الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خمسة عشر يوماً من تشرين

حارث رسمي الهيتي

2019 / 10 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


منذ خمسة عشر يوماً لم أفتح كتاباً، ولم اقرأ صحيفة ابداً، لا رغبة لي في القراءة، رغم اني وفي احلك الظروف كنت قارئاً لا يمل ولا يؤجل قراءته، حتى في رحلة هروبنا من داعش كان في "كونية" ملابسي كتابين، أحدهما ديوان لمظفر النواب، الرغبة جامحةٌ للكتابة، الكتابة عن سبعة أيام لم نألفها من قبل، استثنائية، مرعبة ومفرحة في آن، الكتابة عن واقع عشناه، الا انني قرأت شبيهاً له، فلم يكن باستيل فرنسا الذي عرفناه أقل قذارة عن "منطقتهم الخضراء"، كما ان المقارنة مسموحة حين نقارن عائلة رومانوف في روسيا القيصرية وبين عوائل الشيوخ والسادة واصحاب الفخامة المترفين الذين حكموا العراق منذ عقد ونصف.
الكتابة عن ابطال حالمين، جابوا شوارع بغداد والمحافظات، مطالبين بحقهم في العيش الكريم، في بلد كريم، حالمين بعراقٍ يعالج مرضاه، ويسكن ابناؤه في بيوت آمنة كريمة، حالمين بعراقٍ تفتح مدارسه ابوابها امام اطفاله بكل جمالٍ وحبٍ وثقة، حملوا أحلامهم بعراقٍ يلتفت الى عوائل من ضحوا من أجل كرامته، ونظافة أرضه، خرجوا وقالوا كلمتهم التي صمتت أمامها كل التحليلات والنظريات، وعجزت كل الأحزاب السياسية عن فهمها ومجاراتها وتبنيها، وهنا حيث لا مكان للعتب على الرجعيين فهم رجعيون وهذا ديدنهم وتلك مصالحهم، لكنه عتابٌ على الثوريين التقدميين، رغم انهم التفتوا فيما بعد الى خطئهم الفادح، الا إنهم اداروا ظهرهم لأحلام شبابنا بادئ الأمر!!
الكتابة حالمين وموجوعين ومعجونين بالفقر والظلم والضياع، دفعتهم وطنيتهم التي اراد الجميع تجريدهم منها، دفعهم وعيهم بضرورة التغيير وحتمية أن الحقوق تؤخذ لا تعطى، تحركوا وفق قاعدة ان التغيرات الكمية تؤدي الى تغيرات نوعية، وإن لم يدرسوا هذه القاعدة مثلنا، فهم امتداد لحالمين كانوا قد سبقوهم الى التحرير منذ ٢٠١١، وقسمٌ كبير منهم لم يزل يحمل حلمه ويدافع عنه.
رغبة للكتابة والدعوة لكثير من الأصدقاء، أدعوهم فيها للتفكير سويةً لإيجاد ابواب تمكننا للخروج من أزمة قد طال عمرها، ودعوة لأن يتوقف الجميع عن مطالبة هؤلاء الحالمين بأن يجيبوا على أسئلة تؤرقنا، فالجميع مطالب بايجاد بديل عن هذا الوضع، يكفي إنهم حركوا فينا هذه الأسئلة التي تعتمل في صدور الكثيرين، يكفي إنهم حملوا احلامهم ومطالبهم التي نتشارك فيها معهم وواجهوا سلطة مسعورة، ضربتهم بالغاز المسيل للدموع، وعلّمت هراواتها على ظهورهم، وفتحت النار الحي على صدورهم، ولاحقتهم في الأزقة والأحياء، بل واعتقلتهم من المستشفيات، ليكمل القناص "المجهول" ما بدأته الحكومة، ليضع بصمته على جباههم، بعد أن وضعوا بصمتهم في حياتنا وتاريخنا، ليخلدوا أنفسهم في ضمائر كل اولئك الطامحين والمتلهفين لعراقٍ آخر، غير العراق الذي تريده السلطة لنا.
دعوة للتوقف عن اتهامهم، وتخوينهم، كما إنها نصيحة للجميع، ليس شرطاً أن يكون هؤلاء المتظاهرين اسماء بارزة في الساحة الاحتجاجية لكي تحظى بالقبول والاحترام والاعتراف، وليس شرطاً أن يكون هنالك قادة بالمفهوم الذي تريدوه، مرارة العيش والحرمان والتجويع والموت البطئ وانعدام الأمل، كل هذه خلقت من هؤلاء الشباب قادة عليكم التعامل معهم، فهم لايقلون شئناً عن جميع الثوار والابطال الذي خطوا النهايات الايجابية لشعوبهم، هم كما الفرنسيين في ثورتهم إن شئتم، وضعوا حاويات الأوساخ متاريساً يحتمون خلفها من بطش السلطة كما هناك، وواجهوا تصريحاً لا يقل استهزاءً عن تصريح ماري انطوانيت التي نصحت ثوار باريس الذي يهتفون مطالبين بالخبز، نصحتهم في أكل الكعك في حال غياب الأخير، واجهوا سيدةً قالت:
ان حرق اطارات السيارات في الشوارع أثر على الواقع البيئي والصحي في العراق!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الروسي يستهدف قطارا في -دونيتسك- ينقل أسلحة غربية


.. جامعة نورث إيسترن في بوسطن الأمريكية تغلق أبوابها ونائب رئيس




.. قبالة مقر البرلمان.. الشرطة الألمانية تفض بالقوة مخيما للمتض


.. مسؤولة إسرائيلية تصف أغلب شهداء غزة بالإرهابيين




.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في