الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصومال وإعادة إنتاج قوى الحرب الأهلية

خالد حسن يوسف

2019 / 9 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


في ظل أسوأ مراحل الحرب الأهلية الصومالية، لم يحلم أمير الحرب عمر محمود فليش، بأكثر من السيطرة على حي مدينة في مقديشو، والذي تشكل قبيلة الأبجال غالبية سكانه، وشكل الحي كواحد من الأحياء التي تقاسمها أمراء الحرب في مقديشو.

وقد تم تعيينه حاليا من قبل الدولة كمحافظ لبنادر وعمدة مقديشو !
وبذلك تم فتح باب الاستهجان والتساؤل عن الخلفية التي تقف وراء تعيينه في مناصب تنفيدية لها دلالتها الكبيرة؟

إذ تم تعيينه انطلاقا من إعتبارات منها أنه قادر على تهدئة تمرد قبيلته، والتي ترى أنها الأكثر حضورا في محافظة بنادر، واستقطابها من خلاله وذلك في ظل تدمرها واحساسها أن هناك من أخذ منها زمام المبادرة لإدارة المحافظة والعاصمة.

كما أن الحكومة ترى أن أنه انطلاقا من منظور قبلي، فإن عمر فليش، يمثل بالنسبة لها إحدى الشخصيات القادرة على التعاطي مع الملف الأمني والتوازنات السياسية والاجتماعية القائمة في الحاضرة الصومالية الكبرى.

الحكومة تعيد عقارب الساعة إلى الوراء!
لقد انعشت رجلا تنحى عنوتا عن قيادة حضيرته أو كانتونه الصغير، واعادته مجددا إلى الواجهة العامة والتي تم تغييرها من الصبغة الأهلية بحكم أنه كان ممثلا عسكريا لميليشيات قبيلته، فتم ترقيته ومنحه المشروعية الرسمية.

عمر فليش عين عام ٢٠٠٤ نائبا في البرلمان الصومالي، وذلك على خلفية التسويات بين أمراء الحرب على مستوى الصومال، حيث كان المؤتمر بين مدن إيل دوريت ونيروبي الكينيتين، كتجمع سياسي لأمراء الحرب، عمل على استيعاب هؤلاء كنواب عن الشعب!

تلك المحصلة أكدت أن ما تم حينها لم يكن مصالحة بين الصوماليين، بل كان مكافأة لجلاديهم الذين أرادوا أن يتقاسموا شعبهم حكما، في حين تماهى المحكومين المنهكين وعيا وبدنا معهم.

عمر فليش، كان وأحدا من اؤلئك، وبدايته مع الحرب انطلقت من عمله كقائد لميليشيات أمير الحرب موسى سودي يالحو، أمير حرب بدوره أصبح نائبا ويحتل حاليا منصب عضو مجلس الشيوخ، وفي نزاع مع الحكومة على أراضي عامة يسيطر عليها بالاحتكام إلى ميليشياته.

حيث تمرد عليه قائد ميليشياته عمر فيليش، وراح يستقل بالسلاح والرجال معلنا ذاته كأمير حرب مستقل، وشغوف جدا بالظهور الإعلامي وخاصة في الإذاعة المفضلة لاشباهه،

وقد سلم محافظ بنادر الحالي حينها معداته الحربية من باب التقية إلى عبدالله يوسف أحمد كبير أمراء حرب البلاد آنذاك والذي أصبح بدوره بدرجة رئيس، وبعد تلك المرحلة أختفى من الحياة السياسية، وذلك بعد إستثناء عضويته في مجلس النواب، والتي ظلت أقرب إلى الحصانة.

الاشكالية أن الكثير من أمراء الحرب السابقين لا زالوا حاضرين في المسرح السياسي، وتم مكافاتهم على سيطرتهم السابقة من خلال تعيينهم في مناصب منها كمجلسي النواب والشيوخ، ناهيك عن أن بعضهم يمثلون كمسؤولين في الكانتونات التي كرسوها خلال العقود الثلاثة الماضية.

السؤال ألم تجد الدولة شخصية أفضل من من عمر فليش، لكي يتم تعيينها في تلك المناصب الهامة؟ أيضا ألم تجد أسلوب آخر لكسب سكان العاصمة أو قسم منهم دون التورط في مثل هذا التعيين؟!

إن التغيير لن يأخذ طريقه في الواقع العام طالما ليست هناك مبارحة لممارسات الماضي وحضور رموزها، فهؤلاء من المؤكد أنهم يمثلون القوى التي تعيق تحقق المصالحة الوطنية، وتكريس علاقات جديدة على المستويين الأهلي والرسمي، أنهم مذنبين في حق مجتمعهم ولا يمكنهم النهوض به نحو آفاق تنتهي بالقطيعة مع الصراعات،الفساد،العنصرية والاستبداد.

لقد تردد أن الرئيس محمد عبدالله محمد ورئيس الحكومة حسن علي خيري، قد اختلافا بفعل أن كل منهما تمسك بشخصية ما أرادها للمنصب الشاغر، فكان الحل الوسط تعيين عمر فليش!

والغرابة أن رئيس الحكومة منح ذاته صلاحيات ليست له، إذ يتدخل في التعيينات التي هي من مهام رئيس الجمهورية، كمثال تعيين قادة الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة، حيث أنه يخلط ما بين الصلاحيات والإستشاراة، وأن قرار تلك التعيينات بالإضافة إلى منصب محافظ بنادر، جميعها تمثل مهام تندرج تحث مسؤوليات رئيس الجمهورية.

هناك صراع داخلي غير معلن بين رأسي الدولة وهو ما يفرض تلك التجاذبات بينهما، والتي لا تنتهي إلى صورة حادة تصل إلى مستوى إعلان القطيعة بينهما، كما كان معهودا في تجارب سابقة.

وفي المحصلة فإن المطلوب منهم ومن النخبة السياسية ممارسات تليق بإعادة وطن وتأسيسه وفق قاعدة ركيزتها الشفافية وتكريس القانون، وضرورة إزاحة كل الفاسدين من المشهد العام، عبر إصدار تدابير قانونية ودستورية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا جرى في «مفاوضات الهدنة»؟| #الظهير


.. مخاوف من اتساع الحرب.. تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل| #




.. في غضون أسبوع.. نتنياهو يخشى -أمر- الجنائية الدولية باعتقاله


.. هل تشعل فرنسا حربا نووية لمواجهة موسكو؟ | #الظهيرة




.. متحدث الخارجية القطرية لهآرتس: الاتفاق بحاجة لمزيد من التناز