الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هكذا تكلم البرتقال

هيثم جبار عباس
شاعر ، كاتب، صحفي

(Haitham Jabbar Abbas)

2019 / 9 / 24
الادب والفن


ولد بمدينة خضراء من كثر اشجارها , ومات طريا مثل برتقالة ناضجة , الشاعر ابراهيم الخياط الذي فجعنا بموته وترك ( جمهورية البرتقال) مشرعة الابواب والشبابيك , تعصف بها الريح حزينة دون سادن للاشجار.
اهدى جمهوريته الى الحبيبة التي اسرت اول الكاظمين , ثم كاسب كار الذي بكى بعد الاربعين على رجيف ناياته , حتى صار يعلم ان البحر صغير , والسماء دون عيونه .
ثمة ضجة كبرى الا انها صديقة الخياط فهو القائل: (( امن الضجة كل ما بي , شاعرا اطلقتُ قلبي , وسميتُ عشقي برتقالا )) فقد كان عشقه لامرأة الوجع الحلو كبيرا جدا , حتى من فرط ما كان يسري اليها عرفته الدروب, وصاحبته القناطر , وما عادت الانهار تجهله , وهي التي كانت تقد قميصه كل ليلة ولا يقول ربي السجن احب الي منهن .
كان ابراهيم الخياط يحكي للبساتين الصديقة قصة عشقه , ويحكي لها عن النار والنارنجة والناطور , عن محمل الجمر الاخضر , عن النهر الغض الذي لا يشيخ , عن بعقوبة عن المطر الرشيق , عن طقسٍ قزحي عن امرأة الوجع الحلو. وقف الخياط بين الاسى واستدارة النهر الذبيح , ونظر الى النهر كيف يجر بروحه جرا , مثل جندي جريح هو الحي الوحيد في نهاية المعركة بعدما نفق الطرفان , فقرأ له سورة الماء المدمى , ودعاء انتكاسات القلوب , فلم يبق له غير المدينة التي تسوره باشجارها وتأمره بالبكاء فصرخ ــ انا المجبول دمعا ــ فقبل جفاف النهر جف القلب , ثم جاء صاحب حُداء الغرانيق , وعلى قميصه دم الاسئلة , البسوه جناية فترنح وتراقص على مقام عراقي ينزف حزنا عميقا اقصد (مدمي الشباب) , حيث ساحت روحه بين حربين , كان يبكي , عشرون عاما يبكي وهو يغزل رئة ثالثة للبارود , يبكي حتى انسته الحروب اسم روحه سِفرها , كان ينط من حرب لاخرى ويجلس فوق تلة النار , وفي النهاية اخذ يبيع الاسرار التي لا يبوح بها , يبيع الليمون دون معرفة , يبيع الشتائم المحفوظة في لجة الكافور , ثم ينرجس بضاعته الانيقة , في زوايا المخافر والمدافن والحانات هكذا جعلته الحروب يغازل النعش المتجول في البساتين ويحاور الجثث البائتة , كان يتقافز بين البنادق المهزومة والخوذ الشهيدة حتى صرخ بصوت عال : عشرون عاما وانا ادور, اهاجر, انكفى , عشرون عاما وانا اموت بالتقسيط المريح .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحمد حلمى من مهرجان روتردام للفيلم العربي: سعيد جدا بتكريمي


.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |




.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه


.. مراسل الجزيرة هاني الشاعر يرصد التطورات الميدانية في قطاع غز




.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال