الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الممر- ضاق علينا.. نظرة ومدد يا وطن

سيد طنطاوي
(Sayed Tantawy)

2019 / 10 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


من الذي أدخل الوطن في الممر؟
سؤال لا يحمل ثمة مؤامرة، ولا موقف مسبق، لكنه شعور بـ"غصة" في الحلق، و"وخزة" في الصدر، ممن جعلوا مشاهدة فيلم على الشاشة استعادةً للوطنية، وكأن هذا المفهوم الشامل للانتماء، أصبح طفلًا يضل الطريق.
الوطن ليس ممرًا ولا فيلمًا ولا يُمكن أن يكون، وحينما تعرض لمِحنٍ في السابق، كان "على الممر"، أي فوقه، وهو دومًا يعلو ولا يُعلى عليه.
لا يُمكن الاقتراب من الأسلاك الشائكة لـ"الممر"، دون قلبٍ يرتجف، وقلمٍ يرتعش، ولما لا؟! والوطنية أصبحت صكوكًا توزع عبر الشاشات، والخيانة تُفرق كما الحُمص في المولد.
كل هذا ليس مبالغة، فأحد موزعي اتهامات الخيانة، ومانحي صكوك الوطنية، وجه اتهامات بالخيانة لممثل عن دوره في فيلم، وقال: "مش ده الخاين اللي رفض ينزل المياه في فيلم الطريق إلى إيلات".
الفيلم في صناعته يعد نتاجًا طبيعيًا لعصر عاش الملك، وهو في حقيقته ممر ضيق للغاية، لا يسع إلا صانعيه وكدابي الزفة الذين يشيدون ببطيخ مولانا ولو كان أقرعًا.
الحقيقة أن "الممر"، ليس فيه إلا ميزة واحدة، وهي التأكيد أن إسرائيل لا تزال هي العدو، وهو ما كان يُمكن أن يتحقق لو كثفت الفضائيات عرض أفلام "الطريق إلى إيلات، والرصاصة لا تزال في جيبي، وأبناء الصمت والعمر لحظة... وغيرهم.
العمل به من الأخطاء العسكرية على مستوى السيناريو والتشخيص والأداء، ما يجعله يستحق أوسكار الأسوأ بين الأفلام الكثيرة التي جسدت حرب الاستنزاف ونصر أكتوبر.
على مستوى السيناريو، هو الأضعف، فليس هناك جملة يُمكن وصفها بالرائعة، وهناك سقطات كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر، ما جاء على لسان أحمد رزق أنه عمل مستشارًا إعلاميًا لراقصتين، ولفظ مستشار إعلامي هو لفظ مستحدث، لم يكن يجري على ألسنة الصحفيين في الستينيات.
عسكريًا، كان الفيلم ملئ بالأخطاء في مفهوم الميري، وأولها أن النقيب الذي قام بدوره أحمد فلوكس، دخل على القائد الذي كان برتبة رائد، ولم يؤد التحية العسكرية، وناقشه كما لو كان النقيب هو الأقدم من الرائد، وليس العكس.
خطأ آخر سلط عليه الضوء الناشط والمدون وائل عباس، وهو أن نسر رتبة أحمد عز، لم يكن مستخدمًا وقتها، إذ كان المعتمد حينها صقر قريش، وليس النسر الموجود الآن.
على مستوى هيئة وزي الممثلين، كان أحمد فلوكس بشعر مصفف في كوافير من دقائق، مع العلم أن الشعر القصير وحلق اللحية من محددات الهيئة العسكرية، التي يعاقب مخالفها بالجزاء فورًا، لكن من الأخطاء المضحكة فعلًا، هي أنه حين كان أبطال الفيلم في الصحراء جاء ظهورهم بلحى طويلة، وهو أمر طبيعي في ظل ابتعادهم عن وحداتهم، لكن الغريب أن المخرج شريف عرفة نجح في ضبط ذلك، لكن يبدو أنه فشل في إقناع أحمد صلاح حسني بإطلاق شعر رأسه فكان "زيرو"، كما أن نظارة أحمد رزق موديل 2019، ولا علاقة لها بالستينيات.
لم يلتزم السيناريو بأبسط القواعد العسكرية، وهو تنفيذ الأمر دون اعتراض، فالثابت في العسكرية المصرية أن القاعدة تقول: "الديمقراطية في عرض الآراء، لكن الديكتاتورية يجب أن تكون حاضرة في أخذ القرار وتنفيذه، لكن في الفيلم النقيبان أحمد صلاح حسني أو أحمد فلوكس، كانا يعترضان على قائدهما دومًا.
من الأخطاء أيضًا أن هناك من يُنادي أحمد عز بـ"نور بيه"، والحقيقة أن لفظ "بيه" غير موجود في الجيش من الأساس ومحظور، والمناداة تكون بـ"يا فندم".
ما غلب على صناعة الفيلم هو العنتريات، التي تليق بالمرحلة، فلا أحد يعرف سر استحواذ شريف عرفة على الإخراج والسيناريو وهو ليس متخصصًا في السيناريو، ومن ثم وقع في أخطاء كثيرة، لكن الحقيقة أنه يُكمل مرحلة أفعل التفضيل الموجودة الآن "أفضل وأكبر".
الصورة السيئة التي ظهر عليها المراسل الحربي، لم تكن مجرد محاولة لكسر الجمود بالكوميديا، بل هو إسقاط متعمد على الموقف من صحافة 2019، التي يرى بعض الدراويش أنها مجرد استشارات إعلامية للراقصات، رغم أن الصحافة في فترة الستينيات كانت هي النموذج المطلوب في 2019 تحت قول "يا بخت عبدالناصر بإعلامه"، ليبدو هنا أن آلة الزمن لم تنقل شريف عرفة خلال 60 عامًا، ولم يحاول البحث في سير ومآثر المراسلين العسكريين، والذين منهم واحدًا يقبع على منصب يُعادل وزير الإعلام، لم ينتفض لمهنته ولا لنفسه، لكنه انتفض من قبل وحاكم الدراما وصُناعها بتهمة الإساءة لرجال الشرطة، لكنه أمام إهانة مهنته فقد قلمه.
ممر شريف عرفة لا يسعه إلا هو ومن معه، أما الوطن الذي لن يكون ممرًا، فقدره أن يسع الوطنيين، ودراويش الممر أيضًا.
ممرنا ليس كممرهم، فممرنا مسبوق بـ"على"، يتعرض لمحن على مر الزمان، فنقول له: أبكى.. أنزف.. أموت.. وتعيشي يا ضحكة مصر.. وتعيش يا نيل يا طيب.. وتعيش يا نسيم العصر.. وتعيش يا قمر المغرب.. وتعيش يا شجر التوت.
أبكي.. أنزف.. أموت.. وتعيشي يا ضحكة مصر.. وتلاميذ المدارس والنورج اللي دارس.. والعسكري اللي دايس ع الصعب عشان النصر.. يا مراكب يا صواري يا شوارع يا حوارى.. يا مزارع يا صوامع يا مصانع يا مطابع.. يا مينا يا كباري يا منادر يا بنادر يا منازل يا بيوت.. أبكى.. أنزف.. أموت.. وتعيشي يا ضحكة مصر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كارثه فى مصر
على سالم ( 2019 / 10 / 10 - 16:27 )
من المؤكد ان كل الافلام المصريه بدون استثناء مسخره وفضيحه , افلام تدل على الغباء الشديد والعبط والضحاله الفكريه والسذاجه المتجذره

اخر الافلام

.. نتنياهو بين إرضاء حلفائه في الحكومة وقبول -صفقة الهدنة-؟| ال


.. فورين أفارز: لهذه الأسباب، على إسرائيل إعلان وقف إطلاق النار




.. حزب الله يرفض المبادرة الفرنسية و-فصل المسارات- بين غزة ولبن


.. السعودية.. المدينة المنورة تشهد أمطارا غير مسبوقة




.. وزير الخارجية الفرنسي في القاهرة، مقاربة مشتركة حول غزة