الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-نبع السلام- أو -نبع الدم- في الجزيرة السورية

مروان عبد الرزاق
كاتب

(Marwan)

2019 / 10 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


منذ أن تركت الأمم المتحدة سوريا واجتماعات جنيف البلهوانية حول الحل السياسي وفق مبادئ جنيف والقرار "٢٢٥٤" القاضي بالتأسيس لحكم انتقالي من المعارضة والنظام، والتأسيس لدستور جديد، منذ التدخل الروسي لسوريا في "٢١٠٥"، واقتراحها مؤتمرات "الآستانه" وسوتشي لحل قضية المعارضة، والمصالحات التي أجرتها مع المعارضة، والتي أدت إلى اخراج المعارضة من الغوطة الشرقية، ومن حلب أيضاً. وكل هذا تم بموافقة ومعونة تركيا التي أجبرت المقاتلين على الخروج، بالإضافة الى وقف الدعم للفصائل من غرف الدعم "الموك والموم" في حدود تركيا والأردن، بالإشراف الأمريكي الذي كان يدعم الخطوات الروسية بكل تفاصيلها. وعمل النظام الفاشي الروسي على دعم النظام السوري بحيث سيطر على اغلب المناطق التي كانت تسيطر عليها المعارضة، وتم ترحيل الباقين إلى ادلب حيث المعقل الأخير للمعارضة المسلحة والتي يعدون الخطط للسيطرة عليها من جديد.
وثانياً: عمل الامريكان على السيطرة على الشرق السوري والداعمين لقوات "قسد" الفاشية بمفهومها القومي الكردي، التي استطاعت بفعل الدعم الأمريكي إلى تحرير الرقة ودير الزور، من الدواعش واعتقال العديد الذين يقدروا بالآلاف ووضعهم في السجون، مع رفض أوروبا استقبال دواعشهم ومحاكمتهم. وبحيث أصبحت قسد قوة كبرى تسيطر على الشرق وآبار النفط، وعلى العديد من المناطق التي يسطر عليها العرب ابتداء من تلرفعت شمال حلب مع عفرين، وانتهاء بالقامشلي مرورا بمنبج وعين العرب، وعملوا على التغيير الديمغرافي بمسح العديد من القرى العربية، ومنع السكان الباقين من العودة إلى بيوتهم، وطرحهم "روج آفا" أي كردستان الغربية والتي لا تضم من الاكراد الا القليل، ولذلك تحالفوا مع العشائر العربية، ووضع رئيس المجلس وهو "رياض درار" العربي لكي يشيروا إلى أن فيدراليتهم تضم الكرد والعرب والآشوريين والتركمان وغيرهم.
وثالثاً: وتركيا والبحث عن أمنها القومي على الحدود مع سوريا وهي تضم أربعة آلاف من اللاجئين السوريين، تقع بين المسيطرين، أي أمريكا والروس، وترغب في السيطرة على حدودها، بعد أن تنازلت عن هدفها بإسقاط النظام السوري، إلى السيطرة على وضعها ولاجئيها. واستطاعت بالاتفاق مع الامريكان والروس إلى السيطرة على عفرين ومناطقها وقراها ووصلها بإدلب. وبقيت على حوار وقوى مشتركة مع الامريكان من أجل السيطرة على المشرق أو على جزء منه للقضاء على قسد وقواتها. إلا أن هذا الاتفاق مع الامريكان حول المنطقة الآمنة لم ينجح، وكانت في دعم مستمر للأكراد، مما أدى بتركيا إلى اتخاذ موقف الحرب المنفردة ضد قسد في الداخل السوري.
ورابعاً: المعارضة في إدلب تحت السيطرة التركية عدا "هيئة تحرير الشام" واتفاقها الجزئي معها. ولذلك عملت على توحيد الفصائل المتعددة تحت راية "الجيش الوطني السوري" برئاسة سليم ادريس وزيراً للدفاع في الحكومة المؤقتة! التابعة للائتلاف وتركيا. ويبدو أن هذا الاتحاد وعدده "٨٠" ثمانون ألفاً، قادر على تحرير سوريا كما أعلن وزير الدفاع، لكن الأمر ليس كذلك. إذ أن هذا الاتحاد كان باتفاق روسي تركي من أجل محاصرة "النصرة" أو هيئة تحرير الشام، المعتبرة إرهابية بفعل البوصلة الامريكية، والمناهضة للجيش الحر والتي قتلت العديد منهم. ومن أجل تركيا زج الجيش بحرب تركيا الراهنة ضد قسد، وعبر عن ذلك الوزير دون أن ترف له عينيه، وكأنه يحارب النظام.
وخامساً: لكن تم الاتفاق مع الامريكان على الحرب، وسحبها لقواتها من المناطق التي ستدخلها تركيا، واعطائها المجال الجوي للتحالف كي تقصف منه مواقع قسد، وكذلك بالاتفاق مع الروس إفشال مجلس الأمن باتخاذ قرار ضد تركيا وحربها، بحجة أن روسيا ترفض وصف التدخل العسكري بالعدوان، بحيث أن كل ذلك اعطى لتركيا المبرر الدولي والإقليمي للحرب واحتلالها أراض جديدة، وهنا يجب التركيز على أن تركيا لا تريد تحطيم قسد وال"ب ك ك"، فقط، إنما تريد الاحتفاظ بأراض جديدة تضمها إلى المناطق التي سيطرت عليها في ادلب وريف حلب، كي تصبح أقوى حين مفاوضات الحل النهائي في سوريا مع فصائلها الإسلامية والتركمانية المعارضة.
وقامت دنيا العالم برفضهم للحرب، أوروبا بالكامل مع التهديد بالعقوبات الاقتصادية، ووقف تصدير الأسلحة، والكونغرس الأمريكي يهدد بالعقوبات أيضا، وترامب ذاته يهدد بمحو الاقتصاد التركي إذا تجاوز الاتراك الحدود التي اتفقوا عليها، رغم أنه سحب المزيد من القوات التي تشكل عقبة أمام الاتراك. والجامعة العربية-ما شاء الله- تندد بالحرب وتطالب تركيا بوقفها وسحب قواتها، وأعلنت تضامنها مع النظام السوري والمنطقة العربية، دون أن تتجرأ وتدعوه للتصدي للأتراك! وكأن هذه الجامعة لم تشاهد الطائرات الروسية التي تقصف الشعب السوري وراح ضحيته آلاف المدنيين والأطفال السوريين والمشافي والمدارس التي تحطمت بفعل ذلك. وحتى إيران رفضت بخجل الحرب، وعملائها من الميليشيات حاربوا قسد هذه الأيام. وبقي النظام السوري رافضاً الاحتلال، لكنه يشعر بالفرح لقتال تركيا ضد قسد لتحطيم آلتها العسكرية المتحالفة مع أمريكا. وقد رفض النظام الحوار مع قسد لأنها تريد حقها المشروع بالحكم الذاتي للمواقع ذات الأغلبية الكردية. ورغم كل هذه الادانات الخلبية بأغلبيتها، الا أن الموقف التركي مصمم على التدخل الحربي لمسافة "٣٠" كيلو متراً، أو أكثر بقليل، بما فيها عين العرب التي يقصفها الجيش التركي.
وسادساً: القوي هو الذي يعمل التاريخ. وتركيا هي الأقوى في هذه الحرب، فهي الجيش الثاني في حلف الناتو، وستحقق أهدافها، طالما لم تغير أمريكا موقفها وتضع ترسانتها العسكرية بوجهها. وهي تمارس الابتزاز-بتعبير رئيس المفوضية الأوروبية- بأنها ستفتح الحدود كي يهاجر إلى أوروبا الملايين من المهاجرين!، وبالمقابل تهدد قسد بخطر "داعش"، وانفلاتهم، والذين تعدادهم بعشرة آلاف والذين سيهاجرون من السجون والمخيمات، دون أن تدري قسد أنها ستكون الضحية الأولى لداعش إن لم تستطيع حراسة سجونهم، ومع ذلك قد تمارس قسد تهديدها، وخاصة بعد رفض أوروبا استقبال داعشيها.
وسابعاً: ماذا سيحصل بعد "حرب الدم" الراهنة؟
- ليست نتيجة الحروب الوسخة سوى الدمار والتشتت والقتل. فالحرب الراهنة هي بين نظام تركي فاشي، وقسد الفاشية بمفهومها القومي الكردي، وسيطرتها بالقوة على العرب وباقي القوميات الأخرى، وتهجيرهم من بيوتهم. وسينتج عن الحرب المزيد من المشردين بمئات الآلاف الذين سيهاجرون ويتركوا بيوتهم. بالإضافة للانفصال والقتل بين مكونات الشعب السوري، بين الاكراد والعرب، حيث سينضم العرب إلى الاتراك ضد قسد التي تحاصرهم وخاصة في مدينتي راس العين وتل ابيض وعين عيسى، وباقي المدن ذات الأغلبية العربية، مقابل الاكراد المهجرين. كما أنه سينتج اشكال اجتماعي ونفسي بين التركمان الذين يقاتلون إلى جانب الاتراك، وبين الاكراد من جهة، والعرب من جهة ثانية، وإضافة التركمان كشرخ جديد في مآزق الثورة السورية التي تصدعت من خلالها النسيج الاجتماعي بالكامل يعد من أكبر الشرور المضافة في المستقبل القريب والبعيد.
- سيضاف الاحتلال التركي بموجب الاتفاقية مع النظام السوري لعام"١٩٩٨"، والتي تخوله الدفاع عن أراضيه لمسافة خمسة كيلومترات، إضافة للاحتلال الأمريكي والروسي والإيراني إلى أراضينا السورية، الذين يعبثون بسوريا كما يشاؤون.
- قلنا هذه ليست حرب الشعب السوري ضد النظام أو حلفاؤه. وحرب "نبع السلام" لن تقدم السلام حتى لتركيا، نتيجة للاختلاط الاجتماعي والسياسي، والوضع الإنساني السيء الذي سينجم عن الحرب. وفشلها في هذه الحرب مستقبلا قد تضيف للحكومة الراهنة أزمة جديدة تنضم إلى جملة الإشكاليات الداخلية التي تعاني منها. وأن قسد قد تلجأ للنظام والتحالف معه في زمن الأزمات، رغم أنها ليست حليفة للنظام تاريخياَ، إنما هي تسعى لمشروعها القومي الكردي، ضمن الأراضي السورية. فبالتأكيد نحن ضد الحرب التركية، وضد قسد أيضاً. وكان يمكن التفاهم مع قسد والتخلي عن مشروعها مع "ال ب ك ك"، بالتراضي، لو تراجعت المعارضة السورية عن موقفها القومجي المتشدد، وتقتنع بحق الاكراد بتقرير مصيرهم، كقومية مستقلة ضمن وحدة الأراضي السورية، ويقيمون الحكم الذاتي في مناطقهم ذات الأغلبية الكردية مثل عين العرب، وعفرين، ضمن إطار الدولة المركزية. وسيبقى هدف الثورة قائماً إلى أن يتم تحقيق أهدافها في الحرية وإقامة الدولة الديمقراطية الحديثة، والمرفوضة من قبل الكتائب العسكرية الإسلامية المسلحة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. !ماسك يحذر من حرب أهلية


.. هل تمنح المحكمة العليا الأمريكية الحصانة القضائية لترامب؟




.. رصيف غزة العائم.. المواصفات والمهام | #الظهيرة


.. القوات الأميركية تبدأ تشييد رصيف بحري عائم قبالة ساحل غزة |




.. أمريكا.. ربط طلاب جامعة نورث وسترن أذرعهم لحماية خيامهم من ا