الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طريقي إلى الجامعة

هدى الخباني
كاتبة

(Houda El Khoubani)

2019 / 10 / 10
الادب والفن


طريقي إلى الجامعة (1).

استيقظت باكراََ كعادتي، احتسيت فنجان قهوة، مشطت شعري، حائرة بين ربطه كشكل ذيل حصان، كعكة، أو الظفيرة الفرنسية، قررت أن أجعله مرفوعاََ بتسريحة، ارتديت ملابسي ووجهتي الجامعة.
وجدت صفاََ طويلاََ ينتظرني لأركب طاكسي أجرة، النظام منعدم هنا، كلُّ واحد يسعى إلى سبق الوقت، أناس أنانيون، عراكُُ على أشده في الصدر والوجه والركل على المؤخرة، ارتماء على الآخر لكماََ ورفساََ، شفاه تتمطط وتتقلص، قذف ببصاق كاللطمة، أستحضر مقولة مُفادها أن العرب لن يتقدموا إلا بعد أن يركبوا الحافلة بنظام، أحاول أن أشرح للناس أن الآخرين أيضا ينتظرهم العمل والدراسة، لا يعلم بحالنا إلا الله، كفانا غطرسة ونرجسية، لنحترم أنفسنا قبل أن نحترم الآخرين.
ركبت طاكسي أجرة، بجانبي رجلُُ يفور غضب في أعماقه، يشتم العرب ونظامهم اللانظامي، ينتقل لينتقد السياسة، العلاقات الإنسانية، واقعُُ ينخره العفن وأمراض أخرى مزمنة، يلتفت إليّ ويقول:
_ كون غير فتحو الحدود، وخلاّو الهيماج يخوي البلاد، علاش حابسينا، علاش ؟
_ الله يخليك، بلا ماتعصب، حافظ على هدوءك، أعرف أن النجاح أساس النظام.
بعد فترة صمت قصيرة، تابع كلامه بصوت مرتفع:
_ ما كاينش معامن، ماكاينش.
نزلت من التاكسي، ألقيت برجلي على الرصيف، وقفت أنتظر الحافلة، كما وقف الشاب الغاضب قبل لحظات ينتظر قربي، يقترب ويسألني:
_ ما اسمك ؟
_ هدى، وأنت ؟
_ وليد، تشرفت بمعرفتك
_ أنا أيضاََ
_ أعتذر على عصبيتي في التاكسي
_ بالعكس، موقف مشروع، طبيعي أن تفقد السيطرة، على الأقل أنت تعبر عن مشاعرك، وهذا شيء جميل جداََ.
_ شكراََ لک، ذاهبة إلى الكلية ؟
_ نعم
_ تبدين فتاة مختلفة
_ على أي مستوى ؟
_ على جميع المستويات، إنسانة راقية في التحدث، لباقتك تسحر الآخر، حتى عقليتك لا تشبه المغاربة
_ هذا من ذوقك، المشكل ليس في الجنسية، الهوية متعددة صديقي، مشكل تنشئة اجتماعية
_ فعلاََ. لم تلاحظي شيئاََ ؟
_ ماذا ؟
_ كلّ مارّ من هنا، يحدق فينا
_ لا تهمني خلفية الناس، أنا أتحاور مع إنسان، أريد أن أحاورك وأرغب في ذلك، إرادتي هي التي تحكمني، إذن أين المشكل ؟
_ جميل، كدتُ أنكمش خجلاََ من سوأة فِعلة وهمية يراها الناس، وكأن لعبة الجسد إثم أبدي نلهث وراءه.
في هذه اللحظة توقفت حافلة الخط (143).
_ أشكرك على حوارك.
_ رغم همجية الركاب، أنا أشكر التاكسي الذي جمعنا.. أعتقد أن الحافلة تنتظرك.
تصافحنا وأردف:
_ قد نلتقي مرة أخرى، حظ موفق، إلى اللقاء.
_ كل شيء ممكن، إلى اللقاء.

هدى الخباني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??