الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جائزة نوبل .. سقوط أدبي وسياسي

أحمد الخميسي

2019 / 10 / 14
الادب والفن


فى العام الماضى اعتبرت الأكاديمية السويدية لجائزة نوبل أن اغتصاب امرأة عمل لا أخلاقى دفعها لحجب جائزتها الأدبية بعد فضيحة " جان كلود آرنو" الذي اتهمه القضاء السويدى باغتصاب امرأة وحكم عليه بالسجن، وكان المذكور على علاقة وثيقة بالأكاديمية، أدبية ومالية. غضبت الأكاديمية لاغتصاب امرأة، لكن الغضب لم يساورها لاغتصاب شعب بأكمله وهى تمنح الجائزة هذا العام لـ " بيتر هاندكه"، الأديب النمساوى الذى هلل لمذابح البوسنة والهرسك، التى وصفها الأمين العام للأمم المتحدة بأنها «أسوأ جريمة وقعت على الأراضى الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية»، بينما اعتبر أديب نوبل، بيتر هاندكه، وكتب أن مجرم الحرب الصربى «سلوبودان ميلوسيفيتش» رجل كان يدافع عن شعبه الصربى، وأن ضحايا مجزرة «سراييفو» هم الذين نظموا ودبّروا للمجزرة ثم ألقوا باللوم بعد ذلك على الصرب!
وقد جمع «هاندكه» سلسلة من مقالاته عام ١٩٩٦ فى كتاب بعنوان « العدالة لصربيا»، امتلأ بالدفاع عن مجرمى الحرب من الصرب، وأنكر المذابح التى راح ضحيتها ثلاثمائة ألف إنسان موثقة بالصوت والصورة عالميًا. كما قام بيتر هاندكه بزيارة مجرم الحرب سلوبودان ميلوسيفيتش فى سجنه، وكال له المديح فى كل وسائل الإعلام، ولذلك علق الكاتب الأمريكى المعروف «بيتر ماس» على فوز هاندكه بنوبل قائلًا إن الروائى النمساوى ينكر جرائم الصرب وإبادة المسلمين الموثقة لدى الجميع، وإن "آخر ما يحتاجه العالم الآن أن يتوج بشرف الجائزة كاتب مريض بأكثر الأمراض الفكرية تخلفًا فى عصرنا".
وأكد «ماس» أن هناك الكثيرين من الأدباء الحائزين على نوبل جاهلون فى السياسة، لكن ذلك لا يحرمهم حق نيل الجائزة، لكننا فى حالة النمساوى بيتر هاندكه نواجه شيئًا آخر هو: «إنكار وقوع الإبادة وتحويل القتلة إلى أبطال والضحايا إلى مجرمين"،
أما «نادى القلم الأمريكى» فقد كان أكثر حدة فى بيان أعلنته، فى ١٠ أكتوبر الحالى، الكاتبة «جنيفر إيجان»، رئيس النادى، وجاء فيه: «لقد صُعقنا باختيار كاتب استخدم صوته لتقويض الحقيقة التاريخية وتوفير العون لمرتكبى جرائم الإبادة الجماعية»، واختتم البيان بقوله: «إننا نرفض قرار الاحتفاء بكاتب شكك دومًا فى وقوع جرائم حرب تم توثيقها بالكامل من أجل براعة الكاتب اللغوية.. إن الدوائر الأدبية جديرة بما هو أفضل من ذلك الاختيار، خاصة فى وقت تتصاعد فيه النزعات الاستبدادية وتنتشر المعلومات المضللة.. نأسف غاية الأسف للاختيار الأدبى لنوبل".
لقد ولدت جائزة نوبل فى أحضان التحيز منذ بدايتها، لكن أحدًا لم يكن ليتصور أن تُمنح لمن يؤججون مشاعر العنصرية ويدافعون عن المذابح.. وقد كان الشاعر الفرنسى رينه سولى برودوم أول من حصل على نوبل فى الأدب عام ١٩٠١، وحينذاك كان الروائى العملاق ليف تولستوى مازال حيًا، وتجاهلته الأكاديمية لصالح شاعر لا يعرفه أحد الآن حتى فى بلده فرنسا.
ومع الوقت أمست جائزة نوبل أشبه بغرفة عمليات لإدارة الحركة الأدبية فى العالم، بتقديم ما يبدو نموذجًا أدبيًا ينبغى الاقتداء به فى الكتابة، ورؤى ينبغى اعتناقها.
أما على مستوى جائزة نوبل للسلام، فإن السقوط فيها أكبر، بعد أن حصل عليها مجرم حرب مثل بيجين، مسئول عن مذبحة دير ياسين، وباراك أوباما، ورابين محطم عظام أطفال الانتفاضة الفلسطينية، وبيريز مجرم مذبحة قانا، وغيرهم.. تحولت الجائزة إلى غرفة عمليات لإدارة عملية سياسية وفكرية وأدبية، ما يهدد الجائزة نفسها.
ذهبت جوائز الأدب للعنصرية، ولحقتها جوائز السلام لصنّاع الحروب وأصدقائهم، فما الذى تبقى من نوبل؟ هذا فى الوقت الذى يمكننا فيه أن نقول بملء الفم إن لدينا من يستحقون نوبل، وإن أى مقارنة نزيهة بين أعمال الكثيرين من أدبائنا العرب، وأعمال الفائزين بنوبل، قد ترجح كفة الأدب العربى.
د. أحمد الخميسي. قاص وكاتب صحفي مصري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان الشاب ناصر نايف.. ضيف صباح العربية


.. الفنان ناصر نايف من كورال خلف النجوم إلى أهم الفنانين الشباب




.. حملات مرشحي الرئاسة بموريتانيا تستخدم الحفلات والسهرات الفني


.. المصمم ستيفان رولاند يقدم مجموعته الجديدة المستوحاة من أشهر




.. الممثلة القديرة وفاء طربيه تتحدث عن النسخة السابعة من مهرجان