الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ذكرى إندلاع الحرب العراقية الايرانية ١٩٨٠

كفاح جمعة كنجي

2019 / 9 / 24
الارهاب, الحرب والسلام


في ذكرى اندلاع الحرب العراقية الايرانية ،
او اللعنة ، او قادسية العار.

الملازم الاول جابر نعمة مهنا.

إنخرطتُ في العسكرية الالزامية ، كجندي مكلف لثلاث اعوام ونصف في الحرب العراقية الايرانية،بقت ذكرياتها المرة تُهاجمني ككوابيس واحلام مزعجة حتى اليوم.
كنت في وحدةٍ للمشاة وجُل تواجُدنا في الجبهة في الخطوط الامامية او مايسميه العسكريين الحجابات وتعني بالعربية الفصحى خطوط التماس مع العدو.
نقلني آمر سريتي وكان برتبة رائد من بعقوبة ((اسمه قيس صالح الدباغ جرح في كتفه ونقل بسببها لاحقا لمديرية البريد العسكري / بغداد)) ،نقلني الى مكتب السرية او مايعرف بالقلم بحكم مهنتي وهوايتي كخطاط.
مازلت اذكر حين اتاني الملازم الاول جابر نعمه مهنا للمكتب المبني من اكياس الرمل والجنكو اوالصفيح في الخامسة عصرا من شهر شباط القارس البرودة من عام ١٩٨٣ وهو منقول لسريتنا من وحدة أخرى فرحبت به ، كان شابا رشيق القامة متواضع وبسيط جدا ولم اشعر به كضابط انما شعرت باني التقي بصديق اعرفه منذ زمن بعيد سيما اننا متقاربين في السن.
قدمته له شاياً ..كانت ملامح وجهه منقوشه بفرح مخفي، وحزن دفين وعميق ينتشر على كل جزء من وجهه ،و لم يتكلم كثيرا .
قبل مجيئه إلّي في المكتب ، استلمت راتبه مُغلفا في مظروف من ضابط الحسابات ملازم اول جاسم ناصر ضابط اداري ومحاسب الوحدة.
واثناء تناوله الشاي الذي قدمته له ، سلمته اياه الراتب وقلت له تفضل راتبك وصل قبلك.

اخذ شهيقاً بعمق واخرج حسرة عميقة من صدره وقال:
ياماجد :
شسوي بالراتب بالخطوط الامامية ،نعلة على كل اموال الدنيا.

عقبت على كلامه:

نعم سيدي ليتها تقف الحرب وناكل خبز وبصل ونعيش بسلام ولتكن جيوبنا فارغة.
ودعته وعينتاه مليئتان بحزن عميق ولم ادرك لماذا..استقل سيارة الواز المخصصة للضباط واتجهه نحو الخطوط الامامية وكانت الساعة تشير الى السادسة تقريبا.
هناك كان مُلزما ان يمر على آمر الوحدة ومساعده ولم يمضي وقتا طويلا معهم اذ امرهُ آمر الوحده بالتوجه لفصيله ..هناك حط حقيبته بين جنود فصيله الجديد.
في الثامنة مساءا عين اليوم اي بعد ساعتين فقط على توديعي للملازم الاول جابر اتاني امرا من آمر الوحدة بتشيكل مجلس تحقيقي عن كيفية استشهاد الملازم الاول جابر نعمة مهنا.
صعقت حين سماعي الخبر. ..
استشهاد جابرنعمة مهنا!!!
هل هو معقول؟؟
ان يكون قد ابتلعته طاحونة الحرب بهذه السرعة القصوى؟؟
نعم الخبر هو يقين!!!
علمت لاحقا من الجنود ، اثناء خروجه من ملجئه ليقضي حاجته بين الملجأ والمكان المتوجه اليه ، سقطت قُربه قذيفة مدفع هاون ايراني من عيار ٨١ ملم فبعثرت جسده لاِشلاء..
جابر نعمة مهنا ، لم يمضي سوى ساعات محدودة بيننا في وحدته الجديدة ولم يتعرف حتى على ضباط سريته ووحدته .
ستبقى المًا إنسانياً في ذاكرتي ..
الرحمة والسلام لروحك ولارواح ضحايا الحرب من الجانبين.

لِتُقبر نيران الحروب للابد .يحيا السلام بين الشعوب.

كفاح جمعة كنجي
ايلول 2019








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليمن.. حملة لإنقاذ سمعة -المانجو-! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. ردا على الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين: مجلس النواب الأمريكي




.. -العملاق الجديد-.. الصين تقتحم السوق العالمية للسيارات الكهر


.. عائلات الرهائن تمارس مزيدا من الضغط على نتنياهو وحكومته لإبر




.. أقمار صناعية تكشف.. الحوثيون يحفرون منشآت عسكرية جديدة وكبير