الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تشبيح حزبي وبازارات على القضية

إدريس سالم

2019 / 9 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


إن مصطلح «شبيحة حزبية» ليس مصطلحاً جديداً على اللغة السياسية الدارجة في سوريا عامة وبين الكورد خصوصاً؛ كونه كان يشير إلى جماعات وأفراد، يقومون بأعمال تنافي القانون أو أنظمة الأحزاب الداخلية ومبادئها الأخلاقية، دون أيّ حساب أو رقيب؛ بسبب ارتباطهم بشخصيات نافذة وأجندات مستفيدة. وعادة ما يُطلق هذا المصطلح على أشخاص يتمتّعون ببنية بدنية قوية، يستثمرونها في الاستزلام لحساب شخصية نافذة، تقوم بالنيابة عنه بالأعمال القذرة، من ضرب الخصوم والاعتداء على المنافسين في أيّ مجال كان.

في داخل كل حزب كوردي أو سوري، هناك أعضاء وقياديين على هيئة «جوليان أسانج»، صاحب منظمة «ويكيليكس»، التي تأسّست عام 2006م، ولكنهم يختلفون عن رئيس تلك بالمنظمة بأنهم لا يملكون الجرأة ولا الإرادة، ومتميّزون بالخوف والجبن، ولا يعلمون أن شعور الخوف متبادل بين الجريء والجبان.

وليس من الحرج على مَن يتابع مواقع التواصل الاجتماعي، أن يميّز بين الآراء الحرّة، وبين الآراء الموجّهة المتحزّبة، وبمرور الوقت يستطيع تمييزها بسهولة، حتى لو غلّفت رأيها بكلام هادئ، أو بنشر فيديوهات أو أخبار أو تغريدات إلى غير ذلك من الوسائل المعروفة.

وواقع الحال يقول، أن علينا الاعتراف بحقيقة مؤلمة، وهي أن هناك حزب كوردي واحد، لا يوجد حتى الآن بين أعضائه ومؤيّديه تشبيح أو شبّيحة أو ذبّان، وهو الحزب الذي لم يؤسّس بعد، ولا وجود له على أرض الواقع!

فللوقوف على موضوع الشبّيحة الحزبية، أو ظاهرة التشبيح، لا بدّ من نظرة تأمّلية، ومراجعة ذاتية، لمجموعة من الأسئلة التي قد تخطر على بال كل صادق مؤمن بحياة كريمة، فيها الثقافة الهادفة، والعدالة الموضوعية، والآراء الحرّة، والتعليم الصحّي والسليم، والالتزام بالقانون وتطبيقه:

هل قرأتم يوماً، مقالاً نقدياً موضوعياً، تمّ فيه التباحث حول سياسات وصراعات حزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا، وتسليط الضوء على قضايا سياسية معيّنة، وتحليلها، وكشف أبعادها وتداعياتها، وطرحها لجمهوره أو الرأي العام بصورة مفهومة، ومنشوراً في صحيفتهم «كوردستان»، أو موقعهم الإلكتروني «روجآفا نيوز»، أو قناتهم التلفزيونية – الفيسبوكية «آرك – ARK TV»، أو إذاعتهم «ريباز نيوز – Rebaz News‎‏»؟

هل قرأتم يوماً، تحليلاً نقدياً دقيقاً مجرّداً من العاطفة، منشوراً في موقع «يكيتي ميديا»، الناطق باسم «حزب يكيتي الكوردستاني»، مستهدفاً سلسلة الجرائم الحزبية المقيتة، التي يرتكبها أعضاء في حزب يكيتي الكوردي أو الكوردستاني «أجنحة فؤاد عليكو، إسماعيل حمي، إبراهيم برو، وسليمان أوسو»، بحق حزبهم، وسياساته، وأعضائه، ومؤيّديه، والأهم قضيتهم؟

هل قرأتم يوماً، أن كاتباً صحفياً، يعمل بصفة «عضو مستقلّ» في المجلس الوطني الكوردي، وقام بكتابة تحقيق صحفي نزيه وشفّاف، أو ريبورتاج عام، حول الاختلاسات المالية وفساد بعض أعضاء المجلس الكوردي – المترفّهون الآن في أوروبا – الذين يسرقون مقدّرات المجلس المالية والإغاثية، والتي من المفترض أنها أمانة بأعناقهم؛ لأنها مُلك الشعب والقضية؟

هل قرأتم يوماً، أن قيادياً رفيع المستوى في المجلس الوطني الكوردي، قام بتقديم استقالته للرأي العام الكوردي والسوري؛ احتجاجاً على اكتشافه مجموعة خونة يسرقون من خزينة المجلس الكوردي، أو اعتراضاً على قرار أو موقف أو تصريح سياسي، كان سيضرّ بالشعبين الكوردي والعربي السوري، أو رفضاً على قبول المجلس لبعض سياسات وتصريحات الائتلاف السوري المعارض؟

هل شاهدتم يوماً، على القنوات الكوردية، أو سمعتم على إذاعاتها، أن حكومة الإدارة الذاتية، قامت بمحاكمة مسؤولين وقياديين فاسدين عاملين في إدارتها، وأنها نشرت بياناً توضيحاً فيه كلّ ملابسات القضية، من دوافع الفساد والاختلاس وأسبابه وأسماء داعمة وجهات وأجندات مستفيدة؟

هل عايشتم يوماً، حزباً كوردياً نقيّاً، رافضاً تلبية متطلّبات وتوجّهات الأجندات الدولية والمنظّماتية والشخصية، أو الإيديولوجية، أو السياسية، أو التكتلية، في المقابل، كان قريباً من الهمّ الكوردي المستفحل، وآلامه ومصائبه وتكالب الأمم والدول عليه؟

كلّ سياسي حزبي لا يؤمن بقضيته، ولا يناضل بصدق وموضوعية في سبيل الإنسان والمجتمع هو شبّيح، بل أرذل الناس تشبيحاً. كل سياسي حزبي يسرق مقدّرات الحزب المالية، ويتاجر بها لمنافعه الشخصية والعائلية هو شبّيح. كل سياسي حزبي يعمل داخل حزبه في سبيل الحصول على الجنس والتلذّذ بشكل أو مضمون رفيقاته الحزبيات هو شبّيح.

لقد استنزفت هذه الظاهرة الفيروسية طاقات شبابية، ووضعت سمعة العديد من المناضلين والسياسيين الشرفاء على المحك، ومواجهتها هي مسؤولية الجميع، فليس من الإجحاف أن يتم خلط الأوراق، واتهام أيّاً كان، لتصفية حسابات معينة، لمجرّد اختلافه بالرأي ومطالبته بإشاعة الديمقراطية في عمل الأحزاب ومحاربة الفساد والاستغلال، بأنه إما ملغوم أو مرتزق أو مشكوك في أمره، فتلك من نتائج عمل الأنظمة الاستبدادية الشوفينية، فهل سنشهد محاربة لظاهرة التشبيح الحزبي داخل الحركة الكوردية، بالتوازي مع محاربة الفساد والتسلق والارتزاق؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وملف حجب تطبيق -تيك توك-.. تناقضات وتضارب في الق


.. إدارة جامعة كولومبيا الأمريكية تهمل الطلاب المعتصمين فيها قب




.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م