الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خواطر شعرية: بين السجن والمقبرة

عادل امليلح

2019 / 10 / 11
الادب والفن


بين السجن والمقبرة!!
إبريق شاي، وآنية زيت، وخبزة..
فطوري، غذائي وعشائي.
في البيت ذي النافذة الوحيدة..
حصيرة رثة
وثوب طاوعه الزمن
مصباح باهت في الأعلى
وكومة كتب، وأوراق مبعثرة...
أشياء رخيصة هنا وهناك
هي كل ما أملك
هي زادي الأبدي..
في الركن الأيمن
على طاولة خشبية قديمة
أمارس القراءة
أمارس الكتابة
على أنغام فيروز الأثيرية
الناي والعود، والكمنجات
فهو ركن عزائي..
أما الثلاثة الأخرى
فلا تخصني
هناك!! تدور الملحمة
بين تربص العناكب وطيش الذباب
لكن..
يسمح لي أن أشاهد!!
أن أصفق على رقصة الموت الملولبة.
في هذا البيت الكئيب
من أنا؟
أنا الصوفي، الذي يتعبد تمثال الليل
للقدر أتبتل
وأصلي للسهر
هنا في ساعة ما، قبل الفجر
يغادرني الضجر
فتصرخ الشياطين صرختها الأخيرة
فتلعنني..
وترتل الملائكة ترانيمها الخالدة
فتباركني..
هنا، إن كنت من المحظوظين
إذا أتقنت ترتيل التعويذة
وضبطت الساعة
يمكن!!
أن، تمنحك الآلهة نورها
وهنا!!
يمكن للخيال أن يسلبك الحقيقة
فتركب على جناحي الحصان الأسطوري
ليمخر بك عباب السماء
وتهاب صولجانا ذهبيا
ويوضع على رأسك تاجا ماسيا
من طرف حارس الفناء..
وهنا أيضا!!
يمكن للإنسان أن يتشظى
فيعتنقه الجنون
ويركبه الخرف.
أو يتهاوى على سفح الحقيقة
فتبتلعه ظلمة اليأس
أو يضيع في السراديب الملتوية..
بعد الفجر
يصيح الديك
فتسكن الدنيا
ونسابق شعاع الشمس الأول
إلى المعابد والأضرحة
لنتحول إلى تماثيل حجرية!!
فيرشنا المغتربون بعرائش الزيتون
من قوارير الفضة
بالماء المقدس..
ويصلي لنا التائهون
لنباركهم..
هنا يتزاحم المستلبون
أمام المقصلة
ساعين خلف قدرهم المحتوم
يحملون أكاليل الأزهار الملونة
وأطباق متخمة
وجرار ماء الموج..
هنا يصعدون وينزلون على سلم الأشياء..
ويرددون أهازيج الموت الموقرة
بين الضروب حينًا
وحينا في المقبرة..
أما نحن، فاعتدنا
إبريق شاي، وآنية زيت، وخبزة.
المعناة أمنا
من أثدادها أرضعتنا
في بيوتها البئيسة تربينا..
لكنها!!
علمتنا؛ ألا ننافق
أن نقدس
ونستقيم على سكة الفضيلة..
نحن الذين نعانق الكلمات
ما عدنا نخاف تمرد الجوع
ما عادا يرهبنا..
نحن الذين نشاغب مع القلم
ومع الكتب نمارس نوع من الرهبنة..
لكننا، كم وكم نتوق..
إلى ثورة العقل
لنعصي الآلهة
ونختلس الفاكهة المرة
من شجرة الخلد المباركة..
ونحن أيضا
رواد مقاهي وحانات، فضاءات العزلة
هنا، نشعر بالغربة، فنصرخ كالأطفال
لكننا أيضا نغني!!
نبادل السجائر بأكواب القهوة السوداء
نرتجف النبيذ الرخيص في حذر..
نتصفح الجرائد
ونلتقي الأصدقاء
نصفق للقاء ونلعن الصدف..
نحكي عن ساعة ما قبل الفجر
ونعيق البوم، عن المتسكعين
وعن داء "هلين" و "قارون"..
لكن لا شيء يتغير هنا..
نفس الأمكنة، ونفس الكلمات
نفس الرائحة، ونفس النسمات
إذا لم تصدقونني!!
إسألوا هذا الطيف الذي يسكنياني
راهبة السماء التي همست لي..
إسألوا الجدران والمقاعد
فكلانا، يتبادل الأدوار..
بين السجن والمقبرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية


.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال




.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي


.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا




.. ياحلاوة شعرها تسلم عيون اللي خطب?? يا أبو اللبايش ياقصب من ف