الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللون والتعبيرات الذهنية في فلسفة عبدالرحمن وحيد كلحو

سيروان شاكر

2019 / 10 / 5
الادب والفن


اللون والتعبيرات الذهنية في فلسفة عبدالرحمن وحيد كلحو
مهرجان الالوان والحقيقة المطلقة
تاريخ الالوان في مسيرة كلحو هو البقاء في عالمه عالم الرغبة الفطرية في الابداع، تجبره على ان يخترق ذاته وعلى ما تبقى من طاقته الحسية والغرض استخدامها في ثورته التعبيرية بتجريدات لونية وحتى شكلية خصوصا في اعماله الاخيرة.
انتزاع الواقع من الخيال كان هدف كلحو الاول وهو ما جعله ان يكرر رغبته ويحرم ذاته من العالم الواقعي ليس للانفصال عنه وانما للبقاء في حضارته الاسطورية، انه يجرد طاقاته ليحولها الى رموز متحررة عفوية تلقائية وانسانية في معانيها ومبداية في واقعه انه بقاءه الذاتي في رحلة الخلود فالحياة في نظره محصلة من الاكتشافات الذاتية والوجدانية.
لقد حول هذا المبدع طبيعته الانسانية الى عالم من الالوان مبنية على اهداف ثابتة يسترجع بها حضارته من اشكال وافكار يجدد من خلالها تكوينه النوعي في طرح مواضيعه لتمثل اعادة مراحله المنقضية في مؤسسته المتطورة، فضربات فرشاته في هذه الاعمال الرائعة انما تدل على ابعاده الفكرية والرمزية بدلالات حسية وجمالية اشبه ماتكون غابة من الاشجار الملونة او غابة من الالوان تغطي ارض الواقع مخالفا لكل التطورات حتى الذهنية، انه انتصار على الذات لتحقيق الهدف الاسمى وفي كل مرحلة يبدأ هذا الصراع قائما على تحقيق مبدا المتعة الابدية والانسانية، ويصوغها في تعارض بين ذاته المستقلة عن العالم الخارجي وبين مشاعره ورموزه التي ترتبط بنوع النشاط الذهني بعيدا عن مفهوم التعديلات الشكلية، وبذلك فهو يجعل من طاقته العاطفية مصدرا لالهامه يوضف به حالته الحسية الى بناء مستمر ومساهمة الحضارة في وضع تاريخ جديد لعالم الالوان، مرة تشاهدها الوان تتدفق من الطبيعة وكانها شلالات من الاحاسيس تقطعها ضربات باللون الاحمر فتظهر فجاة وكانها غابات لانهاية لها، واخرى جسد طائر بين طيور باشكال السحاب تتفاجأ بالوانها، مساحات لونية تقطع الشكل بكل جراة لتظهر في عمل لايمكن وصفه بالكلمات فقط وانما يحتاج الى مشاهد ومتذوق رفيع حتى يصل الى درجته من الابداع الانساني، واعمال تعبيرية وتجريدية اخرى قد سرقت ذهن المتلقي ليلقي بها الى فضاء لايحتاج الى تفكير فحيث هي المكان الاسمى لحرية الفكر وحرية الذات، ثورة الادراكات تظهر الان ولاتختفي بل مستمرة عملا واخرى حنين يربط بين كل شكل وما يعبر وحيد من هذه الضربات فهو قادر على دمج الواقع بعالمه وان يغير ماضي المفاهيم الى اكثر عمقا وشاعرية، انه خريطة معرفية للوصول الى الرمز الحقيقي في عالمه البراءة عفوية ومدروسة في ان واحد يحافظ على اسلوبه المبتكر ويحافظ على بقاءه كاسطورة انسانية في عالم الالوان، ياخذ من الشكل روحه وياخذ من الطبيعة مؤثراته ليدمج الاثنين في نظريته الذاتية (الانسان يخلق الجمال).
قوة في الطبيعة وسيطرة الذات في البقاء انتزاع الشكل منها هذا ما تراه في مجموعة اخرى من اعمال هذا المبدع، احاديث من الفردوس بالوان خضراء يعبر عنها ويضع ادواته المادية في خدمة ثقافته واهدافه الحضارية، يبحث عن ما لاتملئه الطبيعة بصورتها الكاملة يجعل من نفسه حاميا وناشطا لاكمال مسيرة الجمال من حيث التكوين الصوري والرمزي فينتقل من منطقة الذات الى شكله الواقعي فتختلف المفاهيم عنده ليحور من ابعاد ووجه الحضارة الى صيغة تتفق مع نزعته الحياتية نحو احياء عصر اندثر في واقع لم يكن راضيا عنه لتزداد ثورته الانسانية فترة تلو الفترة وكل عصر تختلف مفاهيمه في الحياة ويظهر ذلك في ابداعاته الشكلية واللونية ويحدث انفجارا جديدا لعالم الالوان يرتبط فيها الواقع مع الخيال لتزداد هيبة الشكل فيتحد مع المادة لتكون النتيجة تحقيق الغايات واشباع رغباته ممثلا بذلك مبدأ الحرية في الذات تحقق الابداع. وهكذا يظهر عبدالرحمن من خلال احساسه بالطبيعة القيمة المعرفية والادراكية للخيال ويعزز اثباته لتلك القيمة المعرفية للخيال عن طريق اختزال اشكاله في الطبيعة مرة بالوان متعددة واخرى بتدرجات زرقاء وخضراء ليظهر هذه القيمة للخيال باكثر مما تظهر في الطبيعة فيرى كلحو التخيل هو قبل كل شيء الفاعلية المبدعة التي تصدر عن الاحاسيس انه السلم الذي يربط بين متناقضات العالم الداخلي والعالم الخارجي فخاصية التخيل عنده هي عطائية اكثر مما هي محصلة الوجود الطبيعي فهو يعبر ويحور ويعبر حسب منهجه المستقل عن كل العوالم الخارجية بما فيها المؤثرات منها في بعض الاحيان، امكانيات وطاقات لاتتوقف فالخيال الواسع هو تحرير الملكات من الواقع، فقد صنع هذا المبدع عالمه الفني بنتاجات في تراكيب واجسام واشكال غريبة يبرز الوعي بقصدية وارادة بفعل خبرته الواسعة التي هي شكل من اشكال الاستيعاب الجمالي لمادة الواقع لتظهر في بعض اعماله الرائعة اشكال لاشخاص واقفين وجالسين وكانهم غارقين في مجريات الاحداث والحقائق في اطار الوعي الجمالي الذي يعبر به هذا الفنان من مواضيعه الواقعية باحساس ووجدان بوصفهمها قوى تتصل بالمعرفة الذهنية ويمكن رصدها في ذات الفنان المتلقية، انه منبع للتذوق الجمالي فما يعبر عنه كلحو هي ثورة داخلية يهيا لغرض حقيقة ارفع فيكتشف في خفايا هذا الاسطول الفني الرائع يثير نظرات المتلقي وينقله في حالة يتخطى بها مآسي والام الواقع فيمنحه روح التفاؤل في خطوط واشكال ليس لها مثيل في ارض الواقع وهذا ما جعله يميز اعماله عن الاخرين فقدرته على التاليف والابداع اصبح له منهجه التكوين الخاص.
بناء وتصميم وتعابير انسانية انه يروي حكايات في تكوين جسدي يقترب كل مرة اكثر من طروحاته الابداعية، الزمن في اعماله انما هو اندماج زمني بين الماضي والحاضر وما يخبأه المستقبل فهو واثق كل الثبات انما يحققه هو بناء ذات ابعاد جمالية في خلق التكوين الجمالي لاعماله والوانه وشكله العام، جراة في استخدام كل هذه العناصر الشكلية اخضر واحمر وتدرجات في قمة الحساسية مراحل لايجتازها العين البشرية بل يدركها في سلسلة من التراكيب الحسية انها ثمرات لتراث طبيعي قلد فيه خياله الروحي بظواهر العالم الخلقي ليجمع بين الخيال والمعاصرة فيصيغ حضارته منفلصة عن كل القوى المادية ولينهض العالم من جديد وتتمثل هذا العالم في وصف درامي عاطفي حبذا ان لاتنتهي هذه الرواية في صورة او تلك فيزيد المشاهد تقربا الى اعماق هذه الاعمال الابداعية.
حصيلة فكرية وخبرة ازلية تساهم في تحقيق اهداف عبدالرحمن هذا الباحث في عالم الالوان والطبيعة مندمجة مع احلامه وخيالاته الوجدانية ليجعل من الخيال واقعا مدروسا بكل مقاييسة ومعانيه الذاتية المميزة ليثري عالم الفن التشكيلي بحوادث ووقائع انسانية ويضفي على العمل الفني الطابع الكلي في اكتمال الذات ويبرز خبرته من الجانب الروحي وتحقق كمال الشكل ويجعلها في وحدة كلية يشيع بينها الانسجام والتوافق من حيث قوة التعبير في اللون والشكل والموضوع فهو لايحرم الفن بان يضيف الى هذا العالم الغريب حسيا في خلق صورة جديدة اشبه ماتكون حية النابع من عالم الوجدان لينهي مهمته الاسمى في التعبير بطريقة في غاية الجمال من مساحات لونية استعمل انامله كي يكمل به ذاته ويعكس مسيرته تجاه الانسانية، ليتحسس موضوعات الحياة برؤيته الخاصة فيثير الطبيعة مخابآه الحدسية وتظهر صورا بروايات وقصص مختلفة حوادث من الحياة واجواء رمزية يكمل هذا النشاط البشري في تقنية ابداعية لتمثيل الطبيعة وما تحتويها من اشكال هي الحقيقة في ظلها، ظاهرة فنية وجمالية وخلقية صنعها هذا المبدع تحت فضاء انفجارات اللون تبين قوة الشكل والمضمون وبين الفوضى والنظام وبين الاسراف والاعتدال يخلق كلحو سمفونيته اللونية في هذا الكون.
(اننا نخلق الفن كي نحيا دائما مع الواقع)

الكاتب
سيروان شاكر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع