الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاعتراف بالدول الجديدة بين القانون الدولي و العامل السياسي

مروان هائل عبدالمولى
doctor in law Legal counsel, writer and news editor. Work / R. of Moldova

(Marwan Hayel Abdulmoula)

2019 / 10 / 7
السياسة والعلاقات الدولية


يمر القانون الدولي في الوقت الحالي بأزمة خفية عميقة ، حيث تشير المناقشات الدولية في السنوات الأخيرة حول هذه المؤسسة القانونية الهامه ، بأن دور القانون الدولي آخذ في التناقص تدريجيا ، بسبب أن الدور الرئيسي في الاعتراف بالدول الجديدة تلعبه ليس فقط القواعد القانونية الدولية وانما كذلك الجوانب السياسية ، إذ تعد مشكلة الاعتراف بالدولة الجديدة واحدة من أكثر المشكلات إلحاحًا وتعقيدًا ومتعددة الأبعاد في القانون الدولي الحديث خاصة بعد أن اصبحت قضية الاعتراف عمل سياسي وقانوني .

عدم وجود معايير موحدة للحديث عن شرعية أو عدم شرعية الاعتراف ليس بالضرورة أن يؤدي الى طريق الفوضى ، بل تبقى الشروط الاساسية الإلزامية للجميع هي الاهم في حالات الاعتراف مثل الامتثال للمعايير القانونية الدولية القطعية ، التي تشمل المبادئ الأساسية للقانون الدولي - مبدأ السلامة الإقليمية ، وكذلك المبادئ الأخرى المرتبطة مباشرة بظهور الدول مثل عدم التدخل في الشؤون الداخلية و المساواة في الحقوق وتقرير مصير الشعوب وحرمة الحدود واحترام حقوق الإنسان ، فالدول التي تم إنشاؤها بشكل قانوني من لحظة الإنشاء ، تكتسب شخصية قانونية دولية ، أي أنها بموجب القانون الدولي تصبح مالكة للحقوق والواجبات الأساسية ، و هناك نظريتان رئيسيتان في العلوم القانونية للاعتراف بالدول – هما النظرية التأسيسية والإعلانية او التصريحية ، إذ يعتقد أنصار النظرية التأسيسية أن الدولة الجديدة تصبح كيان في القانون الدولي فقط نتيجة لاعترافها من قبل الدول الأخرى ، وهذا يعني وفقًا لهذه النظرية ظهور دولة جديدة بالمعنى القانوني الدولي اعتمادًا على إرادة الدول الأخرى والدولة ككيان بالمعنى القانوني الدولي غير موجودة حتى تحصل على الاعتراف بها ، بينما يؤكد مؤيدو النظرية التصريحية على أن الدولة تتلقى الشخصية القانونية الدولية بحكم وجودها والاعتراف ينص فقط على هذه الشخصية القانونية و يساهم فقط في اندماجها الكامل في نظام العلاقات بين الدول ومن هذه النظريتين يمكن الفهم أن في الحالة الأولى "التأسيسية" يعتبر الاعتراف هو "خلق حالة " ، في الحالة الثانية التصريحية هو " تأكيد الحالة " ، وفي النهاية و وفقًا لإعلان مبادئ القانون الدولي لعام 1970 ، كل دولة ملزمة باحترام الشخصية القانونية للدول الأخرى ومن هذا المفهوم يمكن أن نستنتج أن الاعتراف بالدولة الجديدة لا ينبغي أن يعتمد على إرادة الدول التي تعترف به ، فالدول تتساوى مع بعضها البعض بصرف النظر عن وقت إنشائها ونطاق الحقوق والواجبات ، الذي يحدثنا عنه مبدأ المساواة في السيادة بين الدول ، ويبقى السؤال الاهم دون اجابة واضحة : هل الاعتراف بالدول الجديدة يحدده العامل السياسي أم القانون الدولي ؟ .

لم يتم حل مشكلة الاعتراف بالدول والحكومات لا من الناحية النظرية ولا من الناحية العملية على الإطلاق وتصبح الدولة معترف بها تمامًا فقط بعد أن تشغل مقعد في الأمم المتحدة و وفقًا لإجراءات الانضمام إلى الأمم المتحدة ، فإن أي دولة ترغب في الانضمام إلى هذه المنظمة عليها أن تناشد اولا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ، ومن ثم الجمعية العامة، و كما يعلم الجميع يتكون مجلس الأمن من 5 أعضاء دائمين يتمتعون بحق النقض و النقطة المهمة هي أن أحد الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن قد يستخدم حق النقض في عدم الاعتراف بالدولة الجديدة على الرغم من أن الدول المتبقية البالغ عددها 192 دولة ستعترف بها ، وبالتالي ستصبح هذه الدولة معترف بها بالكامل تقريبًا ، لكنها لن تكون عضوًا في الأمم المتحدة. على سبيل المثال تهدد الولايات المتحدة باستخدام حق النقض ضد دخول فلسطين إلى الأمم المتحدة ، التي تتمتع بمركز مراقب دائم، أما بالنسبة للدول المنبثقة من الاتحاد السوفيتي السابق ، فإن النقاش حول ما إذا كانت أبخازيا وناجورني كاراباخ وأوسيتيا الجنوبية وترانسنيستريا الملدافية هي دول " كاملة " يمكن أن يستمر بين العلماء السياسيين ورجال القانون الدوليين دون حدود ، ولكن وجود هذه الدول الطويل حقيقة لا يمكن إنكارها ، بينما تظل حالة كوسوفو مثال كلاسيكي لتأثير العامل الجيوسياسي على الاعتراف ، حيث لعب اعتراف الولايات المتحدة الامريكية ودول الاتحاد الاوروبي وحلف الناتو دورًا مهمًا في اعتراف القانون الدولي بكوسوفو و سمح دعم هذه الدول والناتو في اعتراف أكثر من 80 دولة بكوسوفو في وقت قصير نسبيا ، وهناك نماذج اخرى لتأثير العامل الجيوسياسي على الاعتراف بالدول فهناك دول بعد حرب طويلة فازت بالاستقلال مثل إريتريا وتيمور الشرقية وجنوب السودان وأجبرت حكومات إثيوبيا وإندونيسيا والسودان على الاعتراف باستقلالها ، لكن الدور الرئيسي في الاعتراف الدولي بهذه الدول كان يلعبه مرة أخرى توازن الأطراف المتحاربة مع القوى السياسية الدولية وليس القانون الدولي فقط .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبح -الحي الميت- السنوار يخيم على قراءة الإعلام الإسرائيلي ل


.. الحركة الطلابية في الجامعات : هل توجد أطراف توظف الاحتجاجات




.. جنود ماكرون أو طائرات ال F16 .. من يصل أولاً إلى أوكرانيا؟؟


.. القناة 12الإسرائيلية: إسرائيل استخدمت قطر لتعمّق الانقسام ال




.. التنين الصيني يفرد جناحيه بوجه أميركا.. وأوروبا تائهة! | #ال