الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبد المعين مع الكادحين

عبدالرزاق دحنون
كاتب وباحث سوري

2019 / 10 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


البرنامج الذي يقدمه الإعلامي السوري عبد المعين عبد المجيد يحمل اسماً لافتاً "وين ما كنتو تكونو" برعاية جريدة "عنب بلدي" الأسبوعية. يُبثُّ عبر وسائل التواصل الاجتماعي يوتيوب كل يوم خميس. ينقُل عبر عدسته الحيَّة أخباراً وقصصاً وملَحاً وطرائفاً عن السوريين في أماكن تواجدهم "وين ما كانوا يكونوا". تراجيديا حيَّة للأسر السورية التي تعيش في مختلف دول العالم بعد رحلة شاقة ومعاناة حقيقية تعجز الكلمات عن وصف أهوالها حيث تمكَّنت تلك الأُسر في النهاية من النجاة.

ميزة عبدالمعين عبد المجيد التصاقه الدائم والمتين بتلك الجماهير الكادحة في الشارع, عوام الناس, الفقراء, المساكين, الرعاع. وهل يجب أن يكون المرء حيادياً عند الحديث عن المعاناة؟ نعم, يبحث عن هؤلاء كي يجد عندهم بسمة صادقة, كلمة طيبة, نكتة ظريفة لماحة خفيفة كجزازات نرجس تبيعها طفلة جريحة ما اعتادت الوقوف على قارعة الطريق بعد أن دمَّرت الحرب بيتها وفقدت أهلها.

كادحون من مختلف الأعمار و المهن فيهم بائع الفلافل, والعاطل عن العمل, والبنشرنجي, والخباز, وبائع الصُّحف, والكوى, والشحاذ, والنادل, ولاعب كرة القدم, ودكتور الدرجات النارية, والممثل, والرسام, وبائع العجّة والكبّة الصاجيَّة, وربَّة المنزل, والطبيب, والمهندس, والصائغ, والمزارع, وعالم الذرة, وصانع البوظة, والأجير عند صاحب رأس المال, هؤلاء وغيرهم, يحاورهم في شؤون معاشهم ومعاناتهم اليومية مع غلاء رغيف الخبز واللَّحمة وآجار البيت وفاتورة الكهرباء والماء وأقساط المدارس والأولاد ومستقبلهم الغامض.

في بعض الأحيان يجد بينهم من يلمح في محياه الابداع في هذه الدُنيا الدوَّارة, طفلة تُجيد الغناء, شاعرة شابة عذبة الكلمة , مُغنية نسيها الجمهور بعد غياب مديد, راقصة ظريفة مليحة القوام, وزير سابق, قائد فرقة عراضة شامية يفتح "باب الحارة" الشهير ويخرج عارضاً فناً مُدهشاً, صاحب مهنة عريقة يُزوُّق النحاس بمطرقة خبيرة, أو يعثر مصادفة على حكواتي في عمر السبعين ترك سيرة عنترة العبسي وتغريبة بني هلال على رفً مقهى في ساحة الحجاز وسط دمشق, وجاء ليعيش في الخرطوم, يحاول أن يجد مكاناً يروي فيه حكاياته المغمَّسة بالدم. وفي بعض الأحيان يجد عصفراً شادياً بلا عشِّ أفلت من قفصه, وحطُّ, منكمشاً, على غصن أجرد يابس, يضايقه البقاء هُنا, ولكن إلى أين يطير؟ وما من ركن أخضر يأوي إليه, أو مكان يُقيم فيه عشَّاً مؤقَّتاً على الأقل.

في شوارع الخرطوم أو في أزقتها المتوارية عن الأنظار والتي تحتضن آلاف السوريين بحب وحنان وتعطيهم نفحة من أمل في ربيع قادم أكثر دفئاً وأنضر ورداً. هُناك يُفاجئكم عبدالمعين عبد المجيد, والميكرفون في يده "وين ما كنتو تكونو" يسأل مُستفسراً عن أحوالكم ومصائركم ومشاغلكم وأمانيكم الضائعة. يلتقي مصادفة في مطعم سوري مع السوداني الطيب "دفع الله محمد كانون" نائب مدير منظمة معارج الخيرية. يقول: نحن نتقاسم معهم لقمة العيش, وقد أضافوا بُعداً جديداً في حياتنا اليومية, حيث تغيَّر شكل الشارع السوداني في الخرطوم, وهم على كل حال يجوِّدون بضاعة أهل السودان.

ويسأل صاحب محل صغير مُهجَّر من الجزيرة السورية عن وضعه الجديد في العاصمة السودانية فيقول: اتصلت بأحد معارفي المُقيم في دولة "السويد" القصيَّة فقال لي أنا أحسدك يا صديقي على إقامتك في السودان حيث تجد الألفة والمودة وتجد الأيادي الممدودة بالسَّلام في كل شارع وفي كل بيت. يا ليتني كنتُ معكَ في بلد الطيب صالح.

إحدى الحلقات:
https://www.youtube.com/watch?v=5Svd4mG76WU








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية وتقدير
عبله عبدالرحمن ( 2019 / 10 / 12 - 10:08 )
تحياتي استاذ عبدالرزاق دحنون الحقيقة ان السوري يجود الحياة اينما وجد
تقبل احترامي وتقديري
دمت مبدعا


2 - شكرا جميلا. لوحه رائعه لماءساة قل شبيهها ضحيتها شع
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2019 / 10 / 12 - 12:01 )
ب سوريا الحلو الدكي العامل الجدي ولكن ياعبد الرزاق التاريخ لم ينتهب


3 - الإعلامية المتميزة عبله عبدالرحمن
عبدالرزاق دحنون ( 2019 / 10 / 12 - 14:51 )
صديقتي العزيزة عبله عبد الرحمن ...أشكر سعيك...وشكراً لكلماتك المشجعة النبيلة...السوري يا عزيزتي مثل كل البشرولكن الإنسان هو الإنسان, يهتدي ويضل, ويسعد ويشقى, ويصيب ويخطئ, وإنَّ أسوأ فكرة خطرت للإنسان أن يكون بطلاً في الحروب, وهناك ألف مكان آخر يمكن أن يكون فيها بطلاً حقيقياً.على حدِّ تعبير صديقنا الشاعر والروائي إبراهيم نصر الله. مودتي وتقديري شكراً لك مرة ثانية.


4 - الدكتور صادق الكحلاوي المحترم
عبدالرزاق دحنون ( 2019 / 10 / 12 - 14:58 )
صديقي العزيز آمل أن تكون بخير وصحة وعافية ...ما لون هذه النازلة التي ابتليت بها بلدنا؟ وأين هي الشريعة التي أوصت بما حدث ويحدث وسوف يحدث؟ ما هو الكتاب المقدَّس الذي تنبأ بما حصل ويحصل وسوف يحصل؟ ماذا سيكتب التاريخ عنَا؟ يا كاتب التاريخ ترفَّق بنا فنحن عُصاة. كنائس ومساجد شملتها الحرب, وجنَّ الرصاص في أرجائها, فكان الناس يذبحون على أبوابها, وكان الحمام يطير محترقاً في سماء صحونها. سكت صوت الجرس والمئذنة, وعلا صوت الكفر في بيوت الدين...يا ليت تلك الأيام البسيطة تعود إلينا مرة ثانية...تحياتي دكتورصادق.

اخر الافلام

.. مؤتمر سويسرا.. عملية السلام من دون روسيا لا يمكن أن تستمر| #


.. واشنطن تحذر.. هجمات حزب الله شمالي إسرائيل قد تؤدي لحرب -غير




.. الجيش الإسرائيلي: استدعينا مقاتلين برا وجوا لمنع اختطاف جثث


.. محتجز إسرائيلي أنقذ من غزة يدعو حكومته إلى التوصل لصفقة تباد




.. الحجاج ينفرون من عرفات إلى مشعر مزدلفة بعد أداء ركن الحج الأ