على التخلي عن نشر الكتاب الذي أعلنت عنه تحث مسمى Aniga iyo kaligii ككناية عن تجاربها مع الاستبداد والمستبدين، وخصصت قسم منه تحث عنوان Aniga iyo Yusuf Garaad في ظل واقع تجربتها مع رئيسها في العمل.

وبطبيعة الحال سيمثل في حال نشره وثيقة تاريخية، ستعيد النظر في ظل واقع العلاقات الاجتماعية لدى الكثيريين، كما أكدت الضحية عن رغبتها في تعلم العامة لأشكال الإعتداء والاستغلال الذي يتعرض له الناس عادتا، ورغبتا منها في قراءة رؤيتها وتجاربها.

وإمكانية الإستفادة من تلك التجربة التي ذكرت صاحبتها، أنها كادت تقودها إلى خوض الانتحار ،والتي كادت أن تضع حدا لحياتها، وانسحابها في اللحظات الأخيرة من مسرح الجريمة الافتراضي وحافة جسر أرادت أن تلقي بذاتها من أعلاه، لكي تتحايل على معاناتها.

إن تلك التجربة المثيرة للغاية يجب أن تدفع في إتجاه إعادة النظر لتدقيق في ماهية المنخرطين في الشأن العام، والتحقق من مدى احترافهم وعدم تمرير شخصيات استغلوا صلاحياتهم العامة أو مارسوا الضرر تجاه المجتمع الصومالي، خاصة وأن الكثيريين ممن يخوضون أدوار في المجال العام حاليا، معروف عنهم ما ارتكبوه، ورغم ذلك لا زالوا يمثلون ويتقلدون مسؤوليات رسمية تتجاوز قاماتهم!

خالد حسن يوسف








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا جرى في «مفاوضات الهدنة»؟| #الظهير


.. مخاوف من اتساع الحرب.. تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل| #




.. في غضون أسبوع.. نتنياهو يخشى -أمر- الجنائية الدولية باعتقاله


.. هل تشعل فرنسا حربا نووية لمواجهة موسكو؟ | #الظهيرة




.. متحدث الخارجية القطرية لهآرتس: الاتفاق بحاجة لمزيد من التناز