الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاكمة صدام .أم محاكمة النموذج العربي للحكم؟

محمد مشير

2006 / 5 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


" ايها الغرّ قد خصصت بعقل فاسألنه فكل عقل نبيّ "
- ابوالعلاء المعرّي -
ملك في زيارة لخارج البلاد ترده الاخبار بحلول آخر محله، رئيس يغتال يستلم آخر مقاليد السلطة و الحكم ، ملك لا ينفك من عرشه اِلا بسكته قلبية أوجلطة دماغية،رئيس يسلب السرطان حياته يتولى ابنه الزعامة ، ملك يرحل فيقوم ابنه مقامه في العرش.. الحكم ارث يتقاسمه افراد العائلة الواحدة ، الانتخابات مفردة لا وجود لها في قواميس الانظمة العربية ،حكام طغاة ،شعوب بائسة جميع فصولها السبات، و هكذا دواليك في معظم الدول العربية، منذ ان تكونت ككيانات سياسية ،تقمصت شعوبها التخلف والسكوت والتحذلق واحترف حكامها و جلادوها الاستبداد. اما القلة المثقفة – النخبة – وان ادركت ضرورة التغيير والعمل الجاد من اجل تنشيط حركة التغيير والانفتاح نحو الديمقراطية وحرية شعوبها ،الا انها ما زالت غير قادرة عن التحول كحركة نخبوية الى مشروع جماعي أوحركة جماهيرية ذات قاعدة عريضة. فكل من تابع عن كثب الاوضاع السياسية في البلدان العربية تجسدت امامه صورة قاتمة تكمن تفاصيلها في سيادة انظمة شمولية متوارثة ودكتاتوريات حاكمة ابا عن جد من جهة ، و غياب المثقف والشارع العربي من جهة اخرى، مرافقا على طول الخط بهيمنة اعلامية لأبواق الانظمة الدعائية وبالتالي قنوات فضائية مدعومة برساميل هائلة اغلبها تهدف في سياساتها الاعلامية – بالاحرى في خطابها الاعلامي – على وجه العموم، ان لم يكن المطلق ، تشويه الوعي العام و الحفاظ على الوضع القائم بتخلفه وتساهم في الوقت ذاته بشكل فعال و مؤثر في ترويض و اخضاع الاكثرية لما هو سائد ، وبناء سد منيع امام كل ما هو خارجي (أجنبي).
مما لا شك فيه ان للسياسات الديماغوجية لاصحاب السلطة في الدول العربية دورا بالغ الاهمية في تغييب و تهميش كل من النخبة والشارع العربي في المعادلة السياسية ،و لكن ما يحير العقول ويثير التساؤل دوما – رغم المحاولات المستمرة للنخبة في تحويل حركة التغيير الى حركة واسعة ذات ابعاد زمكانية – هو عدم ثقة القاعدة الشعبية بنفسها و ايجاد نفسها في حيرة و اندهاش مما يجري من حولها من تغيرات و تطورات سريعة ، دون ان تراجع نفسها وتتساءل لماذا الانجرار دوما وراء الحدث؟! اذ انها تعتبر كل تغيير آت من الخارج أوعن طريق قوى اجنبية هو في عداد الممنوعات وغير مرغوب فيه ما دامت آتية من الخارج دون تقيمها موضوعيا و النظر اليها من زاوية مدى تطابقها مع مصالحها أو مدى كونها عوامل مساعدة في عملية التغيير.و بناء عليه فلا ريب في ان نشهد ردود افعال مرتبكة و خالية من الجديد فيما يتعلق بمحاكمة الطاغية ( صدام حسين ) رغم كونها حدثا كبيرا على جميع الاصعدة سواء عالميا أم اقليميا أو محليا . فعلى مدى تاريخ البلدان العربية قاطبة لم يشهد العالم العربي حدثا بهذه الضخامة من حيث النوعية . ولذا من البديهي ان يكون لحدث كهذا انعكاسات – من المفرض ان تكون ايجابية – سريعة و هامة على مجريات الامور في المنطقة برمتها ، الا اننا لم نلمس ذلك خلال متابعتنا لردود الافعال في الاوساط الشعبية العربية – باستثناء العراق – اذ ان الجماهير العربية باغلبيتها ما زالت حائرة لا تصدق ،أو الاصح روّضت على عدم التصديق ،بان ( فارس الامة ، المدافع الوحيد عن البوابة الشرقية للوطن العربي ، رائد القادسية الثانية...الخ ) الذي ما كان لأحد ، و حتى هو نفسه ، ان يتصور حتى الامس القريب ، ان يأتي يوم يحاكم فيه محاكمة عادلة و على يد قضاة عراقيين .
فالمحاكمة و ان كانت غير مستساغة من قبل الجماهير العربية التي ما كانت تسمح لنفسها حتى في الحلم بمحاكمة أحد حكامها المستبدين الا انها ستغدو عاملا مساعدا فعالا في تهيئة الارضية المناسبة لتغييرات قادمة ستشهدها المنطقة ، و رياح التغيير قد هبّت بما لا تشتهيه سفن الطغاة و المستبدين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكسيوس: الولايات المتحدة علّقت شحنة ذخيرة موجهة لإسرائيل


.. مواجهات بين قوات الاحتلال وشبان فلسطينيين أثناء اقتحامهم بيت




.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال تقوم بتجريف البنية التحتية في م


.. إدارة جامعة تورنتو الكندية تبلغ المعتصمين بأن المخيم بحرم ال




.. بطول 140.53 مترًا.. خبازون فرنسيون يعدّون أطول رغيف خبز في ا