الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بسقط الرئيس القادم

فاطمة دالي

2019 / 10 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


يسقط الرئيس القادم
هكذا ردّد روّاد الفايسبوك الذين لا يتلأكون في التعبير عن رغبتهم في رئيس يحتويهم رئيس للجميع وليس حكرا على طبقة سياسية او اجتماعية معيّنة امّا ان تكون رئيسا للفقراء او فلتسقط أمّا اولئك الذين تلكّاو ولا زالوا يتلأكّون في المنابر الاعلامية وعلى شاشات التلفاز فقد رفضوا تماما ان يرأسهم رئيسا لا ينتمي لبوتقتهم رئيسا ليس من بني جلدتهم لا يلبس المعاطف الثمينة ولا يتعطّر بأجود انواع العطور و لا يملك كريزما دونجوانية تجعلهم يفتخرون به رئيسا يحفظ مصالحهم و يكمل مسار الانقلاب والعمالة .


ايّام قليلة تفصلنا عن الدور الثاني للانتخابات ولئن كانت النتيجة محسومة لصالح رجل القانون (هذا ان لم يحدث عارضا مفاجئا ) أقول عارضا مفاجئا لانّ المفاجآت صارت امرا اعتياديا -يكاد يكون يوميا- والغرائبيّ صار مألوفا بشدّة
لكن لابأس هذه مخاضات الثورة التي لم يحسم أمرها بعد رغم محاولات الالتفاف و التغييب( تغييب الشعب ) الذي مارسته قوى الانقلاب حتّى آخر رمق لتعود الجماهير المفروزة وتنقلب على المنقلبين في تحدّ صارخ لعصابات النّهب و كلاء الغرب ولأنّ الدروس المجانية لا تعطي النتائج المرجوّة أو لا تعطي نتائج بالمرّة ، اختارت الجماهير ان تعيد الدرس ثانية درس مفاده انّ السلطة سلطة الشعب سلطة شعب أعزل لا يملك اموالكم ولا اعلامكم ولا مناصبكم شعب لا يتكلّم لكنّه يفعل اذا أراد
الشعب قال كلمته وأصابهم بصدمة فاقت كلّ التصوّرات ارتبكوا تقهقروا ولكن لم ينسحبوا فاندفعوا يكيلون له الشتائم يسبّونه و يرمونه بابشع عبارات التقزيم ، وهكذا يفعل كلّ من يخسر حربا يخال نفسه رابحا فيها بدون شكّ ، أمّا التّهم التي وجّهت للناخبين فتُهم ثقافية وفكريّة بحتة والحال انّهم انتخبوا جامعيّا مثقّفا

يا للسّماء..

يدفع والديه ما فوقه وما تحته لينال شهادة جامعية تقيه من الفقر والعوز وليعيش حياة تليق به و ليحقّق ما عجزا عن انجازه هذا الجامعي المفقّر منذ ولادته وقبل حتّى ، لا يملك الحرّية الملزمة للاختيار واذا اختار من لا يرضى عنه مثقّفو البلاط تُنزّل عليه لعنات الآلهة جميعا !
انّها اقصى درجات الدّيمقراطية وأقصى درجات الثقافة والفكر أن ينتزع دعاة الحرّية والوطنية حرّية التصّويت لذلك لم نستغرب لعقدين من الزمن تلك النتائج التي أتحفنا بها المخلوع في انتخاباته الصّامتة بمباركة حاشيته المثقّفة و مفكّريه الذين مازالوا يتصدّرون المشهد الثقافي الى اليوم يفصّلونه على مقاساتهم ومن لبس فليهنأ بما لبس امّا الخمّاسة فهم من قديم الزمان خمّاسة وما علينا الاّ ان نقنعهم بهذه الفكرة هكذا يشطح خيالهم المبدع !

ذكّرتني هذه الحادثة بحادثة وقعت في التسعينات في سيدي بوزيد أيّام كانت المعاهد تضجّ ثوريّة والحادثة حصلت لتلميذ بكالوريا و الاستاذة ليست من ربوعنا (ولا مشكلة في ذلك ) يقول الطالب انّ الاستاذة اعطته عددا اقّل ممّا يستحقّ وعندما احتجّ على ذلك اجابته باستخفاف " اذا اعطيتك عددا تستحقّه اشكون باش يخدم عنّا لمرمّة ؟"
أذكر انّ الحادثة انتشرت انتشار النار في الهشيم ّخلّفت مشاعر الاستياء والتحدّي لدى التلاميذ و كذلك الأمّهات ولو أسعفتني اللّغة سأقول وبالأخّص الامّهات ففي ذلك العهد ورغم صغر سنّي لازلت أذكر ما تكابده كلّ أمّ في سبيل أن يدرس ابنها ويحصل على شهادة تتقلّدها الامّ وساما على شقائها وتبقى معلّقة على جدار النّسيان في دولة لا تعتبر نفسها ملزمة بتشغيل الجامعيين بقدر ماهي ملزمة بتفريغهم من شرط وجودهم الانساني لتصبح الشهادة الجامعية تهمة ويصبح التخرّج ذنبا اقترفناه عن قناعة نصارع يوميّا للتعايش معه
هذا ما يحدث منذ فتحت الجامعات أبوابها للفقراء تكدّست الشّهائد وما عادت جدران البيوت تتحمّلها و ازداد عدد المعطّلين حتّى صار بالآلاف وهو ما يتطلبّ حلاّ عاجلا بدون لفّ ودوران ولكن هذا ما لا يسعهم تنفيذه ولو على المدى البعيد فالفقراء يجب أن يظلّوا فقراء و الخمّاسة يجب ان يبقوا خمّاسة هذا ما يدعونه استقرار تونس
استقرار تونس يتطلبّ كلّ هذا الالتفاف و هذه المجهودات ، يتطلّب ان يزداد الفقير فقرا ويزداد الغنيّ غنى وعليك كوطنيّ فقير ان تصدّق هذه الأكاذيب ما عدا ذلك فأنت خائن أو جاهل أو الاثنين معا
لم يعجبهم أن يتحوّل المنقلَب عليهم الى منقلبين وعلى كلّ الاحوال لا أتصوّر أنّ المقهورون الّذين ضاقوا ذرعا باعادة تدوير النّظام سيبحثون عن تبرير لانقلابهم المفاجئ المربك العصيّ على الفهم على الاقّل بالنسبة لهم امّا نحن فقد فهمنا الدّرس جيّدا وحفظناه على أنّ الفهم وحده لا يكفي لتسجيل هدف واحد في مرماهم والفعل الذي لا تنتظم فيه الجموع للقضاء نهائيا على العصابات لا يحدث تغييرا حاسما لصالح الاغلبية المقهورة مالم يكن مرتبطا بارادة حقيقية للتنظّم و الاستقلال عن أدواتهم و ارتباطاتهم وتطلّعاتهم
انتخاب رئيس للدولة يمثّل هذه الاغلبية لن يقدّم في الامر شيء ، رئيس بصلاحيات محدودة جدّا لا تخوّله التدخّل في المجالات الخارجة عن نطاق وظيفته وغير مدعوم برلمانيا هل سيغيّر في المشهد شيء ؟
هل يكفي ان يكون الرئيس نظيفا ومتواضعا و منزّها عن كلّ الشبهات ليحسم الامر لصالحنا هذه جملة التساؤلات المطروحة اليوم
في انتظار الاجابات ستظلّ الجماهير تترقّب في هدوء ما سيحدث








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فولفو تطلق سيارتها الكهربائية اي اكس 30 الجديدة | عالم السرع


.. مصر ..خشية من عملية في رفح وتوسط من أجل هدنة محتملة • فرانس




.. مظاهرات أمام مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية تطالب الحكومة بإتم


.. رصيف بحري لإيصال المساعدات لسكان قطاع غزة | #غرفة_الأخبار




.. استشهاد عائلة كاملة في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي الس