الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمنيات ليستْ مستحيلة

عبد الرزاق السويراوي

2006 / 5 / 18
الادارة و الاقتصاد


في زحمة التحولات الحادة , التي يمر بها المجتمع , أيّ مجتمع , تبرز على السطح ,الكثير من الإفرازات وبأشكال متنوعة ومتعددة , يكون بعضها محسوبا , وأحيانا لا يكون كذلك , يخضع ذلك بالطبع للقوة الإستقرائية التي تتمتع بها الحركات الفاعلة في ذلك المجتمع والتي تأخذ على عاتقها مسؤولية إدارة شؤون البلد , لكنها وكما أثبتت التجارب في كثير من المجتمعات التي مرت بمثل هذه التحولات ,أن هذه الأفرازات , ونتيجة لتفاعلات وأجواء خاصة , تصبح ( ولو لفترة معينة ) جزءا من مفردات العملية السياسية والإجتماعية والثقافية والأقتصادية وعموم المجالات الأخرى ,بحيث يلاقي المعنيون بالأمر صعوبة في تجاوزها , أو على الأقل إهمالها , لأنها بالتأكيد باتت تتفاعل مع بعضها . وما أريد الوصول اليه من بعد هذه المقدمة البسيطة , ان عراق ما بعد 9 / 4 / 2003 والى الآن مرّ وما يزال , بمثل هذا التحولات الكبيرة وعلى شتى الأصعدة , والذي كان من نتائجه , أن عموم الحركات السياسية , على تنوع خطاباتها السياسية والفكرية وبكل أطيافها تقريبا, انها وجدت نفسها أمام تسارع خطير للإحداث , وبما جعلها تعيش حالة من اللاإستقرار الذي يقترب في بعض مستوياته الى الإرباك السياسي , الذي لا تريد الإقرار به , ولكنه أقل ما يقال عنه , أنه وضعها بين سندان اطروحاتها السياسية والفكرية من جهة , وبين مطرقة الأحداث المتسارعة بكل إشكالياتها وتناقضاتها من الجهة الأخرى , والتي باتت تترك بصماتها الواضحة على كل شيء , ورغما عن كل شيء, الأمر الذي أشعر بعض هذه التيارات بحالة من العجز إزاء عملية الرصد والتشخيص والمتابعة والمعالجة , لمجمل ما يدور من تطورات في العملية السياسية , فضلا عن عجز بعض هذه التيارات ايضا عن تمكنها من الوصول الى صيغ ترتكز الى الحس الوطني قبل أيّ إعتبارآخر لكي تنأى بنفسها عن التعصب وبما يتيح لها بلورة خطابها السياسي والفكري, بغية مجابهة هذه التطورات بكل تعقيداتها وإشكالياتها ... إذن, ولكي تكون هذه التيارات أكثر التصاقا وتفاعلا بمجريات الآوضاع على الساحة العراقية , فانها مدعوة الى اعادة النظر بكل طروحاتها وبرامجها لإجراء مراجعة شاملة تتقن فيها فن العملية النقدية المخلصة , ليتسنى لها ابعاد نفسها عن قيد مجاملة الاحداث , وان تواجه بدلا عن ذلك , الواقع برؤية اكثر وضوحا وبما يمكنّها من التحصن من الانانية السياسية الضيقة التي تنأى بالعمل السياسي عن مساره الذي ينبغي ان يكون عليه , وبما يتناسب مع حجم التطورات, حتى لا تتشرنق داخل قوالب جامدة لا تحوي اكثر من شعارات مؤجلة التطبيق , وان تنتهج لنفسها بدلا عن ذلك, خطّا واضحا يؤدي حتما الى بر الامان .
ولْتكن الممارسة الديمقراطية للإنتخابات الاخيرة ونتائجها , أنموذجا ونقطة انطلاق لكل الحركات الفاعلة في الساحة العراقية , من أجل إعادة النظر في حسابات كل طرف من هذه الاطراف ..فعلى من حاز مثلا على اصوات اكثر من غيره , ان يشخص الروافد التي انجزت له كسب هذه الاصوات , ليمدها بروافد جديدة , وبما يبعده عن فخ الغرور القاتل , الذي قد يساوره في لحظة ما , وفي المقابل ايضا , فان على من نال اصواتا بدرجة كانت ربما على عكس ما كان يتوقعها او يرغب بها , ان يعيد ايضا النظر ليدرس الاسباب التي حالت دون حصوله على ما كان يأمل به ويرنو اليه من كم من الاصوات , وهنا يجدر بي المسارعة بالقول , ان الذي ذكرناه قبل قليل في ما يختص بحجم الاصوات , لا يعني بالضرورة , ان الذي حقق نتائج اكثر من غيره , هو افضل على مستوى الاطلاق من الذي لم يحقق نفس هذه النتائج , لان مثل هذا الا مر مرهون بظروفه الخاصة,حتى وان كان لا يخلو من استحقاقات معينة بدرجة او باخرى , فاذا ما اخضعنا الامور لمثل هذه المعايير الضيقة رغم ما بها من استحقاقات كما قلنا , خاصة في مثل هذه الظروف الحساسة والبالغة التعقيد , فان معنى ذلك , اننا سنزج شعبنا بطريق شائكة وقد تكون التعقيدات التي نشاهدها الآن في يختص بالعملية السياسية هو مصداق لما ذكرنا , فما احوج العراق في مثل هذه الظروف , الى الايثار والموضوعية في التشخيص واحترام الاخر وصدق النوايا والالتقاء على القواسم المشتركة , وقبل كل ذلك بالتاكيد , لابد من تقديم الولاء للعراق وليس لهذا الطرف او ذاك , وإلاّ فمن دون ذلك سوف لا ينهض العراق ابدا , ولْيكن حبّنا للعراق ولأهل العراق بغض النظر عن أي شيء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تراجع إنتاج -إيرباص- من الطائرات بسبب مشاكل الإمداد


.. كيف يمكن للدعم الاجتماعي أن يعزز الاستدامة الاقتصادية في الع




.. خبير اقتصادي يوضح كيفية التخطيط للإجازة الصيفية


.. بعد صعود عيار 21.. ا?سعار الذهب اليوم الثلاثاء 25 يونيو 2024




.. أخبار الصباح | نزوح مليوني سوداني إلى الخارج.. وتعطيل صادرات