الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإخوان والإرهاب

صبحي عبد العليم صبحي
باحث بالفكر الإسلامي المعاصر

(Sobhee Abdelalem)

2019 / 9 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


اعتدت من الأحداث السياسية أنها تحمل أشياء أخرى خلف الكواليس، لذا فأي معطيات لا تكون كافية لبناء حكم – إن صح الحكم – لأنها لا تكون كاملة علي أي حال . والعالم العربي يشهد أحداثا سياسية عديدة وأزمات طاحنة ودماء تسال كل يوم، ونحاول التحليل وفقا لاستقراء الواقع وتفنيده، وفقا لرؤيتي الخاصة أن الواقع هو المقياس الفعلي لكل شيء.
و الشارع المصري كل يوم يبكي علي فقيد من أبنائه، ويظل السؤال عن المستفيد، قائم داخل ذهن المواطن المصري، خاصة أن طبيعة التنظيمات المسلحة – كونها تنظيمات غير قانونية – تعمل في الخفاء. لكن ما يقدمه الواقع وظَهر واضحا عند تولي أحد تيارات الإسلام السياسي السلطة ( والسلطة أداة جيدة لمعرفة حقيقة الفرد، فلم يعد هناك ما يخاف منه أو ما يجعله يظهر خلاف ما في داخله )، أن التنظيم الإخواني يري في نفسه أحقية الحكم هو فقط، بل الأشد من هذا يري في نفسه حق خلع صفة الإيمان من شخص وإضفاءها علي شخص آخر، فيصبح كل من يوالي التنظيم هي في زمرة المؤمنين " مالكي الجنة " و" القابضين علي مفاتيح النار"، ومن يرفض الانصياع لأوامر التنظيم ونواهيه، التي تتخذ شكل الأمر والنهي الإلهيين، يكون خارجا عن الدين الصحيح مستباح ماله وعرضه ودمه. وتجلي هذا في العديد من الخطابات الإخوانية، ولعل أكثرها وضوحا وأشدها أهمية خطاب المخلوع (محمد مرسي) إلي الشعب ومناداته بأهلي وعشيرتي، وهو يتحدث كرئيس دولة وليس كعضو في التنظيم أو الحزب، مما يعني انه يري أن الشعب هم فقط ما يسميهم أهله وعشيرته، ومن لا ينتمي الي أهله وعشيرته هم أشخاص لا يدخلون في هذا الشعب، هم مجموعة من الخارجين الغير معترف بأهليتهم في شيء، والغير مؤهلين حتي لاختيار الحاكم، وليس لانجاب حاكم من بينهم .
وفقا لهذه الرؤية التي يُثبتها التنظيم كل يوم، وتظهر بوضوح في اعتصامه في ميدان رابعة العدوية وميدان النهضة محاولا لي ذراع الدولة، بعودة من يراه هو حاكما شرعيا ، غافلا تماما عن ما يراه أي فصيل سياسي أو أي مواطن أخر، بل الأدهى والأمر من هذا حصر كل من رفض اتجاههم ونظريتهم ولم يؤيدهم اعتبروه مؤيد للصهاينة ( علي حد قولهم )خائن لعهد الله خارجا عن الدين. وينبع هذا من نظرتهم إلى أنفسهم باعتبارهم الفئة المختارة، الموكلة بمعرفة هذا الدين وحمايته، فهم مالكي الحقيقة والموكلين بحمايتها. وهذا ما يجعل خطابهم يخرج كخطاب الهي، فضلا عن محاولاتهم لتماهي صورتهم مع الدين، داخل أذهان العامة، ليقترن التنظيم بالدين، ويتجلى هذا في شعارهم " الإسلام هو الحل " ، باعتبارهم هم مالكي الإسلام والحاملين لرايته، وما عداهم في زمرة اليهود( علي حد قولهم) . ولا ادل علي ذلك، ما يحدث مع أي خلاف سياسي مع أي فرد من الأفراد، فيحاولون إثبات انتماءه إلى الطائفة اليهودية بحجج خارجة عن أي منطق، دون الانتباه إلى أن المشكلة سياسية وليست دينية .
فضلا عن هذا اعتبارهم لتنفيذ الأمر القضائي بفض الاعتصام من قبل قوات الأمن التابعة للسلطة التنفيذية( المعنية بتنفيذ الأمر القضائي )، جريمة يجب أن يعاقبوا عليها، كما انهم ينظرون إلي الأخذ بالثأر لقتلاهم – الذين يسكنون الجنة بطبيعة الحال – من المخالفين لهم( من تعاونوا ضدهم) فريضة دينية، باعتبارها جهاداً في سبيل الله.
ولا مفر من السؤال عن هذه الجهة التي يكون الجهاد ضدها ، والإجابة عادة تكون مِن ظالميهم، الذين لم يقفوا إلي جانبهم، دون الانتباه إلي أن الشعب بكامله قد لفظهم في فترة حكمهم ورفض الانحياز لهم، ولعل هذا نابع من نظرتهم للشعب باعتباره قاصرا عاجز والتعالي عليه الذي ظهر في مواطن عديدة، عوضا عن هذا فالشعب قد سأم الحديث باسم الدين واضحي يستهجنه خاصة من هذا التنظيم الذي فقد مصداقيته في الشارع المصري. إذن فالجهاد ضد الشعب بكامله، وليس ضد فصيل محدد، فهم ينظرون إلي انفسهم باعتبارهم الفئة الوحيدة التي تستحق البقاء، وما عداها هم كافرين مستباح دمهم.
كل هذه الملابسات تجعل من التنظيم الإخواني هو المسئول الأول عن الأحداث الإرهابية والدماء التي تسال كل ليلة علي شاشات التلفاز وتدخل الحزن في كل بيت من بيوت الشعب المصري. وليس أدل علي ذلك من اعتراف احد أعضاء التنظيم علي المنصة في ميدان رابعة العدوية، بل محاولته الساذجة بمساومة الدولة، بأن صرح قائلا( الرئيس مرسي يرجع اللي في سينا هيقف ) وتظهر بعد ذلك محاولات تبريرية يعجز العقل عن قبولها وهضمها، كما اعتاد الشارع المصري من شباب التنظيم، التبرير الذي لا يعرف شيئا عن العقلانية أو المنطق .وتزداد العمليات الإرهابية، خاصة في المناسبات الرسمية والأعياد ، مما يعزز فكرة عدائهم للشعب، فضلا عن تلك البهجة التي تتلون بلون الشماتة أحيانا عند أي حادث إرهابي أو أي ازمه سياسية، ولوم السلطة السياسية مع مقارنة القيادة السياسية الراهنة بقيادة الإخوان، التي تبنت رؤي التنظيمات المسلحة، فضلا عن الحديث عن بعض التسهيلات التي قدمتها لتلك التنظيمات داخل الدولة. غافلين تماما أن سياسة الإخوان لم تتجاوز منطق القبيلة والعشيرة والجماعة، إلي المواطنة والدولة والتعايش والمشاركة، مما يجعلهم غير مؤهلين للمعايشة في الأجواء العالمية المعاصرة والفكر الدولي الحديث .
رحم الله كل مقتول بلا ذنب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تخرب محتويات منزل عقب اقتحامه بالقدس المحتلة


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل إلى صفقة ونتنياهو يقول:




.. محتجون أمريكيون: الأحداث الجارية تشكل نقطة تحول في تاريخ الح


.. مقارنة بالأرقام بين حربي غزة وأوكرانيا




.. اندلاع حريق هائل بمستودع البريد في أوديسا جراء هجوم صاروخي ر