الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدرس الأول من دروس ثورة العراق

اسماعيل ساكر الرفاعي

2019 / 10 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


الدرس الأول من دروس الثورة

يتمثل هذا الدرس بالعجز الثابت للنظام السياسي في العراق من انجاب سياسي عراقي ذي قامة اخلاقية نظيفة : يستطيع تسويقها وطنياً كمحور لبرنامج اصلاحي شامل ، ويحوز من خلالها على تاييد وقبول معظم تيارات الأمة الفكرية والسياسية ، ذلك لان آليات اشتغال هذا النوع من الأنظمة السياسية المبني على المحاصصة لا بد وان تلوث السياسي : بشكل مباشر من خلال استغلال منصبه او نفوذه في حيازة العقود والمقاولات في وزارته لصالح التيار السياسي الذي رشحه لهذا المنصب ، او من خلال ما يتقاضاه من رواتب وما تدره عليه امتيازات المنصب من أموال . فنحن في العراق ما زلنا مجتمعاً تلعب فيه الأخلاق دوراً يفوق دور الملكية العقارية او البنكية ، في تسويق الشخص وطنياً . وهذا ما لم يشعر به النواب او الوزراء الا وقت الأزمة ، حين ينكشف الغطاء عنهم ويبرزون على حقيقتهم " كرجال جوف " بلا قوة ، اذ ان قوة السياسي الحقيقية تبرز في أوقات الشدة : ليس بكثرة جيوشه وعرباته المصفحة ، بل بكثرة الأذان المصغية له ...
قد يقدم لنا هذا الذي أقوله وجهاً من وجوه المأساة او الملهاة العراقية : لا فرق عندي بين التعبيرين ، اذ عادة ما تنتهي الملهاة بمأساة . وعادة ما تنتهي المأساة ببعض الانفراج والفرح والسعادة ، لكن الحالة العراقية لا تشبه حتى الحالات المشابهة لها في بلدان الريع الاقتصادي ، فهي حالة أزمة مستمرة العصف ، لا تسمح بالتنبؤ بنهاية لها . قالوا كما قرانا في بطون كتب التاريخ بان الخلاص من الإمبراطورية العثمانية سيجلب شيءاً من الهدوء والسعادة ، وان الملكية والدستور والمحتل البريطاني ستنقلنا الى مصاف الدول المتقدمة ، لكن سرعان ما اطلت بوجهها الكالح مذابح الأقليات ، وتحول الجلاد ( بكر صدقي ) الى بطل دفعه الهوس الشوفيني ( ببطولته ) الى القيام بانقلاب عسكري عام 1933 . وقالوا بان الجيوش الوطنية ستزيح هذه النفاية الملكية كما حدث فعلاً في 14 تموز 1958 . لكن الرهان سقط بمذبحة لزعيم الجيش ولكل مظاهر الحداثة السياسية والاجتماعية والثقافية عام 1963 . وتوالت الانقلابات العسكرية ، وتوالى صراخ الشوفينيات ودوي شعارات تمجيد الزعيم " هدية السماء الى العراقيين " الذي غامر باشعال سلسلة من الحروب الخارجية ، قضت اخرها - مع امريكا - على نظامه ووجوده الشخصي ...
يوجد خلل بنيوي في اساسات بناء الدولة على يد البريطانيين عام 1921 ، وخلل لا يقل خطورة عنه في اعادة بناء أسسها على أسس جمهورية عام 1958 . هذان الخللان : الملكي والجمهوري ، اتحدا معاً في اعادة البناء الأمريكية للدولة عام 2003 . الخلل الملكي يتمثل ببناء نظام برلماني لم ينتج سوى الإقطاع ، وسوى اعادة انتاج معادلة السادة والعبيد قانونياً واجتماعياً ، والخلل الجمهوري يتمثل بالإصرار على التمسك بصيغة الشرعية الثورية ورفض تحويلها الى شرعية سياسية مبنية على ولادة شعب . لا حق لاعلام مرحلة 14 تموز باستخدامها من غير ان يتداول هذا الشعب السلطة سلمياً عن طريق صندوق الانتخابات ...
تتبدى المأساة ماثلة في الإصرار على ان تكون الأساسات كلها مختلة بعد اعادة البناء عام 2003 ، وتتبدى الملهاة ماثلة بقوة حين يدفع بريمر ، حاكم العراق وقتها ، الى اعلى السلطة بأحزاب وجدت أصلاً لمحاربة مبدأ : التداول السلمي للسلطة .
عاد النظام الماكي مجدداً بعد عام 2003 بإنتاج الإقطاع السياسي وتجديد معادلة السادة والعبيد اجتماعياً : فالملايين من الشباب القاعدين على ارصفة المدن كالعبيد ينتظرون رحمة وعطف : السيد الوزير او السيد النائب او السيد رئيس الكتلة او الحزب . وبما ان النظام الملكي نظام ذوات وأقلية تتوارث السلطة والثروات ، فانه بالضرورة ينفي الوجود الجمهوري : وجود المواطنة وتكافؤا الفرص والمساواة أمام القانون ، بل ان النظام الملكي عاد اشد حجراً على حرية الناس الجمهورية ، وأقسى في تضييقه على ضمائرهم حين ارتدى عباءة المقدس وشهر سلاح التكفير .
ما أمام العبيد في هذه الحالة الا الثورة ، فالسادة لا يتنازلون عن ( حقوقهم الإلهية ) الا بالثورة ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمين بودشار: من أهدافي إعطاء الكلمة للجمهور وجعله الفاعل الأ


.. الناخبون الموريتانيون يدلون بأصواتهم لاختيار رئيس للبلاد • ف




.. سكان بلدات لبنانية تتعرض للقصف الإسرائيلي يروون شهادتهم | #م


.. أمريكا ترسل 14 ألف قنبلة زنة ألفي رطل لإسرائيل منذ السابع من




.. هل ستتجه إيران لجولة انتخابية ثانية؟