الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هجرة أدمغتنا الى فرنسا

رضا محافظي

2006 / 5 / 18
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


تعمل فرنسا هذه الأيام على تنظيم الهجرة اليها عن طريق دراسة قانون تم طرحه من طرف وزير الداخلية نيكولا ساركوزي . و في هذا الاطار ، صادقت الجمعية الوطنية الفرنسية على انشاء بطاقة اقامة للأشخاص الاجانب الذين تتوفر فيهم شروط الكفاءة و المهارة في ميادين تخصصهم . و قد أثارت هذه النقطة بالذات ردود فعل رافضة سواء على مستوى المعارضة السياسية الفرنسية أو على مستوى العالم الثالث و ارتفعت الأصوات هنا و هناك لتقول أن فرنسا تريد أن تستغل أدمغة أبناء العالم الثالث مثلما استغلت لفترات طويلة في السابق خيراته الباطنة و الظاهرة .

ما يرضي العالم الجنوبي هو بكل تأكيد أن تفتح فرنسا أبوابها على مصراعيها للجميع بدون تفرقة أو تمييز و أن تقبل بكل من تطأ قدماه أرضها و تساويه مع كل مواطنيها مهما كانت منزلتهم و مهما كان مستواهم . لكن هل من المعقول و من المنطقي أن نطلب أمرا كهذا من فرنسا أو من غيرها من البلدان الأوربية و الغربية التي سارت على نهجها ؟ الجواب هو بالنفي الصريح الواضح . لفرنسا - كما لغيرها من البلدان - استراتيجية ونظرة مستقبلية واضحة المعالم ، و لفرنسا مصالح عليا تريد الحفاظ عليها بوسائل مختلفة من بينها السعي الى ضخ جرعات من الطاقة الشابة المتخصصة من العالم الثالث على مدى فترات معينة استدراكا لحالة الهرم التي يعرفها المجتمع الفرنسي من جهة و استفادة من عقول متخصصة مستعدة لاعطاء ما ليست العقول الاوربية المستريحة مستعدة ان تعطيه و ذلك مقابل أن تحصل على حياة كريمة هادئة .

من الأجدر أن يوجه اللوم الى الأنظمة و المجتمعات في الجهة الجنوبية من الكرة الأرضية التي تشتكي استجلاب فرنسا و غير فرنسا لخيرة أبنائها و هي التي تعامل العقول الناصعة المتقدة حيوية و نشاطا لديها باهمال كبير . ليس من العدل أن يساوى ذووا الشهادات العليا و البحث المتبحر العميق في مختلف العلوم مع غيرهم من ذوي المستويات المتدنـية و المتوسطة . ما من شك أنه من حق كل من أفنى عمره في الغوص في أعماق بحـور العلم و في الاستبحار في مختلف أشكال المعرفة و ألوان الفنون أن يلقى من بلده الاهتمام الذي يليق به و الدعم الذي يحتاجه و هو معذور كل العذر اذا ما اضطر الى الهجرة لكسب لقمة عيش لا يريد بلده – أو لا يستطيع - أن يوفرها له .

ليست الحكمة في القاء اللوم على فرنسا و أمثال فرنسا بسبب أنها تختار خيرة أبنائنا لتدعوهم اليها و توفر لهم كل ما يحتاجون اليه مقابل أن يعطوا زبدة ما يعرفون و يتقنون ، و ليست الحكمة في القاء اللوم على من غادر بلده بحثا عن عيش كريم بعد أن لاقى أنواعا من العنت في بلده . أظن أننا لو كنا مكان فرنسا لكنا حذونا حذوها و وجهنا كل اهتمامنا الى أفضل الناس لاستجلابهم و ما كنا نقبل أن يلومنا أحد . ألسنا نحن الذين نفتخر أننا أحفاد قوم عرفوا كيف يستفيـدون من علوم الفرس و الروم و الصين و غيرها و ترجموا الجيّد من كتاباتهم في مختلف العلوم و الفنون ؟ . هل افتخرنا بكوننا استقدمنا سفهاءهم و متخلّفي العقول لديهم من أجل أن نصنع منهم رجال علم و رموز تحضّر ؟ . لقد قام أجدادنا بما يخدم حضارتهم ثم فتحوا أبوابهم لكل طالب علم ليستفيد مما وصلوا اليه . فرنسا تقوم بنفس الشيء و لا لوم يوجه لها . هي تنظر الى مصلحتها و مصلحة شعبها في الحاضر و المستقبل . كل اللوم يقع علينا نحن لأننا لم نعرف كيف نحافظ على خيرة أبنائنا ، و ساويناهم مع من هم أدنى منهم منزلة ، و لم نعرف كيف نقدر ما تحمل عقولهم من كنوز . لقد شعرت بالاحباط حين وصل الى علمي أنه في بعض البلاد الجنوبية من الكرة الأرضية هناك من يفرض على الشباب المستفيد من منح الدراسة في الخارج توقيع وثيقة يلتزم بموجبها بالرجوع الى بلده بعد اكمال الدراسة ، دون أي التزام تجاه نفس الشخص بتوفير الحد الادنى له من شروط العيش الكريم من سكن و وظيفة و غيرهما . نحن قوم نحمل بين أيدينا كل صنوف الخير لكن للأسف لا نرى من ذلك شيئا الى ان يضيع من بين أيدينا أو يسرقه غيرنا. و الى أن نعي ما نفقد من عناصر قوتنا تكون فرنسا و غيرها قد سبقتنا بأشواط طويلة في استغلال ثمرات مدارسنا و جامعاتنا . فمتى نفيق ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صفقة الاتحاد الأوروبي مع لبنان..ما خلفياتها؟| المسائية


.. بايدن يشدد على إرساء -النظام- في مواجهة الاحتجاجات الجامعية




.. أمريكا.. طلاب يجتمعون أمام منزل رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شف


.. الجيش الإسرائيلي: 12 عسكريا أصيبوا في قطاع غزة خلال الساعات




.. الخارجية الأمريكية: هناك مقترح على الطاولة وعلى حماس قبوله ل