الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفصل البرلماني في الأدب العربي - كمال ناصر نموذجا -

إبراهيم أبوحماد المحامي

2019 / 10 / 4
الادب والفن


الفصل البرلماني في الأدب العربي - كمال ناصر نموذجا -

محنة البرلماني المثقف

للأدباء مكانة خاصة في عالم السياسة منذ الأزل، فالحياة السياسية خطابية حجاجية ،ومن البرلمانيين الأدباء هيجو جون ستيورت ميل وكوليردج، ومن المعاصرين الايراني الذي أخيط فمه وكذلك عباس محمود العقاد ومن جنوب الشام اميل حبيبي الذي قرأ التراث العربي بنكهة سخرية الحاضر، وفخري قعوار، وهذه المقالة مخصصة للأديب كمال ناصر البرلماني الأردني في المجلس البرلماني لعام 1957.

ولد كمال بطرس ناصر في غزة من عائلة تعود جذورها لبير زيت ،درس العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية في بيروت ،وكان منذ نعومة أظافره ذو ثقافة واسعة في النقد والفكر ومساهما في الحياة الأدبية الطلابية ،ثم درس الأدب العربي في مدرسة صهيون(كلمة أرامية ) في القدس ،و درس الحقوق في معهد القدس ،له ديوان شعر ونثر وعمل في الصحافة .

الخوف والسلطة في شعر كمال ناصر

اصطدم كمال ناصر بسلطة الأب الذي اختلف معه سياسيا بمواجهة الانتداب البريطاني ،حيث طلب والده الوداعة والمهادنة وسعى كمال ناصر للثورة والمواجهة ،واختلف سياسيا مع زملائه في الجامعة .

انتخب كمال ناصر عضوا في مجلس النواب الأردني ممثلا لحزب البعث العربي ،وفصل من مجلس النواب الأردني وعبر عن ذلك بتجربته الشعرية ،فهل كان خائفا من السلطة ،وثائرا !،إذ تعرض للسجن احدى عشرة مرة بسبب نشلطه السياسي والصحفي ،وتدني مستوى حرية التعبير عن الرأي ،كان يحب الحياة ويدفع الموت بالشعر
وهل من الموت مفر ،فكلنا في حالة انتظار دوره ،فالحياة نسيان لانتظار الموت ؟إذ استشهد في بيروت فتوحد يوم ميلادة ويوم موته في العاشر من نيسان ،وكان يوصي بدفنه في المقابر الاسلامية .
وفي حواره مع نقيب محامي الأردن إبراهيم بكر كان يقول "أنا لست عنترة "فأمي وديعة وأبي بطرس .
فصله من البرلمان الأردني
ناقش مجلس النواب فصله من عضوية مجلس النواب للغياب ،ورفض أعذاره المرضية؟ وطرح بعض الأعضاء التساؤل التالي:
هل خائف أم مريض ،هل مسافر ،أم مطارد ؟
إن التعرف على كمال ناصر سبر لأغوار التاريخ العربي ،في فلسطين والأردن ودمشق والقاهرة وبيروت، حيث كانت الحدود واهية ضعيفة ،والتعرف على المسيحية الانجيلية الفلسطينية وتاريخها وقلق الموت والمطاردة والهجرة والغياب والشقاء والخوف والشجاعة.

شعر المقاومة

لقد مثل شعره رفضا للواقع والذل والخنوع ،داعيا للتحرر والنهضة ،والتعبير عن الاهات والحسرة والام العربي والفلسطيني ،فتغنى بالثورة ،حتى أنه اشترك بثورة الجزائر عام 1960لنقل الحقيقة عن الثورة التي شوهها الاحتلال الفرنسي إذ قال :
يا جناحي ،هذي رحاب الجزائر كل شبر بها على الضيم ثائر
وتنبأ بنصرها فقال :
رقصت في الجهاد تستبق النصر وتلهو على السيوف البواتر

ويصف الأردن بالوطن الصامد

والأردن الثائر في صمته دنيا من الإيمان لم تنضب
يطوي على أضلاعه عرية منتقما من أمسه المرعب

ولذا ،التقى وعرار في الرؤية الشعرية وأوجاع بوح القصيد ،إذ يقول :
فقلت :هذا (عرار) بت أعرفه هذه أهازيجه في العالم الثاني
(ومصطفى )الشاعر الموهوب آلمه حكم الطغاة بأصحاب وجيران

الرؤيا


وبذلك تتكشف شخصية كمال ناصر وشجاعته ،وعبر عن تجربته الأدبية عن زهو الأدب في عهد النكبة ،إذ أن الشهيد إله ،فلقد رثى نفسه فقال :
حبيبي
إذا ما أتاك الخبر
وكنت وحيدا
.......
فلا تبكي ،إنني لن أعود
فقد هان عبر بلادي الوجود ...
ذليلا جريحا
......
أبوك رؤى شعبه

وكان شهيداً
وكل شهيد اله

هذا الاغتراب الذي غمر حياة الشاعر ،فلقد عاش ليحمل كفنه مشردا طريدا ،إذ يقول :
ولدت أحمل جثماني على كتفي
ولدت واسفي
لا شأن لي بمجيئي وميلادي

فهذا قدر الفلسطيني أن يحيا ليقاتل ،فالحياة نضال حتى الموت ،لا هدنة فيها
إنه حكم التاريخ المستمر فيقول :
أنا ضحية تاريخي وأصفادي
اللعنة اللعنة الكبرى تطاردني .......حلت بأجدادي

إلا أن هذا القدر يواجه الفلسطيني فيقول :
أتبكين
قومي نشد الإباء
على ملعب الكبرياء

ولقد وصف تشرده وغيبته عن جلسات مجلس النواب ،وعدم تمكنه من الحضور لمطاردته فيقول :
أين العظيم الشارد ؟
السيف يطلبه،وتطلبه السجون
الأرض تلعنه وتلعنه السنون

ويصف نفسه مختبئاً فيقول :
متكور في ذلة تحت السرير
.....
صوت أذل من المصير
يغتالني ويصيح بي ،نذل حقير

مما يدلل على احتمال الإهانة ليحيا ويستمر ويقاوم

ويتوقع حكم المحكمة ويصفه بالجائر وغير العاد والضمير المستأجر ،وإنه سيحيا كحق الشعوب والفقير والضعيف ،حتى يتحقق تقرير المصير فيقول :
غدا ............يا أخي تعقد المحكمة
وتتلى قراراتها المجرمة

......
ومن جرحه ،تستفيق الحياة
لتفرض في الشعب ،حق المصير

وعند صدور الحكم عليه بالحبس ثلاثة سنين ،يصيبه الاسى والحسرة والالم،فهل سيعيشها ،انه يلمح مصرعه خلالها شهيدا ،ثم يصنع الأمل في الكفاح وتخطي الجراح وتذكر الشهداء الخالدين لمحو ظلمة سجن سنون الحكم فيقول :

ثلاث سنين ،ثلاث سنين
تصيح وتهنف في مسمعي
....
فأبكي وأضحك في مضجعي
وتهتف ظلما ثلاث سنين

فكل سجين بألف جناح
سينشق عن قيده في الصباح
لينشر في الشعب حق الكفاح

لقد كان الشاعر متسامحا غلبة عليه روحه النضالية وبوصلته الى فلسطين وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره ،وقد أطلق على غسان كنفاني لقب الكاتب الشهيد ،ويعرف مصيره شهيدأ ،وفي 10 نيسان 1974 ،اطلق رصاصة اخيرة من مسدسه ،على فرقة اغتياله ليسقط شهيدأ شهيدا شهيدا .

ورثا محمود درويش الشهيد ورفاقه كمال عدوان وأبو يوسف النجار في قصيدته العرس الفلسطيني فقال :
هذا هو العرس الفلسطيني
لا يصل الحبيب الى الحبيب
الا شهيدا أو طريدا
السفح أكبر من سواعدهم
ولكن
حاولوا أن يصعدوا
دقوا حائط المنفى
أقاموا من سلاسلهم سلالم
من أي عام جاء هذا الحزن ؟
من سنة فلسطينية لا تنتهي
وتشابهت كل الشهور ،تشابه الموتى
حملوا مقابرهم ..
وساروا في مهمتهم
وسرنا في جنازتهم
وبتاريخ 11/ 3 / 1978نفذ فدائيون فلسطينيين وعرب عملية كمال عدوان ليحققوا حق تقرير المصير بجمهورية دلال المغربي ويرفعوا علم فلسطين ليتحقق الحلم الصادق للشهيد كمال ناصر .
المراجع
1- ديوان شعره تحقيق احسان عباس
2- سميرة استيته، كمال ناصر حياته وشعره








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص


.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض




.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة