الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حراك مصر والسودان وحزب فرعون

عبدالجواد سيد
كاتب مصرى

(Abdelgawad Sayed)

2019 / 10 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


حراك مصر والسودان، وحزب فرعون
لم تكن فيديوهات محمد على، التى كشفت عن وقائع فساد تتعلق بالرئيس المصرى وعائلته، سوى القشة التى قضمت ظهر الجمل ، وفجرت حالة من الغضب الذى تراكم فى النفوس، خلال الفترة الثانية من حكم السيسى، وذلك فى حراك شعبى مصرى لم يستغرق سوى أسبوع واحد، فى تناقض ملفت للنظر مع الحراك الشعبى السودانى ، الذى إندلع بقشة أزمة الخبز، والتى قضمت ظهر الجمل أيضاً ، لكنه إستمر طويلاً، وحقق كثيراً من المكاسب، رغم أن الظرف العام، وبحكم مشاكل السودان الأكثر تعقيداً، يميل فى صالح مصر، فلماذا نجحت السودان ، وفشلت مصر؟
الإجابة تكمن فى طبيعة التيار المدنى فى كلا البلدين، أو فى طبيعة السياسة، والتى تجاوزت طبيعة الجغرافية، ففى السودان جيش حاكم ، قاسى ، متمرس بالسلطة، مسيطر على أجهزة الدولة، وهو نفس الوضع فى مصر، وفى السودان إسلام سياسى ، لايقل خطورة عن الإسلام السياسى المصرى، فرغم أنه إمتداد له، فقد عرف تجربة الحكم والسلطة، وتمكن من مفاصل الدولة منذ عهد النميرى حتى عهد البشير، بأكثر مما تمكن الإسلام السياسى المصرى الأصلى ، لكن طبيعة التيار المدنى فى كلا البلدين تختلف إختلافاً جذرياً، فقد عرف الشارع السودانى الأحزاب والممارسة السياسية، بأكثر مما عرف الشارع المصرى، كما أن تجربة الحكم المشترك للعسكر والإخوان، منذ عهد النميرى حتى البشير، قد ساعدت على حشد الشارع السودانى وتياره المدنى فى مواجهة عدو مشترك واحد، ومنع من تأصيل فكرة، إما الإخوان أو العسكر، كما حدث فى مصر.
ومع ذلك فليس هذا هو كل شئ ، فهناك عامل هام آخر، وهو عامل الإحترام والثقة، التى منحها الشارع السودانى لرموز تياره المدنى،وهو مالم يحدث للشارع المصرى، فبينما تمكن تجمع إعلان الحرية والتغيير، والذى هو فى الواقع مجرد تجمع نقابى سياسى عادى، من وصل جسوره مع الشارع السودانى، وتنسيق المواقف من أجل الضغط على المجلس العسكرى، لتحقيق مطالب الشعب، ومشاركة المجتمع المدنى فى السلطة، فقد إستقبل الشارع المصرى إعلان تجمع الحركة المدنية الديموقراطية عن رغبته فى رفع مطالب الشعب أمام النظام الحاكم ، دون أن يحرك ساكناً ، وبشئ من الإستخفاف أيضاً، وفى الوقت الذى خرج فيه الشعب السودانى يرفض ترويع المتظاهرين والبطش والقتل ، فى كل مناسبة ، فقد إستقبل الشارع المصرى إعتقال أكثر من ألف متظاهرومعترض فى يوم واحد ، بينهم بعض الشخصيات المرموقة ، مثل الدكتور حازم حسنى، أستاذ الإقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة ، والدكتور حسن نافعة الغنى عن التعريف ، وخالد داوود ، الكاتب الصحفى والرئيس السابق لحزب الدستور ، دون أن يحرك ساكناً ، وبشئ من التخوين أيضاً، على أنهم مراكيب الإخوان، وهو تعبير شائع أصبح النظام المصرى يروج له ضد كل معارض لسيطرته وبطشه، حتى نجح فى تأكيد فكرة إما الإخوان أو العسكر، والتى ساهمت فى سرعة إخماد هذا الحراك ، وكل حراك فى المستقبل.
ويبقى الأهم من كل ذلك، هو أن الشارع السودانى لم يفرز تلك الكتلة الخبيثة من المجتمع المدنى، التى أفرزها الشارع المصرى، والتى نجحت إلى حد كبير فى التحكم فى وعيه السياسى، عبر وسائل التواصل الإجتماعى، وقيادته إلى المسارات الخاطئة، داخلياً وخارجياً، وإرهاب كل من تسول له نفسه مجرد الحديث عن التغيير، تلك الكتلة الخبيثة، التى يمكن تسميتها مجازاً بحزب فرعون، حزب الخبثاء والمغفلين، والذى نجح إلى حد كبير فى زعزعة ثقة الشارع المصرى بنفسه، وبأى رمز مدنى يظهر، وتثبيت فكرة إما الإخوان أو العسكر، بأكثر مما يردد النظام نفسه !!!
عبدالجواد سيد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 9 شهداء بينهم 4 أطفال في قصف إسرائيلي على منزل في حي التنور


.. الدفاع المدني اللبناني: استشهاد 4 وإصابة 2 في غارة إسرائيلية




.. عائلات المحتجزين في الشوارع تمنع الوزراء من الوصول إلى اجتما


.. مدير المخابرات الأمريكية يتوجه إلى الدوحة وهنية يؤكد حرص الم




.. ليفربول يستعيد انتصاراته بفوز عريض على توتنهام