الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأحزاب التونسية الفاشلة

حاتم بن رجيبة

2019 / 10 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


أعيش في ألمانيا منذ عقدين من الزمن ورغم بعض التقلبات السياسية والتغيرات الحزبية كبروز أحزاب جديدة مثل الخضر وحزب من أجل ألمانيا فإن المشهد السياسي عامة مستقر أى أن التغيرات بطيئة وذلك منذ 200 سنة . فالنزاع بقي لعقود كبيرة منحصرا بين اليمين المحافظ واليسار الإشتراكي والليبراليين التقدميين.

أما في تونس فأهم مميز للمشهد الحزبي هو زلازل وبراكين ورجات وانزلاقات. فما عدى حزب النهضة الأصولي والتيوقراطي فلا من حزب ثابت ولا من نجم دائم. كل إنتخابات تلد أحزابا بالكاد تكونت وأخذت الترخيص و تدفن أخرى وتلقيها في مجال الصفر فاصل بعد أن كانت فذة و متمكنة.

شيء عجيب و محير. أحزاب ناضلت عقودا تنطفئ في رمشة عين وأخرى تنتصر بعد بضعة أشهر من ميلادها لتندثر من جديد في الانخابات الموالية. أين هو حزب المؤتمر من أجل الجمهورية للمنصف المرزوقي وحزب المسار الإشتراكي و الجبهة الشعبية وحزب النداء الفائز في الاتخابات الفارطة و العريضة الشعبية للحامدي ووو...

لماذا صمدت النهضة نسبيا واندثر الآخرون؟

لماذا تصمد الأحزاب في الغرب طويلا وتفنى في تونس في رمشة عين؟

لماذا يصوت الناخب بقوة للنداء أو المؤتمر أو قلب تونس ليتنكر له تماما فيما بعد؟

لماذا هذا الكم الهائل من الناخبين الرحل؟ مئات الآلاف من المتنقلين من البورقيبي الباجي قائد السبسي إلى رجل الأعمال الفاسد سليم الرياحي إلى رجل الحقوق المنصف المرزوقي إلى السخيف الشعبوي الهاشمي الحامدي فحتى حزب النهضة بدأ يأخذ تدريجيا حجمه الحقيقي أي دون احتساب أصوات الناخب ،،الغجري ،،أي في حدود ال-10 % أو حتى أقل أي باحتساب أصوات منخرطيه فقط.

الواضح أن جل الناخبين في تونس غير متحزبين ولا ينتمون لفكر سياسي معين ما عدى زمرة أصولية متطرفة تابعة لحركة النهضة وقلة شيوعية اشتراكية أكاديمية نخبوية تنشط أساسا في كليات العلوم الإنسانية.

الواضح أن سواد الشعب التونسي براغماتي وجاهل أيديولوجيا . لا يفقه معنى اليسار أو اليمين أو الليبرالية أو العلمانية....لأن سواد الشعب التونسي غير متعلم أو شبه متعلم فجل التلاميذ يغادرون قاعات الدرس مبكرا، بالكاد يجيدون القراءة وحتى المتحصلون على الشهائد العليا لا يفقهون إلا في اختصاصهم و يفتقدون إلى ثقافة عامة صلبة. فالثقافة السياسية منعدمة والنقاشات معظمها تدور في خضم المباريات الرياضية والمشاغل الحياتية.

ولتعزيز ما قلته تأمل الوعود الإنتخابية للفائزين في المحطات الإنتخابية: كل الفائزين دون احتساب النهضة قدموا وعودا براغماتية مثل: منحة قارة للعاطلين، مساعدة مالية للراغبين في الزواج، خلق 500 ألف موطن شغل...أو تقديم خطاب شعبوي عام مثل: القضاء على الفساد والإرهاب والمحسوبية والفقر...

إلى حد الآن لم يجد الناخب حزبا يقدم حلولا ناجعة. فالكل يسعى إلى السلطة دون أن يملك البرنامج والآليات التي تجعله يستمر في الحكم. فحتى النهضة التي تتباهى بكونها بقيت صامدة ورائدة هي في تقهقر مطرد ولولا النسبة الهزيلة للمشاركة الإنتخابية لما تعدت نسبة أصواتها العشرة في المئة. الكل عجز. وكل دورة انتخابية جديدة تنفر الناخبين أكثر، فما هي جدوى استبدال عاجز بعاجز؟

أما سبب العجز الرئيسي فهو تمحور الأحزاب في زعيم وشخص. ليست الأفكار والإيديولوجيا والثوابت هي المهمة بل كاريزما الزعيم وهو وضع لم يتغير منذ ألفي سنة.

الأحزاب في الغرب ترتكز على فكر ثابت ومبادئ صلبة. تتغير الزعامات أما الحزب فيبقى بينما في تونس يموت الحزب بفشل زعيمه.

على الأحزاب السياسية الإقتداء بمنظمات المجتمع المدني التي ترتكز على مبادئ واضحة ولها أهداف تهم المجتمع ومنخرطيها بينما أهداف الأحزاب التونسية تنحصر في الوصول إلى السلطة، لا غير. لاحظ كيف يستميت القادة السياسيين على منصب رئاسة الجمهورية الصوري : حمة الهمامي، يوسف الشاهد، عبو، الباجي، المرزوقي...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهداء وجرحى إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلا في مخيم النصيرا


.. الشرطة الأمريكية تعتقل طلبة معتصمين في جامعة ولاية أريزونا ت




.. جيك سوليفان: هناك جهودا جديدة للمضي قدما في محادثات وقف إطلا


.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي




.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة