الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أبيي أحمد وازدواجية نوبل للسلام!

خالد حسن يوسف

2019 / 10 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، لاعتبارات سياسية منح جائزة نوبل، وليس لدوره في تحقيق التقارب بين بلده واريتيريا، ومنح الجائزة لا يخلو من أبعاد سياسية ليست لها صلة بالسلام إطلاقا، والسؤال هو أي سلام حقق؟

إثيوبيا كانت طرف رافض لتنفيذ مقررات إتفاقية السلام التي تمت من خلال وساطة جزائرية ما بين أديس أبابا وأسمرا عام ٢٠٠٠، الإتفاقية قضت بوقف الحرب،ترسيم الحدود وتبادل الأسرى بين الدولتين، إلا أن رئيس الوزراء الإثيوبي الراحل ميليس زيناوي، لم يكن يرغب في وقف الصراع وكان يراهن على إسقاط نظام الرئيس أسياس أفورقي.

فالجانب الإثيوبي كان رافضا لتلبية استحقاقاته في عملية السلام مع إريتيريا، وتنفيذ بنود الإتفاقية، وبطبيعة الحال فإن النظام في أسمرا لم يكن أفضل من مثيله في أديس أبابا، واختيار نوبل لابيي أحمد أنطلق من خلفية قبوله إتفاقية الجزائر.

في حين يرغب القائمين على الجائزة أن يجيروا ذهابه إلى أسمرا لصالحه رغم أن ذلك كان مجرد التزام بمضمون إتفاق الجزائر، وبالتالي فإن حكومة أديس أبابا، لم تقدم عرفانا ومساعدة على خلفية التسوية التي قام بها مع نظيره الاريتيري.

أليس الطرف الاريتيري أكثر استحقاقا للجائزة مقارنة مع الجانب الإثيوبي لكونه لبى الامتثال للاتفاقية؟ وأن ترشيح نوبل له تأكيدا على ذلك، رغم أنهم يعلمون عن خلفيته الاستبدادية، وبدوره كان أبيي أحمد جزء من النظام الإثيوبي الذي صعد الصراع بعد الإتفاقية!
وما قام به الجانب الإثيوبي فهو مجرد إيفاء بالالتزاماته تجاه الجانب الاريتيري وليس أكثر.

الجائزة فقد مصداقيتها وأكدت أنها تنطلق من اعتبارات سياسية بحثة!
فقد شكلت إختيارا ما بين شخصيات شمولية، فكل من حاكمي أديس أبابا واسمرا يترأسان تنظيمات استبدادية، تحكم الدولتين، وانظمتهم متورطة في الكثير من التجاوزات السياسية والأمنية أكان داخل بلديهما أو على مستوى القرن الافريقي، ويضاف إلى ذلك سعي إثيوبيا لتدمير مصر من خلال بناء سد النهضة.

في حين كان يستحسن أن يرشح القائمين على نوبل للسلام، شخصيات ذات خلفيات إيجابية ولها دور على مستوى تكريس السلام على المستوى العالمي أو الإقليمي، إلا أن ذلك المنحى لم يكن جديدا بالنسبة للقائمين على نوبل للسلام، خاصة وأنهم كانوا فيما مضى منحوا الجائزة ذاتها إلى كل من شمعون بيريز وياسر عرفات، وقد كرم الثاني لكونه تنازل عن حقوق شعبه الفلسطيني، ويشمل ذلك مناحيم بيجن والسادات اللذان أسسا إتفاقية الهرج والتي كانت البداية لسقوط العربي.

إن حاكم إثيوبيا قام بإجراءات ارتجالية حيث زار أسمرا مرتين ولم يقم بعد بتسوية سياسية شاملة مع الجانب الاريتيري، ولا زالت العلاقة بينهما مضطربة، وعلى مستوى الجوار تم الضغط على جيبوتي من قبل إثيوبيا ومن خلال مقايضة الرئيس الصومالي محمد عبدالله محمد، على مصالح جيبوتي، حين دعى إلى رفع العقوبات عن اريتيريا، رغم أنها لم تقدم حسن نوايا تجاه الصومال وجيبوتي.

وفيما يخص الديمقراطية فإن حكومة أديس أبابا لم تقدم بعد شيئا يذكر، خاصة وأن الجبهة الديمقراطية لشعوب إثيوبيا لا زالت تسيطر على مقاليد الأمور في الدولة، وتمارس سياسة الاستقطاب بالنسبة لبعض القوى والضغط من خلال إستخدام القوة تجاه آخرين، في حين تشهد مناطق عديدة من البلاد حالة انفلات أمنى وحروب أهلية.

أيضا على صعيد حقوق الانسان، قام أبيي أحمد، بالإفراج عن الكثير من المعتقلين السياسيين وغيرهم من سجون نظامه، إلا أنه تم تفعيل ممارستها مجددا وهناك من سجنوا على خلفية آرائهم، كما يسيطر الضباط السابقين المنحدرين من قومية التجري على مؤسسة الأمن، ومن مهامهم إشعال الفتنة بين القوميات، ويقفون وراء هجمات مسلحة جارية في الأقاليم.

والمفارقة أن إثيوبيا التي تملك موارد مائية كافية وقادرة على إنتاج الطاقة من سدودها الحالية، قامت ببناء سد النهضة والذي يمثل ذريعة، في سبيل مصادرة دور مصر على المستوى الافريقي، ولأجل مقايضة مصالح خارجية في مقابل المقايضة على مصر، وتؤكد الدراسات ذات الصلة أن السد الإثيوبي سيؤثر على كل من مصر والسودان.

وبالنسبة للعلاقات الإثيوبية مع السودان فانها لا تتجاوز التعاطي الانتهازي، فالحكومة أديس أبابا هي التي قطعت الطريق على إستمرار الحراك الشعبي في السودان، حيث فرضت تسوية مناصفة المجلس السيادي والحكومة والذي لم يحقق تغيير في البلاد، أبيي أحمد خشى أن يمتد التغيير إلى إثيوبيا في حال نجاحه في السودان، وأراد أن يقطع عليه الطريق من خلال تدخله عبر مبادرته.

وفي منحى آخر فإن الصومال ذاته يعاني من تراجع مياه نهري شبيللي وجوبا، اللذان ينبعى من إثيوبيا، وذلك بفعل بناء سدود حالت دون تدفق المياه، ناهيك عن تحريف مجرى المياه نحو قنوات فرعية جديدة نقلتها نحو مسار آخر، وهو ما أدى إلى جفاف مجرى النهرين في الصومال، وتحديدا في منطقة بلدوين.

وفي المحصلة فإن أي تغيير كبير لم يستجد على السياسة الداخلية والخارجية الإثيوبية، وما هو ملموس أن ملامح رئيس الوزراء أبيي أحمد، ذات طبيعة إستعراضية وحريصة على الركض وراء المطامع العابرة، وذلك لتغطية على حجم التحديات الماثلة أمام حكمه، وجائزة نوبل للسلام لم تأخذ في اعتبارها كل تلك الظروف، التي تصاحب الرجل الذي سيرحل، ومعه سقطت جائزة نوبل وستسقط إثيوبيا أيضا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: هل تستطيع أوروبا تجهيز نفسها بدرع مضاد للصواريخ؟ • فر


.. قتيلان برصاص الجيش الإسرائيلي قرب جنين في الضفة الغربية




.. روسيا.. السلطات تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة| #ا


.. محمد هلسة: نتنياهو يطيل الحرب لمحاولة التملص من الأطواق التي




.. وصول 3 مصابين لمستشفى غزة الأوروبي إثر انفجار ذخائر من مخلفا