الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا أغفل العرب ور العراق في حرب تشرين 1973

تميم منصور

2019 / 10 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


قيل أن التاريخ يكتبه المنتصرون ، وقد انطبق هذا القول على المؤرخين الأجانب ، خاصة الذين دوّنوا تاريخ أحداث الحرب العالمية الثانية، من امريكان وبريطانيين وفرنسيين، لقد تناولوا أحداث الحرب بطريقة وبأسلوب ترفع من شأن جيوشهم وتناسب مشاعر شعوبهم ، فحاولوا قدر استطاعتهم مثلاً طمس وانكار الدور الحاسم الذي لعبه الاتحاد السوفياتي بكل جبروته وقدراته العسكرية، فلم يكن هؤلاء المؤرخون موضوعيون عندما تناولوا دور الجيوش السوفياتية في حسم الحرب لصالح الحلفاء والقضاء على الوحش النازي والفاشي .
مع أن الالمان انفسهم أقروا واعترفوا بأن هزيمتهم والعد التنازلي في مقياس استمرارهم في الحرب ، بدأ بعد هزيمتهم في معركة ستالينغراد عندما فاجأهم الجيش الأحمر القادم من اصقاع سيبيريا دون أن يعلم بوجوده أحد .
لم ينتظر المؤرخون السوفيات ما سيكتبه الآخرون عن الحرب ، فقد سارعوا الى ابراز دور الجيوش السوفياتية في حسم المعركة ودخول برلين عاصمة هتلر قبل أي جيش آخر ، بعد أن قاموا بتطهير جميع دول اوروبا الشرقية من دنس الجيش النازي.
بهذه اللهجة وبهذه الروح احتجت رئاسة الاركان في الجيش العراقي عام 1973 وما بعدها ، على تجاهل ما كتبه المؤرخون العرب ، خاصة في سوريا ومصر وما صرح به العديد من المسؤولين في البلدين عن دور العراق وجيشها بالمساهمة بالحرب ، وتقديم العديد من الضحايا ، لم يتناول اي مسؤول عربي ، خاصة في سوريا عما قدمه العراقيون في الحرب ، وعن المعارك الشرسة التي خاضها اللواء المدرع الثاني عشر العراقي في هضبة الجولان ، الى جانب القوات السورية .
من بين مظاهر التجاهل الغادر والغريب كما اعتبره العراقيون ما ورد في مذكرات الزعيم السوري السابق أكرم الحوراني ، وهو سياسي معروف ويعتبر أحد رموز الحركة الوطنية في سوريا ، شغل أثناء الوحدة بين مصر وسوريا 1958- 1961 نائباً للرئيس الخالد جمال عبد الناصر .
يعتب العراقيون على اكرم حوراني بأنه لم يذكر دور العراق ومساهمة جيشها بحرب تشرين عام 1973 خلال عرضه لمذكراته ضمن برنامج " شاهد على العصر " أو سواء كان على صفحات الصحف ، أو خلال اللقاءات مع القنوات الفضائية المختلفة.
لقد اعتبر الكثيرون اكرم حوراني بأنه لعب دوراً مركزياً في تحديد سياسة سوريا ، وهناك من يعتبره أحد دهاة العرب في العصر الحديث ، كان ثعلب السياسة ، وواحداً من أنشط سياسي سوريا ، هناك من شبهه بالنار التي كانت توضع فوقها طبخات العرب السياسية في وقت من الأوقات .
ورد في كتاب " الجيش العراقي وحرب تشرين " للعقيد الركن " سليم شاكر الاماني " وكان هذا العقيد عضواً في اتحاد المؤرخين العرب ، بأن أكرم حوراني وآخرون من سوريا هم أول من بادر وطلب من الحكومة العراقية تقديم الدعم للجيش السوري في حالة نشوب حرب عام 1973 ، لأن الخلافات التي كانت قائمة بين حزب البعث العراقي وحزب البعث السوري كانت تمنع التعاون المشترك ، لكن رئيس العراق آنذاك أحمد حسن البكر - كما يقول المؤرخ - أسقط كل الخلافات من حسابه ، وقرر ارسال الدعم لسوريا في حالة نشوب حرب على الجبهة السورية .
يضيف المؤرخ بأن الحوراني هدد بغداد بأنه في حالة عدم استجابة العراق لطلب المساعدة من سوريا فإنه أي الحوراني سوف يثير الرأي العام العربي في كافة الأقطار العربية ضد النظام العراقي ويتهمه بالتواطؤ مع اسرائيل ، يعود هذا المؤرخ للتساؤل، لماذا لم يذكر الحوراني مثل هذه التفاصيل خلال عرضه لمذكراته في الصحف والفضائيات ؟ ادعى الحوراني أن العراق استجاب لدعوته ودعوة المسؤولين السوريين خوفاً من تهديد الحوراني .
أخفى السوريون خلال حديثهم عن حرب تشرين التحريرية كما أطلقوا عليها دعم العراق لسوريا ، لم يتحدثوا عن أهميته الاستراتيجية ، كما أنهم لم يذكروا أن هذا الدعم يمكن أن يساهم في اطفاء شعلة الخلافات التي شهدها البلدين الواقعين تحت حكم البعث .
لم يذكر اكرم حوراني شيئاً عن الوثائق العسكرية السرية التي أطلعه عليها الرئيس العراقي أحمد حسن البكر في بداية الحرب ، لأن الحوراني كان يشغل وزارة الدفاع في سوريا ، وهذا نكران لما قدمه العراق لسوريا في ذلك الوقت .
طال لوم المؤرخ العقيد الركن " سليم شاكر الأماني" أيضاً الصحفي والمؤرخ المصري محمد حسنين هيكل ، فقد اتهم هيكل بأنه تجاهل ذكر دور العراق في الحرب على الجبهة السورية ، خاصة في كتابه عن حرب السادس من اكتوبر ، أو الحرب التي عرفت بحرب العاشر من رمضان ، لقد اكتفى هيكل هو الآخر بعرض فقرة صغيرة تحدث فيها عن قيام لواء مدرع عراقي بالتصدي للهجوم المعاكس الاسرائيلي في اليوم السادس لبدء الحرب .
كذلك الحال مع الفريق الشاذلي والفريق عبد الغني الجمسي ، الأول كان رئيس أركان القوات المصرية والثاني كان مديراً للعمليات ، لم يتناولا في حديثهما عن الحرب ولو بكلمة واحدة عن الدعم العراقي على الجبهة السورية .
اعترف ضابط هندي خلال مقال كتبه في إحدى الصحف البريطانية ، أن تصدي اللواء المدرع العراقي لتقدم القوات الاسرائيلية ، اجبر القيادة الاسرائيلية ان تعيد النظر أكثر من مرة في خططها العسكرية على جبهة الجولان وجبهة سيناء .
هناك أيضاً عدداً من الصحف البيروتية المتعاطفة مع حزب البعث السوري أسقطت بصورة متعمدة الدور العراقي ، من هذه الصحف صحيفة الأنوار البيروتية الذي كان يرأس تحريرها " سعيد فريحة " ، في حين فان الشخصية الوطنية الزعيم كمال جنبلاط زار السفير العراقي في بيروت ، وطلب منه شرحاً كاملاً عن دور الجيش العراقي في التصدي للألوية الاسرائيلية التي كانت تحاول اختراق خطوط الدفاع السورية للاقتراب من دمشق . ويضيف القائد العراقي ان الشخصية السياسية والعسكرية السورية التي تحدثت عن دور العراق في حرب تشرين هو العقيد مصطفى طلاس احد كبار الضباط في سوريا ، بعد أن أرسله حافظ الأسد الى القاهرة أثناء المعارك ، لمحاولة إقناعه بعدم وقف اطلاق النار
يقول الضابط العراقي أن مصطفى طلاس ابلغ الرئيس السادات عن دور الجيش العراقي في القتال وأن زمام المبادرة اصبح بأيدي القوات السورية والعراقية ، لكن رئيس السادات كغيره لم يتطرق هو الآخر لهذا الأمر .
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حرب مفبركة
منير كريم ( 2019 / 10 / 1 - 16:40 )
تحية للكاتب المحترم
بعض المؤرخين المعاصرين يعتبرون ان حرب 73 تمثيلية مثلها السادات وكولدا مائير واخرجها كسينجر , اما جبهة سوريا فكانت كاللعبة بيد اسرائيل
لقد علمت اسرائيل حتى بموعد الحرب من عميلها اشرف مروان ومن ملك عربي ودعت الجيش المصري يعبر ثم التفت عليه وبعد ذلك حصل ما هو معروف
لحد 6 سنوات قبل 73 كان الجيش المصري لا شيء امام الجيش الاسرائيلي فمن اين اتته هذه القوة في 6 سنوات
شكرا لك
شكرا للحوار المتمدن


2 - ألنظام البعثي رفض المشاركة في الحرب
د. ليث نعمان ( 2019 / 10 / 2 - 07:03 )
كتب الضابط البعثي هيثم الحلي الحسيني مقالاً مشابها علىهذا الموقع بتاريخ 7 أكتوبر 2018. هذا كان ردي عليه


3 - مغالطات1
د. ليث نعمان ( 2019 / 10 / 2 - 07:05 )
قول
(وعليه فإن المشاركة الواسعة والمؤثرة, للجيش العراقي, في حرب تشرين 1973, لم تكن رمزية, ولا بهدف المشاركة فقط, بل كانت عن تخطيط وتصميم مسبق )-انتهى-
هذا هراء فالنظام البعثي رفض المشاركة في الحرب عندما عرض عليهم عام 1972 وقبلوا باضعف الايمان و هو 12 طائرة هوكر هنتر ذهبت الى مصر في نيسان/ابريل 1973 (انظر ملحق العدد الخاص لجريدتي الثورة و الجمهورية ليوم 7 نيسان/ابريل 1974) ثم انت نفسك قلت (وقد اشتركت الطائرات المتواجدة في مصر, بالضربة الجوية الأولى,)-انتهى- هل سألت نفسك كيف و متى تواجدت هذه الطائرات ولماذا لم تتواجد طائرات عراقية غيرها فالغالبية العظمى من طائرات القوة الجوية العراقية كانت روسية.
(حيث كانت الطلعة الجوية الاولى عليها, صولة عراقية بالكامل )-أنتهى-,. قناة السويس طولها 193 كلم لا تغطيها 12 طائرة ثم ان الضربة الجوية الاولى هي اعلان الحرب ولا تكون بسرب واحد بل باقصى شدة ممكنة


4 - مغالطات2
د. ليث نعمان ( 2019 / 10 / 2 - 07:06 )
لنظام البعثي في العراق زعم انه لم يكن يعرف عن الحرب و سمع عنها من الراديو وهذا كذب . اما عن الجبهة السورية فمساهمة العراق الفعلية تنحصر في لوائين السادس و الثاني عشر. الحرب علم و تخطيط و تنسيق ولانعدام الاخير لم يكن تأثير الجيش العراقي كبيراً.
ستة اسابيع قبل الحرب استلم العراق سرب TU-22 القاذفة الثقيلة وعاد الطيارون والفنيون بعد أن أنهوا تدريبهم. لم تستخدم ضد أسرائيل بل أستخدمت ضد ألأكراد.
انا لا أبخس الجنود و الضباط العراقيي حقهم لكن النظام كان منافقاً يتاجر بفلسطين


5 - ازيدك من الشعر بيتا
منير كريم ( 2019 / 10 / 2 - 09:19 )
تحية للجميع
في عام 1970 كان الجيش العراقي في الاردن, وقد نسق هذا الجيش مع حكومة الاردن في ضرب المقاومة الفلسطينية في ايلول ثم سحب الجيش بسرعة واتوا بالمصارع العراقي الامريكي عدنان القيسي ليقيم عروضا فنتازية في الملاكمة الحرة لاشغال الناس عن فعلتهم في الاردن
شكرا لكم
شكرا للحوار المتمدن

اخر الافلام

.. استئناف مفاوضات -الفرصة الأخيرة- في القاهرة بشأن هدنة في غزة


.. التقرير السنوي لـ-مراسلون بلا حدود-: الإعلام يئن تحت وطأة ال




.. مصدر إسرائيلي: إسرائيل لا ترى أي مؤشر على تحقيق تقدم في مسار


.. الرئيس الصيني يلتقي نظيره الصربي في بلغراد ضمن جولة أوروبية




.. جدل بشأن هدف إنشاء اتحاد -القبائل العربية- في سيناء | #رادار