الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكارثه المائيه في لحظتها الراهنه

عدلي محمد احمد

2019 / 10 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


شهد سد النهضه الاثيوبي , ومنذ بداية اكتوبر تدفق مياه النيل من الفتحه العليا في وسط السد الي مصر والسودان, مشكلا في اللحظه بحيره متزايده من المياه بطول 10كم , وبما قيمته مليارونصف من المياه حتي هذا التاريخ المشار اليه , وهي كمية المياه التي لا ينتظر زيادتها هذا العام المائي الذي سينتهي في ديسمبر المقبل الا في حدود ال 12 مليار متر مكعب, وهي قيمة تصريف النيل الازرق خلال شهور اكتوبر7468 ونوفمبر2426 وديسمبر 1282متر مكعب (وفقا لدراسات شملت الفتره من 1912وحتي 1982---كان قد قام بها الدكتور رشدي سعيد.
وهو ما يعني بصوره قاطعه ان النقص الذي ستتعرض له الحصه المصريه التاريخيه هذا العام المائي لا تتعدي 5, 13 مليار متر مكعب .
وهي كميه من المياه لا تصل حتي لحد التخزين الميت الذي تبدأ بعده امكانية التوليد الكهربائي او صرف المياه للزراعه, فالمعروف ان حد التخزين الميت فيما يخص سد الموت والعار يبلغ 20 مليارمتر مكعب من المياه.
وهي الكميه التي لن تستطيع اثيوبيا حجز اكثر منها , مع التأخر في تركيب اول توربينين لا يمكن البدء في التخزين الا بعد تركيبهما مؤخرا بالفعل .
واذا كانت هذه الكميه لا تكفي للتوليد , فانها يمكن ان تستخدمها اثيوبيا لتحقيق اختبار عملي (امبريقي )اكثر دقه لحالة البخر المتوقع, وايضا لحالة التسريب بعد كل ما شاع وذاع عن تشققات قاع البحيره لدرجه تصل الي مستوي الكهوف المائيه في منطقه تعتبر ضمن الفالق الافريقي.
ومن ناحية اخري فان هذا المقدار من المياه مقدار يقل قليلا عن المقدار الذي يري حكم السيسي ان من الممكن له قبوله سنويا, والمتعلق بما يسمونه (سنوات ملء الخزان)
وهكذا يبدو (التفاوض) العاصف الجاري حاليا بين النظامين المصري والاثيوبي شيئا متعلق بالعام المائي القادم, والذي يبدأ في يونيو 2020, وهو العام المائي الرهيب الذي سيواجه مصر, حيث ستكون التوربينات ال 16 قد جثمت فعليا فوق جسد سد الموت والعارككوابيس مرعبه تعوي بامكانية الفناء الفعلي لمعظم الشعب الذي لا يوجد لديه اي مصدر آخر للمياه يعتد به.
ولكن لماذا يطرح حكم السيسي التفاوض منذ الآن وبهذه الحده التي استدعت اعلان ان التفاوض قد وصل الي طريق مسدود, كما استدعت طلب اللجؤ لمشاركة طرف رابع في المفاوضات, وهو ما رفضه الاثيوبيين والسودانيين علي الفور, رغم مسارعة الاداره الامريكيه بانها يمكن ان تقوم بهذا الدور ؟
الامر الواضح ان الجنرال يستخدم ورقه وحيده يتيمه في تفاوضه مع النظام الاثيوبي, يعتمد مضمونها علي ما يسببه الرفض المصري لاثيوبيا من عراقيل امام توقيع عقود بيع وشراء اراضي زراعيه و قابله للزراعه مع البلدان والشركات العالميه , تستهدف اثيوبيا ريها بمياه النيل لزراعات المحاصيل المستنزفه للمياه او زراعات الوقود الحيوي التي توفر انظف الطاقات الكهربيه واكثرها استدامه , وهو المضمون الذي اضعف من تأثيره بشده توقيع وثيقة التفريط في حصتنا التاريخيه في مارس 2015, حيث تحاول حدة الموقف المصري الآن والمتعارضه مع مضمون ونصوص اتفاقية الخرطوم التخفيف من هذا الاضعاف بقدر الامكان, خلال الفتره المقبله وحتي بداية الفيضان المقبل في يونيو 2020 والتي تعتبر الفتره الحيويه لتوقيع مثل هذه العقود.
الحل العسكري غير مرجح بالمره من جانب حكم السيسي , ليس فقط لأن الصهاينه من يحمون سد النهضه الآن , بل لأن ذلك الحل سيعني وضع حكم السيسي في حرب مع عالم العولمه بمجمله تقريبا , وهو ما تجنبته مواقف الجنرال منذ اللحظه الاولي في التعامل مع كارثة سد الموت والعار, اضافة الي ما ضارت تشكله المليارات المحتجزه هذا العام من قيود علي اللجؤ للحرب .
حكم السيسي يشل الخيار العسكري
فجريمة حكم السيسي الاخطر من توقيع اتفاقية انهاء حقنا قانونيا في حصتنا التاريخيه المائيه الطبيعيه, هي موافقته الضمنيه الساريه منذ اسبوعين تقريبا علي بدء تخزين المياه خلف سد الموت والعار, دون التوصل لحسم نصيبنا من المياه وفقا حتي لاتفاقية العار(عدم الاضرار الجسيم) والذي يري حكم السيسي انه لا يمكن ان يقل عن 40 مليار.
ان الضجيج الدبلوماسي والهرتله الاعلاميه , لا يمكن لها ان تعمي عيون الشعب عن ان تمرير بدء التخزين خلف السد لا يعني الا انهاء السيسي للامكانيه الجديه الوحيده او حتي التهديد بها من اجل فرض ما نراه الحد الادني الذي يمكن ان تتعرض له مصر كلها من دونه للضياع التاريخي, واقصد بها العمل العسكري.
فمهما كانت كمية المياه الجاري حجزها - حتي نهاية الفيضان في ديسمبر- محدوده , (حوالي 13 مليار مترمكعب )الا انها ستشكل قيد علي ايدي الجيش ان فكر في اي لحظه في اللجوء لدوره الوظيفي المعتاد في جميع بلدان الدنيا في مثل هذه الاحوال بل واقل منها.
قيد دون تجاهله دمار سوداني كبير قد يمحي الخرطوم وما قبلها حتي الروصيرص , انه يدخل بمصر في طريق مسدود لتلاقي مصيرها الذي صاغه مع اعدائها علي ارض الواقع منذ سيطرعلي سدة الحكم.
والامر اللافت ان حكم السيسي يضع الان وفقا لهذه التوجهات الصارمه , ذات القيد علي يديه فالخيار العسكري في مواجهة استراتيجيات حلفاءه في اثيوبيا التي لا يتعدي دورها مخلب القط , خيار منتهي امره تماما , رغم ان ذلك سيغري اثيوبيا بالطبع بالتمسك بموقفها من كمية المياه التي اري انها لا يمكن ان تحصل علي اقل منها, وهو الامر الذي سيعرض الجنرال حتما لمواجهات كبيره مع عمال مصانع السكر وفلاحين زراعة القصب وغيره, فهذه الكميه لن تترك لنا عند اسوان الا 30 مليار متر مكعب اي ان ثلاثة ارباع الزراعه المصريه سيتعرض للجفاف التام, ماذا يعني استعداد حكم السيسي لملاقاة هذه المواجهات التي لا تقل عن حرب اهليه في مقابل عدم استعداده للحل العسكري حتي لو ضاع معظم مياه الزراعه؟
, هو يتفاوض ويولول لاصدقائه الخلايجه والصهاينه والامريكان انقذوني من اجل حجز اثيوبيا ل 15مليار فقط, حتي يتجنب شبح الحرب الاهليه مع اغلبية الشعب, والذي يعتبر امرا حتميا في ظل الاصرار الاثيوبي علي ال 25 مليار, ولكنها مجرد ولوله لا تملك من امر نيلها شيئا!
من يتصور في ظل هذه البشاعه ان مياه مخزون البحيره الذي حوله الي سرعسكري علي المصريين, قد يحمينا ولو لعامين , واهم او مجرم يعي ما يفعل , فاثيوبيا تبني الآن ثلاثة سدود وعلي النيل الازرق ذاته في مشروع متكامل مع سد النهضه اسماه الامريكان لهم منذ منصف الستينات "مشروع النيل الازرق" يشمل سدود النهضه ومندايا ومابيل وكارادوبي, حيث تبلغ السعه التخزينيه للسدود الثلاثه الاخيره الجاري بناءها حوالي38مليار متر مكعب, اي اننا ووفقا لخطة الجنرال سنقف بعد عامين امام بحيرة ناصر فارغه , وسد عالي احيل الي الاستيداع, واربعة سدود اثيوبيه متوحشه تودع مصر التي نعرفها كهبه نيليه الي شتات حتمي لاكثر من مائة مليون مصري, فالامر المؤكد ان جميع بلدان حوض النيل الشرقي والغربي ستحذو حذو اثيوبيا , بعد هذه الغنيمه المائيه الوافره في زمن ندرة المياه العذبه.
ولكن لماذا يواصل حكم السيسي التفاوض ؟
لانه يدرك بوضوح ان تأجيل التفاوض حتي قبيل بدء حجز المياه من الفيضان المقبل , سيضعه في مواجهه مع البلدان التي وقعت عقود مباشرة باعتبارها طرفا صار متعرضا للتضرر من اي تأجيل لحجز المياه , ناهيك ان الحجز من عدمه سيكون قد صار امرا واقعا مفاتيحه بالكامل في يد بلد المنبع.
يتصور حكم السيسي علي ما اعتقد انه بهذه الطريقه يمكن له الحصول علي اكبر مقدار سنوي من المياه, يمكن تعويض نقصه من مخزون البحيره التي لا يعرف احد كم يحتوي من المياه رغم ان الوزير السوداني للري يتحدث عن 160مليار, وهو ما لا اعتقده بالمره رغم كل تقتير حكم السيسي في صرف المياه عبر السد العالي.
وفي حقيقة الامر فان تصور حكم السيسي, علي هذا النحو سيخضع مسألة المعركه مع اثيوبيا علي عامل خارجي, هو مدي الاقبال علي توقيع العقود, وهو ما يحاول اعاقته او تخفيضه بقدر الامكان, ولكن هذا العامل يتأثر اكثر ما يتأثر لا بمدي رضا الجنرال , بل بحالة اسعار النفط التي ان تعرضت للارتفاع فلا شئ سيعوق سيل من العقود التي يمكن لها ان تنهال علي اديس ابابا, وايضا بمدي وطبيعة اللحظه الراهنه في الازمه الاقتصاديه العالميه, ومدي تأثيرها علي اسعار المحاصيل المستنزفه للمياه كالقمح والارز والقصب الخ

وفي كل الاحوال , فان عشرة شهور صارت تفصلنا الآن عن ملاقاة الكارثه المائيه وقد اكتملت فصولا, بما يمكن العصابه الاثيوبيه الحاكمه من الاعلان بكل بساطه عما تراه حينئذ ملائما لها من مياه ,والتي اعلنت منذ الآن انه لن يقل عن 25 مليار.
وايضا ملاقاة الجريمه الاشنع لحكم السيسي والتي لا تعني الا المجازفه بتقديم فقراء البلاد ومعهم القاعده الاقتصاديه التاريخيه للبلاد ككبش فداء,يتحمل الاعباء الكامله للجريمه الاثيوبيه التي اقرها حكم السيسي ومنحها كل شرعيه مهدرا حصتنا المائيه التاريخيه ومعرضا النيل كله شرقا وغربا للجفاف التام .
وذلك من اجل استمرارحكم السيسي ( الذي سيبذل اقصي جهد في التفاوض حتي يضمن الحد الادني الضروري وجود عبيد مأجورين لدي طبقته الحاكمه), في مصر اخري جديده بعاصمه جديده ومفاعلات نوويه تحلي المياه من البحار!, اخذت تطل علينا مؤخرا بقصورها الشاهقه الباذخه, ككابوس فظيع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ما تبقي من ماء يكفي و يزيد
هاني شاكر ( 2019 / 10 / 7 - 22:26 )

ما تبقي من ماء يكفي و يزيد
__________

عندما يضع الجنرال نظارته الداكنة لا يري في مصر سوي عشرة ملايين من المصريين يهتفون له في منصاته و يحضرون مؤتمرات شبابه و يديرون إعلامه و يبنون قصوره و يزينون منتجعاته

طعامهم مستورد من فرنسا و مشاريعهم من إنجلترا و ملابسهم من إيطاليا

مداخيلهم تصل الي مليون دولار في الشهر للأسرة الواحدة من عمولات السلاح و المقاولات

يشربون المياه المعدنية و يحتاجون مياه النيل لملأ حمامات السباحة و رش حدائق قصورهم

لا يعيش في مصر احد غيرهم علي مد البصر من خلف النظارة السودة

ما تبقي من مياه النيل يكفي هذه المجموعة و يزيد

....

اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: المؤسسة الأمنية تدفع باتجاه الموافقة


.. وزير خارجية فرنسا يسعى لمنع التصعيد بين إسرائيل وحزب الله في




.. بارزاني يبحث في بغداد تأجيل الانتخابات في إقليم كردستان العر


.. سكاي نيوز ترصد آراء عدد من نازحي رفح حول تطلعاتهم للتهدئة




.. اتساع رقعة التظاهرات الطلابية في الولايات المتحدة للمطالبة ب