الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في قبضتي

مهند طلال الاخرس

2019 / 10 / 10
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


في قبضتي
في قبضتي صفحة واحدة من السيرة الذاتية للدكتور سمير غطاس المعروف والمشهور لدى صفوف الثورة الفلسطينية ب "محمد حمزة"، وهو كتاب من ١٤٤ صفحة من القطع المتوسط صادر عن منشورات منتدى الشرق الاوسط للدراسات الاستراتيجية وسنابل الكتاب في يناير ٢٠١٩.

والكتاب سيرة ذاتية مفعمة بوقائع واحداث ومواقف استثنائية مشوقة ومثيرة تحبس الانفاس، بحيث ان القاريء يجد نفسه يقلب الصفحات شغفا يعتريه الشوق والفضول لمعرفة ما تخبئه الصفحات القادمة مع خوفه الدائم عند تقليب كل صفحة من النهاية ...

كتاب لا ترغب في طي صفحاته ككثير من الكتب، تسير مع حرفه وقصصه الدامية والمفرحة بكل شوق وفخر..

كتاب كتبت حروفه بلغة سامية ،وخطت سطوره بسنوات من الكد والاجتهاد والعذاب والتضحية دون ادنى خوف من قادم الايام...
كتاب يتحدث عن سنوات المد الثوري الجارف الذي استقطب عربا وعجما من كل حدب وصوب انتصارا للثورة الفلسطينية في سنوات عنفوانها في المرحلة اللبنانية...

كتاب وان كان مسماه صفحات من سيرة ذاتية إلا ان هذه الصفحات تتجاوز الخاص الى العام، وتؤرخ لمراحل متعددة، وتبوح بكثير من الاسرار المسكوت عنها، وتجمع خيوط كثير من حكايات الثورة التي بقيت ولظروف كثيرة حبيسة في صدور المناضلين اصحاب العفة والطهارة الثورية...

كتاب يوضح كثير من الحقائق الملتبسة ويعيد رسم الملامح لمرحلة مهمة من مراحل النضال الوطني الفلسطيني وكذلك قياداتها التاريخية ورجالاها الاوائل..

كتاب في قبضتي لمحمد حمزة يتحدث بشكل رئيسي عن عملية اسر ثمانية جنود اسرائيليين من قبل قوات العاصفة التابعة لحركة فتح ويتطرق ايضا الى بعض العمليات الفدائية الكبرى كالهجوم على وزارة الدفاع الاسرائيلية في تل ابيب ويربط الخيوط التي تجمع بين العمليتين والتي تنتهي كلها عند شخص واحد هو خليل الوزير ابو جهاد والذي تتضح معالم شخصيته الفذة اكثر في هذا الكتاب، والذي لا تزال الايام من بعده عاجزة عن البوح بكل اسراره وافعاله؛ لكننا نتاكد في كل يوم بعد رحيله عنا بأنه لم يأت من فراغ تسميته باول الرصاص واول الحجارة..

محمد حمزة في كتابه الجميل وما ان تقرر السير مع صفحاته حتى يتسنى لك معرفة الكثير من اسرار ابو جهاد وشخصيته ؛ فهو وبحكم عمله والتصاقه مع ابو جهاد اطلع على كثير من الاسرار والاحداث فاستحق بحق ان يكون الصندوق الاسود لتلك الاسرار، ولأننا نعرف ابوجهاد جيدا؛ فنحن نعرف ايضا ان محمد حمزة عرف اشياء وغابت عنه ايضا اشياء أكثر...فتلك كانت احدى مواهب ابو جهاد الفذة، فمن يعرف شيئا او اشياء لم تمهله الايام اكثر ليعرف انه كان حرفا او كلمة في جملٍ مبعثرة لا يملك تركيبها إلا ابو جهاد نفسه.

في هذا الكتاب يحدثنا محمد حمزة عن بدايات التحاقه بصفوف الثورة وعمله مع ابو جهاد عن قرب، فيحدثنا عن محمود بكر حجازي وفاطمة برناوي (اول اسير واول اسيرة في الثورة)، ويحدثنا عن عدد من المواقع الهامة التي تقلدها في صفوف الثورة ومنها المسؤول السياسي لمكتب حركات التحرر الذي كان يتولى تدريب اغلب حركات التحرر في العالم، بالاضافة الى توليه تأسيس واصدار مجلة دراسات استراتيجية عسكرية - المجلة العسكرية الفلسطينية-.

في هذا الكتاب وبعد ذلك الاستهلال والتقديم الغني بالمعلومات والحقائق وعند الصفحة ٣٩ يبدا محمد حمزة بالولوج الى موضوع الكتاب الرئيسي وهو الاسرى الثمانية؛ فيتحدث ابتداء عن معركة بيروت، ومن ثم عند الصفحة ٤٩ يبدا الحديث المشوق عن قصة الجنود الاسرائيليين الثمانية، والتي يبدا الخوض فيها بالحديث اولا عن الاستطلاع، ثم الحديث عن المجموعة التي قامت بالاسر بقيادة الطالب القادم من الجزائر عيسى حجو، ومن ثم الحديث عن سيرة ومناقب تلك المجموعة وعملها وصولا الى توثيق واقعة الاسر بكل تفاصيلها( او على الاقل التي يعرفها هو).

ثم يتابع الحديث عن كيفية نقل الاسرى الثمانية وتأمينهم عبر سلسلة من المعلومات الشيقة بما فيها الية النقل المتبعة واعطاء القيادة العامة حصتهم من تلك العملية، وصولا الى كيفية تأمين الاسرى في بيت ابو جهاد وفي مستودعات التموين التابعة لفتح...ثم وصولا لمفاوضات اطلاق سراح الاسرى برعاية الصليب الاحمر وبتدخل من الملكة دينا والرئيس النمساوي، وصولا الى اطلاق سراح جميع اسرى سجن انصار ومائة اخرين من المعتقلين داخل سجون الاحتلال.

هذا الكتاب جاء مكملا لكتابي محمد حمزة السابقين والرائعين ابو جهاد واسرار البدايات وكتابه الاخر حرب الاستنزاف، وهذه الكتب مجتمعة تشكل وثيقة مكتوبة بالدم ومجبولة بالتضحيات الجسام وتوثق وتؤرخ لكثير من الاحداث والمحطات المفصلية، كما انها تعتبر شهادة تاريخية على العصر تضاف الى نظيراتها في الساحة الفلسطينية والتي بدات بالظهور منذ زمن ليس بالبعيد.

هذا الكتاب بالاضافة الى اربع كتب اخرى وبعض الشهادات المسجلة والمكتوبة والمنشورة في الصحف والمواقع الالكترونية لابطال عملية الاسر والمشرفين عليها واصحاب العلاقة؛ تشكل بمجموعها مصدرا ومرجعا لا غنى عنه للباحثين والمهتمين، وقد يكون من الافادة بمكان الاشارة الى اسماء هذه الكتب للتسهيل على الباحثين والمهتمين، وهذه الكتب هي:

كتاب في الاسر اليهودي"قصة حياة صلاح التعمري" من تأليف عماليا ارغمان واهرون برنيع وترجمة محمد حمزة غنايم، وكتاب للفجر نغني "صفحات مشرقة من النضال الفلسطيني"، وكتابي الحرب الفلسطينية الاسرائيلية في لبنان الجزء الخامس والمعنون ب "معتقل انصار وصراع الارادات" والجزء التاسع المعنون ب"الاسرى اليهود وصفقات المبادلة" والصادرين عن دار الجليل للنشر في عمان تشكل في مجموعها وثيقة تاريخية هامة لواقعة اسر الجنود الاسرائيليين الثمانية هذا اضافة لكونها تشكل توثيقا مهما لمحطة مفصلية ذات احداث فارقة في مسيرة الثورة الفلسطينية مع التطرق والتوسع في بعض الجوانب المهمة المرتبطة باصل الحدث وواقعة الاسر والتي بالطبع تختلف من كتاب لآخر.

بقي ان نشير الى ان د. محمد حمزة مازال في جعبته الكثير للبوح به وخاصة انه كان كتوما وحريصا على عدم البوح بما لا يجوز البوح به حسب التقديرات المتروكة له؛ لكن وبما ان سني العمر قد تغافل الانسان على حين غرة ولان ما بجعبة الحبيب محمد حمزة هو ليس سيرة شخصية خاصة به وانما سيرة عامة وتاريخ لشعب مازال مهدد بالتغييب والاقصاء هذا عاداك عن حجم التزييف والتزوير الممكن الحدوث في حال غياب اصحاب الحقيقة وصناعها وشهودها.

لمحمد حمزة كل الحب على سنين المجد الفخار التي طوقت اعناقنا والتي مازلنا نتغنى بها كلما قهرتنا الايام؛ لكن هذه دعوة صريحة له ولاقرانه بأن يوثقوا ويكتبوا كل تجاربهم قبل ان تسرقهم الايام منا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الأميركي: دمرنا محطة تحكم و7 مسيرات للحوثيين في اليمن


.. درجات الحرارة بالعراق تتجاوز الـ50 والمختصون يحذرون من الأسو




.. ما آخر تطورات العملية العسكرية بحي الشجاعية شمال غزة؟


.. رقعة| تدمير الحي الإداري برفح نتيجة العدوان الإسرائيلي على غ




.. وزارة الداخلية الإيرانية تعلن التوجه إلى جولة ثانية من الانت