الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في المجتمع العراقي

خليل محمد إبراهيم
(Khleel Muhammed Ibraheem)

2019 / 10 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


لا يمكن التعويل على التعميم بالقول مثلا أن كل ذوي الإعاقة البصرية العراقيين؛ متمكنون تربويا واجتماعيا؛ مما يؤهلهم للاستقلال، كما لا يمكن أن ينعكس القول بحيث يقال أن كل ذوي الإعاقة البصرية العراقيين غير متمكنين تربويا واجتماعيا، حتى أنهم لا يعرفون الاستقلال، فقبل كل شيء؛ مَن هو المستقل اجتماعيا؛ استقلالا مطلقا بحيث لا يحتاج سواه حتى نطلب هذا لذي الإعاقة البصرية أو منه؟!
وأين هذا المجتمع الذي يمنح أيا من أفراده، ومهما بلغ من العلم والقدرة والصلاحيات؛ مثل هذا الاستقلال؟!
إذن، فلنتكلَّم عن الممكن والمعتاد، فلعدم وجود تعداد سكاني حديث في العراق؛ يعتمد حالات ذوي الإعاقة بأنواعها، فنحن لا نملك إحصاءً سكانيا لذوي الإعاقة البصرية، ولا يمكننا تحديد عدد الذكور/ مثلا- أو الإناث، كما لا يمكننا تحديد أعداد أبناء الأعمار المتنوِّعة، بحيث نوفِّر لهم ما يحتاجونه من وسائل التعليم والعمل والصحة والسكن، بطريقة سليمة، لذلك يصعب التعميم، لكن هل يمكن القول بوجود مرافق لتعليم ذوي الإعاقة البصرية مثلا، فيكون الجواب:- نعم هناك معاهد لتعليم ذوي الإعاقة البصرية، فهل هي كافية؟!
هنا يكون الجواب:- لا لأن المؤكد أنه لو توفَّرت وسائل إعلام جادة و كافية؛ تنبه أهل ذوي الإعاقة البصرية؛ إلى وجود مثل هذه المرافق، فإن هذه المرافق، لن تكفي.
وهكذا يبدو وجود أعداد غير محددة؛ من ذوي الإعاقة البصرية؛ خارج نطاق البحث الحكومي أو الاجتماعي، ومع ذلك، فهذا يعني وجود بعض ذوي الإعاقة؛ ممن تعلَّموا، حتى بلغوا أعلى المراتب العلمية، لكن كم هي نسبتهم لذوي الإعاقة البصرية؟!
إنهم قلّة نادرة لا شك في ذلك، لكنها نسبة أكبر من نسبة أرقى المتعلمين من غير ذوي الإعاقة البصرية؛ إلى غيرهم.
ثم إن هناك ذوي إعاقات بصرية من الفقراء، اكتفَوا أو اكتفى أهلوهم بإعانة الرعاية الاجتماعية المالية التي تُقدمها لهم الدولة؛ دون التفكير بتعليم الأطفال منهم أو المراهقين؛ مما يعني أن بعض هؤلاء الناس؛ راغبون في التقدم/ غالبا- لو تمكنوا من هذا التقدم.
ثم إن هناك آخرين يتعلَّمون؛ في الطريق إلى أرقى المراكز العلمية، فكم منهم سيصل؟
وكم منهم سيتوقَّف؟!
هذا شأن خاص، لأن هناك قوانين تمكنهم من التعلَّم، وقوانين تعرقل عملهم، لكنهم يتغلَّبون على تلك القوانين المعرقلة غالبا، بجهود متنوعة.
وحينما يتمكن الإنسان/ أي إنسان بما في ذلك ذو الإعاقة- من التعلم والعمل، فإنه سيسير على طريق الاستقلال الاقتصادي، وقد أتاحت له الآلات الحديثة؛ فرصة تيسِّر جانبا من استقلاله العملي، فهل تمكن من الاستقلال فعلا؟!
هذه قضية شخصية، لا تتعلَّق بذي الإعاقة حصرا، فكثير من غير ذوي الإعاقة البصرية؛ ممن يمتلكون القدرة الاقتصادية، والرقي الوظيفي؛ يستعينون بالمساعدين للعمل على قيادة السيارة، واستعمال الكومبيوتر، والهاتف النقال، وغيرها من الأدوات الحديثة؛ الميسرة للعمل، غير المغنية عن المساعدة؛ مما يبقي القضية؛ قضية شخصية من ناحية، ومن ناحية أخرى تعمل الموهبة عملها في تيسير الأمر أو تعقيده، فإذا ما تمكن ذو الإعاقة البصرية، وتعلم، وعمل المستحيل، ثم استقلَّ على أحسن ما يمكن من الاستقلال، ثم أراد البعض عدم الاعتراف بقدراته المتميزة، أو اعترفوا بقدراته المتميزة، لكن امتنعوا عن الاستفادة منها واستثمارها لا لشيء إلا لأنه من ذوي الإعاقة البصرية؛ موافقين للقانون أو مخالفين له، فماذا يمكنه أن يفعل غير التظلم، وربما المقاضاة الإدارية للممانعين في الاستفادة من خبراته لمجرد كونه من ذوي الإعاقة البصرية؟!
ولو فرضْنا أن ذا الإعاقة؛ فرض نفسه بالقانون، ووجوده بالجهد الكبير المبذول، أمام خصوم تعليم ذي الإعاقة البصرية وتشغيله، فماذا يستطيع أن يفعل لإقناعهم غير ما فعل عبر القانون والنجاح في العمل؟!
إنها مشكلة حقيقية، فحين تخرَّجْتُ في الجامعة؛ رفض الوزير تعييني وتعيين مجموعة أخرى معي على الرغم من تفوُّقنا العلمي، ومع أن من سبقونا من المدرسين من ذوي الإعاقة البصرية؛ قد أثبتوا وجودهم العلمي والتعليمي في المدارس الثانوية العراقية.
وفعلنا ما نستطيع، لكن لم يتم تعييننا إلا بعد تغيير الوزير، وتقاعد المدير العام الذي كان وراء الرفض، كما أن دراستي العليا تأخرت 22 سنة، لمجرد أنني لم أنتسب لحزب السلطة الذي كان يفرض الانتساب إليه كي يتم القبول في الدراسات العليا، فماذا كان بإمكاني أن أفعل غير أن أدرس بنفسي، وأشارك في ثقافة شعبي؟!
هذه هي المسألة؛ مسألة شخصية في جانب مهم منها؛ للمجتمع فيها مكان مكين، لكن لجهود الشخص ما يفرضه على الواقع أو يبعده عنه،فأنا شخصية مؤثرة في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق؛ نافع لذوي الإعاقة؛ عبر كتابة المقالات، وتأليف الكتب، وتيسير ما يمكن تيسيره من حاجاتهم، فهل يستطيع كل ذوي اعاقة البصرية؛ فعل ما يشبه هذا؟!
وهل يعني هذا أنني قادر على أن أفعل كل ما يفعله إخواني الآخرون؛ من فعاليات أخرى؟!
هذا ما لا يمكن القول به، فلكل منا إمكانياته ومواهبه وقدراته، يستفيد منها أو لا يستفيد، ولكم ودي. والسلام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تشاسيف يار-.. مدينة أوكرانية تدفع فاتورة سياسة الأرض المحرو


.. ناشط كويتي يوثق آثار تدمير الاحتلال الإسرائيلي مستشفى ناصر ب




.. مرسل الجزيرة: فشل المفاوضات بين إدارة معهد ماساتشوستس للتقني


.. الرئيس الكولومبي يعلن قطع بلاده العلاقات الدبلوماسية مع إسرا




.. فيديو: صور جوية تظهر مدى الدمار المرعب في تشاسيف يار بأوكران