الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف يمكن ان تخسر الولايات المتحدة العراق؟

محمد رياض حمزة

2019 / 9 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


كيف يمكن ان تخسر الولايات المتحدة العراق؟*
ترجمة : محمد رياض حمزة
(اليوم في العراق تدور معركة نفوذ وأن أيران هي الفائزة)
تعد سفارة الولايات المتحدة الامريكية في بغداد أغلى تكلفة وأكبر سفارة في العالم ، ويعمل فيها أكثر من عشرة أضعاف العاملين في سفارة الولايات المتحدة في بكين. السفارة الامريكية ببغداد مجهزنة بمحطة خاصة لتوليد الكهرباء (خاصة بمجمع مرافق السفارة) ، ومحطة لمعالجة المياه ، وحوض للسباحة بمواصفات أولمبية . وتقدر كلفة مجمع أروقة السفارة بأكثر من مليار دولار. ومن الناحية النظرية ، يعمل في مجمع السفارة أكثر من ألف دبلوماسي ومسؤول من وكالات أخرى ، مع أعداد من قوات الامن اضعافا مضاعفة لاعداد الدبلوماسيين.
ومع ذلك ، وبعد أكثر من عقد من بدء عمل الدبلوماسيين الأمريكان ، لم يتراجع النفوذ الأمريكي في العراق لكنه انخفض مع انخفاض الوجود العسكري الأمريكي . لذلك اشتكى عدد من الدبلوماسيين من شح الموارد ، فجاء الرد بان الاستثمارات الدبلوماسية الصغيرة توفر المال على المدى الطويل و تُجنِّب التدخلات العسكرية مستقبلا. واليوم ، يبذل الدبلوماسون الأمريكان في العراق قصارى جهدهم لتقويض هذه الحكمة التقليدية. فأصبحت السفارة الأمريكية في بغداد كيانًا موجودًا لتلبية احتياجاتها الخاصة ، غافلة عن المدينة المحيطة بها( بغداد الكبرى).
قبل عقد من الزمن ، كان الوضع الداخلي في العراق يُعد خطيرا. ويبقى كذلك ، ولكن في إعتبارات أخرى . وقبل عامين مرت هجمة ( المقصود داعش ــ المترجم ) وانخفض العنف بشكل كبير أواخر عام 2018 ، وانخفض عدد القتلى والجرحى المدنيين نتيجة الهجمات الإرهابية أو العنف السياسي إلى درجة أن الأمم المتحدة توقفت عن نشر تقارير شهرية.
رئيس الوزراء عادل عبد المهدي لم يقم فقط بهدم وإزالة العديد من الجدران المنتشرة في بغداد لمنع الهجمات الارهابية والتفجيرات بل وإزال نقاط التفتيش التي تسببت في الاختناقات المرورية في جميع أنحاء بغداد . وكذلك رفع القيود المفروضة المعوقة لوصول المسافرين ومودعيهم إلى المطار . وسمح لمستقبلي المسافرين الوقوف قبالة القادمين مثل أي مطار آخر في جميع أنحاء الشرق الأوسط. وعادت الحياة الطبيعية الى نواحي بغداد مما ادى الى ازدهار المطاعم والحياة الليلية في جميع أنحاء العاصمة. فيشاهد الرجال والنساء في المقاهي القديمة والجديدة منها. وافتتحت فنادق بمواصفات الرفاهية لاستيعاب تدفق الزوار من رجال الأعمال. وتقدم الملاهي انشطة ترفيهية واسعة ، وتزداد شعبية المرافق التقليدية كسوق الكتب في شارع المتنبي الدائم الاكتظاظ برواده. ذلك بالرغم من كل ما يذكر عن تنامي الموروث الاسلامي في العراق . فالسوق الحرة في شارع "أبو نواس" إعادت الحياة التقليدية للشارع ومقاهيه . هذا الشارع يقع عبر نهر دجلة ببغداد مقابل مجمع السفارة الأمريكية . ويشاهد الوجود الإيراني المحدود متثملا ببعض المطاعم الايرانية الراقية التي تتنافس مع المطاعم العائمة في دجلة التي تقدم المأكولات العراقية واللبنانية التقليدية .
يقينا ، وانه خلال عام او عامين مقبلين ، سوف لن يتمكن معظم الدبلوماسيين الأمريكيين من الاستمتاع بولادة بغداد الجديدة . فغير مسموح لمعظمهم بالخروج من مقراتهم. إذ يخضع المتعاقدين الأمريكيين لقيود أمنية صارمة ، ولا يمكنهم مغادرة فندق بابل روتانا ، الذي أصبح سجنا ذهبيا مشهورا في بغداد. في حين أن معظم المسؤولين العراقيين ، والعراقيين جميعا ، لن يروا ولا يمكنهم الوصول إلى اي دبلوماسي أمريكي . بينما يتجول الدبلوماسيون الإيرانيون والأتراك بحرية. كذلك يزداد عدد الدبلوماسيين الأوروبيين الذين يسمح لهم بزيارة عدد أحياء بغداد الجميلة - كالجادرية ، ألعرصات ، المنصور ، القادسية ، والكاظمية ببساطة . حتى شركاء أمريكا يدركون أن معظم مناطق بغداد اليوم آمنة مثل أنقرة أو إسلام أباد أو بيروت.
المتوقع أن يدافع ضباط الأمن بوزارة الخارجية الامريكية عن تحجيم حركة الدبلوماسيين حفاظ اعلى سلامتهم ، وهذا التحوط المنطقي سيعيق الدبلوماسيين من القيام بوظائفهم لإستثمار الديمقراطية في العراقي . فمعظم المسؤولين الأمريكان الزائرين يتعاملون مع المسؤولين التنفيذيين العراقيين فقط: الرئيس برهم صالح أو رئيس الوزراء عبد المهدي ، على سبيل المثال. ولاحظ برلماني عراقي أن الدبلوماسيين الأمريكيين لا يزورون البرلمان أبدًا ، على الرغم من أن المبنى آمن ويقع على بعد نصف ميل من السفارة الأمريكية. ولا بشاهدون في المؤتمرات التي تعقد في فندق الرشيد. انسَ وجود ومشاركة أي دبلوماسي أمريكي هناك. علما بأن الدبلوماسيين الأمريكان في بغداد تدفع لهم ،اضافة الى رواتبهم، مخصصات الخطورة ومكافآت المشقة ، ويمكنهم تحقيق أفضل أداء في ظائفهم عبر مؤسسة " سكايب "من واشنطن.
في العراق تدور اليوم معركة للنفوذ ويمكن إعتبار ان إيران منتصرة. فإيران تستغل الميليشيات التي تمولها وتدعمها التي أطلقت مدافع الهاون بإتجاه القنصلية الأمريكية في بغداد مما جعل وزارة الخارجية أن تقرر ببساطة التخلي عن موقع القنصلية . علما بان مسؤولين عراقيين كانوا قد صرحوا بأنهم لا يسعون إلى الحصول على مزيد من المساعدات الامريكية ، بل يسعون لجلب الاستثمارات الأمريكية . ويمكن أعتبار إجراءات وزارة الخارجية الامريكية بتحذيرات سفرالأمريكان والشركات الى العراق إجراءات عفا عليها الزمن ومبالغ فيها، لأنها ستبقي معدلات التأمين على الاشخاص والشركات مرتفعة وتثني رجال الأعمال الامريكان المهتمين بالاستثمار في العراق .
إن توجه عادل عبد المهدي إلى الصين مصطحبا ستة عشر من حكام المحافظات العراقية دلالة على جوع العراق لجلب الاستثمارات . فيما نعرف رغبة إدارة ترامب ووزارة الخارجية في تعزيز الأعمال التجارية الأمريكية خارج الولايات المتحدة .
منتقدو السياسة الأمريكية في العراق يمكنهم إلقاء اللوم على الرئيس "جورج دبليو بوش" وقراره بالحرب على العراق الامر الذي مكن ايران من بسط نفوذها على العراق. ويمكن إعتبار هذا التصور تبسيط مبالغ فيه. فإذا خسرت الولايات المتحدة العراق بسبب النفوذ الإيراني ، فإن ذلك بسبب السياسات الأمنية لوزارة الخارجية الامريكية داخل العراق التي تهزم نفسها بنفسها ، وعجز حكومة الولايات المتحدة عن الاستفادة من أعظم قوتها المتمثل بالشركات الأمريكية – التي يمكنها أن تبقي على النفوذ الامريكي قويا ، فالإدارات الامريكية المتعاقبة والمشرعون المتعاقبون لم يعيروا أي إهتمام لذلك وأهملوا قوة النفوذ الامريكي من خلال الاستثمار والاعمال.
* في موقع ( The National Interest ) الامريكي على شبكة الانترنيت كتب "مايكل روبن" الباحث المقيم في معهد "أمريكان إنتربرايز"المقال التالي الذي نشر بتاريخ 22 أيلول 2019 ( المترجم)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل جنديين إسرائيليين بهجوم نفذته مسيرة لحزب الله | #غرفة_ا


.. صاعد المواجهات بين الجيش السوداني والدعم السريع | #غرفة_الأخ




.. نتنياهو: دخولنا إلى رفح خطوة مهمة جدا وجيشنا في طريقه للقضاء


.. أسامة حمدان: الكرة الآن في ملعب الإدارة الأمريكية التي عليها




.. مياه الفيضانات تغمر طائرات ومدرجات في مطار بجنوب البرازيل