الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استهداف أرامكو خطوة تصعيدية ذات أبعاد استراتيجية

محمود جديد

2019 / 9 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


استهداف أرامكو خطوة تصعيدية ذات أبعاد استراتيجية
===================================

إنّ تفجير. أرامكو بتاريخ 14 / 9 / 2019 , وإعلان التحالف الحوثي - الجيش في صنعاء عن مسؤوليته في تنفيذ ذلك ردّاً على استمرار الغارات الجوية السعودية على اليمن ومحاصرتها كان الحدث الأمني الأبرز في هذا الشهر نظراً لمكانة وأهمية أرامكو في السوق الدولية النفطية المعروفة . وكان الاتهام السعودي لإيران متوقّعاً وغير مستغرب , ويتأرجح ضمن مروحة الاتهام المباشر بالتنفيذ , أو بشكل مباشر باعتبارها هي المصدّرة للأسلحة المستخدمة في الهجوم , لعدم هضم السعوديين وغيرهم ادّعاء الحوثيين بقدرتهم على صناعة الصواريخ والطائرات المسيّرة من جهة (والتي تقول المصادر الأمريكية أنّها 12 صاروخاً , و20 طائرة مسيّرة ), ومحاولة استجداء تعاطف العالم ومساندته لمحاسبة إيران من جهة ثانية. مع العلم أنّه لاالحكومة السعودية, ولا أمريكا أو أي طرف دولي آخر استطاع تقديم الدليل المادّي الموثّق لهذه التهمة حتى الآن, علماً أنّ هناك إرباكاً يمنيّاً في تعدّد الروايات . هذا وقد أسرعت القيادات الحوثية باقتناص الفرصة المناسبة وعرض مبادرة سلمية للتوقّف عن استهداف الأراضي السعودية مقابل توقّف الغارات الجوية للتحالف السعودي على اليمن ورفع الحصار عنه .
هذا موجز عن المعطيات المتوفرة حتى الآن , وفيما يلي الملاحظات والاستنتاجات التالية :
- ثبت عجز الشبكة الواسعة لمنظومة باتريوت الأمريكية وما أضيف إليها من شبكات أوربية التي تغطي الفضاء السعودي عن اكتشاف وتدمير هذه الصواريخ والمسيرات قبل وصولها إلى أهدافها .
- تردّد دول العالم ومنها أمريكا عن اتخاذ موقف حاسم يقضي بمهاجمة أهداف إيرانية كردّ على التهمة الموجهة إليها , ولكلّ منها حساباته ودوافعه .
- عدم توفّر موقف موحد داخل أمريكا, والأرجحية لتجنّب خوض حرب مع إيران مادام الأمر لا يهدّد الأمن القومي الأمريكي .
- لإيران دول عظمى صديقة لن تدعها تجوع وتسقط لصالح أمريكا , لأنّها تعتبر إيران بوابّة هامة جداً لأمنها القومي كروسيا , أو لأمنها الاقتصادي الاستراتيجي كالصين باعتبار إيران تقع على منتصف طريق الحرير الذي سيوصلها إلى البحر المتوسط, هذا الوصول الذي سيساهم مساهمة رئيسية في جعلها القوة الاقتصادية الأولى في العالم , وما المناورات البحرية في المحيط الهندي وبحر العرب للدول الثلاث سوى إحدى الإشارات على هذا الاهتمام والذي يحدث لأول مرّة .
- علّق مبعوث الأمم المتحدة في اليمن البريطاني : مارتن غريفيث بقوله : " يرحب بالمبادرة التي أعلنها أنصار الله في 20 سبتمبر، بشأن وقف الأعمال العدائية العسكرية ضد المملكة العربية السعودية، كما يرحب بالتعبير عن المزيد من الانفتاح تجاه تنفيذ اتفاق تبادل الأسرى والمعتقلين والرغبة في حل سياسي لإنهاء الصراع " , وقد أثنى الاتحاد الأوربي على هذه لمبادرة , وفي الوقت نفسه , علّق عادل الجبير بقوله : " العبرة في الأفعال لا في الأقوال ", وهذا التعليق يحمل في طياته بعض طعم مرارة الردع الحوثي, والعجز السعودي الناجم عن التخلّص من المغرقة الدموية في اليمن بعد أربع سنوات ونصف من المقامرة العبثية لمحمد بن سلمان فيها, والذي بادر بدوره بالطلب من رئيس الوزراء الباكستاني التوسط لدى روحاني لحلحلة التصعيد بين السعودية وإبران .
- إنّ اللغز المحيّر هو معرفة موثّقة لمصدرإطلاق هذه الحملة الجوية المركّبة , وكيفية وصولها لأهدافها بدقّة والتنسيق فيما بينها . وهنا نودّ توضيح مايلي :
1 - إنّ الأسطول الأمريكي منتشر في الخليج العربي وبحر عمان , ولديه راداراته , كما تنتشر القواعد الأمريكية بدءاً من جنوب تركيا مروراً بالعراق والكويت والسعودية وقطر والإمارات والبحرين, وكلّها مزوّدة براداراتها الخاصة , ورغم ذلك, هل تقدر هذه الصواريخ بالتسلل من الأراضي الإيرانية ؟ !!!!!! والأدهى والأمرّ لحكام الخليج وحماتهم إذا استطاعت لذلك سبيلاً .
2 - الطائرات المسيّرة الأمريكية تجوب الفضاء الخليجي, و تغطي راداراتها الحديثة منطقة الخليج بكاملها, وبشكل دائم .
3 - الأقمار لصناعية الأمريكية , والأوربية , والإسرائيلية , والروسية تغطي فضاء المنطقة دون انقطاع وهي لن تحابي الصواريخ الإيرانية, وصورها تمسح الجو والبحر والأرض بصورة مستمرة .
وعلى كلّ حال , سبق وأن ضربت الصواريخ والمسيرات الحوثيةأهدافاً سعودية حتى مسافة 1100 كم في عمق الأراضي السعودية , ومنها مَن حقّق مهامه بدقة , والبعض الآخر تمّ إسقاطه, ولا أحد نفى هذه الوقائع والجهة التي أرسلتها.
4 - والسؤال المهم أيضاً هنا : هل ستشنّ أمريكا الحرب على إيران لتأديبها وردعها , وتأكيد مصداقيتها في حماية أتباعها من حكام الخليج , وإثبات بلطجتها العالمية ؟.
إنّ القدرات العسكرية الأمريكية تفوق بالتأكيد إلى حدّ كبير قدرات إيران , ولكن هل سيكون استهداف إيران نزهة ؟ إنّ ثمنه سيكون فادحاً, وبالدرجة الأولى بالنسبة لأقطار الخليج , فالصواريخ الإيرانية لن ترحم الدول التي تنطلق منها الصواريخ الأمريكية , ونفطها ومنشآتها, وسيلحق بها أذىً بليغٌ . كما لن تسمح إيران للغارات الجوية والصاروخية الأمريكية بتدمير الأهداف الإيرانية هدفاً بعد هدف وبالتقسيط , وإنّما ستصبّ ماتقدر عليه من مخزونها الصاروخي الكبير على جميع القواعد الأمريكية التي تطالها في البحر والجو والبرّ , وعندئذ سيلعن ترامب اللحظة التي اتخذ فيه قرار الهجوم على إيران ذات القدرات العسكرية والشعبية المنظمة المسلحة لشعب يبلغ عدده حوالي 82 مليون نسمة , ومساحة حوالي( 1648194 كم2) , وبالتالي, ستصبح دروس وعبر غزو أفغانستان, والعراق على أهميتها ضئيلة بالمقارنة بما سيحدث.
وإضافة لذلك كلّه, يوجد حلفاء لإيران في المنطقة سيوجعون الكيان الإسرائيلي , ويضربون المصالح الأمريكية على امتداد مساحات واسعة ...
وعلى كلّ الحال , فاستهداف أرامكو حقيقة واقعة, وقد اعترف الحوثيون بتنفيذها حتى إثبات مايدحض هذا الاعتراف .
واستناداً لهذه المعطيات , فالحرب على إيران مستبعدة , ويبقى الباب الوحيد المفتوح والآمن والأقل تكلفة بشرية ومادية هو :
- الجنوح للسير على طريق الحل السياسي المطروح في اليمن تحت إشراف مبعوث الأمم المتحدة لوقف مقتلة اليمن واستنزاف الجميع , مع المحافظة على كرامة ومصالح كافة الأطراف وفقاً للقانون الدولي , وحسن الجوار والروابط القومية , ومخرجات الحوار الوطني الذي أداره المبعوث الأسبق للأمم المتحدة جمال بن عمر في الربع الأول من عام 2014 وقبيل هجوم التحالف السعودي الطائش المدمّر .
- وقف التصعيد القائم حالياً بين دول الخليج العربي وإيران , والدخول في مفاوضات جدية بينهما على أساس القانون الدولي , والامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية , وإقامة علاقات طبيعية بينها , وإيجاد صيغة إقليمية مشتركة تحت رقابة دولية للإشراف على الملاحة في مضيق هرمز وفقاً للقوانين الدولية .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترقب لرد حماس على مقترح الهدنة وسط تفاؤل تبديه القاهرة


.. استمرار الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأميركية




.. النازحون يتطلعون إلى وقف قريب لإطلاق النار بسبب أوضاعهم الصع


.. إسرائيل تغتال عنصرا تابعا للحرث الثوري الإيراني في قلب طهران




.. فصائل فلسطينية عدة اتخذت من الجنوب اللبناني منطلقا لتنفيذ عم