الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ميشيل كيلو :ضمير وطن

سليمان يوسف يوسف

2006 / 5 / 20
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


إلى أين تذهب سوريا..؟ سؤال كبير تركه اعتقال الكاتب والمفكر (ميشيل كيلو)،أحد رموز العمل الديمقراطي في سوريا والناشط البارز في لجان أحياء المجتمع المدني ورئيس مركز (حريات) للدفاع عن حرية الصحافة والتعبير،وهو من الأسماء المعروفة في (اعلان دمشق) للتغير الديمقراطي في سوريا. السؤال ليس بجديد، فقد سبق أن اختاره ميشيل كيلو نفسه عنواناً لمقال له قبل أشهر، بعد موجة اعتقالات واستجوابات طالت العديد من الكتاب ونشطاء الحراك الديمقراطي وأعضاء ادارة منتدى الاتاسي. عرض ميشيل في ذاك المقال رؤيته لتطورات الحالة السياسية السورية وقد حدد سيناريوهين:سيناريو (الاصلاح السياسي) الذي يحقق المصالحة الوطنية وتطبيع الحياة السياسية في البلاد، ينبثق عن(حوار وطني)بين السلطة والمعارضة.وسيناريو (أمني سلطوي) يقوم على رفض (الإصلاح السياسي الحقيقي)من قبل السلطة والمحافظة على جوهر ما هو قائم وضبط الوضع الداخلي من خلال تشديد (القبضة الأمنية)،وقد أبدى(ميشيل) تخوفه من هذا السيناريو (الأمني)، لأنه قد يجر البلاد الى حرب أهلية.اعتقل ميشيل كيلو يوم الأحد الماضي 14-5، من قبل إدارة أمن الدولة بدمشق، بعد يوم واحد من مقال له بعنوان( نعوات طائفية) نشر في صحيفة (القدس العربي). يصور ميشيل كيلو،بحس وطني صادق وشفاف، في مقاله التمايزات الطائفية التي بدأت تتضح وتفقع ألوانها في قاع وعلى سطح المجتمع السوري، وبالتالي، ليلفت أنظار المعنيين الى مخاطر استمرار هذه الظاهرة، وغيرها من الظواهر الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية السلبية، على التماسك المجتمعي، كذلك محذراً من الانعكاسات السلبية، وربما الخطيرة، على الوحدة الوطنية ،التي قد تنجم من الاكتفاء بالسيناريو الأمني في حل ومعالجة مشكلات الواقع السوري وأزماته المزمنة. نكرر السؤال من جديد: سوريا الى أين..؟ بعد أن زادت مخاوفنا من (الحل الأمني)، الذي حذر (ميشيل كيلو) من مخاطره، مع اتساع دائرة الاعتقالات وتشديد القبضة الأمنية من جديد على المجتمع السوري. ما من شك، بأن اعتقال ميشيل كيلو ضاعفت حالة الإحباط و التشاؤم واليأس لدى مختلف الأوساط السياسية والثقافية في سوريا، لكن هذا التشاؤم رافقه شعور بالتفاؤل، بدأ مع هذا السيل الوطني والإنساني الصادق من، داخل وخارج سوريا، من الرسائل والاحتجاجات والبيانات والمقالات التي تدين وتحتج وتشجب وتستنكر اعتقال ميشيل وتطالب بالإفراج عنه وعن جميع معتقلي الرأي في السجون السورية. لا جدال، على أن اعتقال ميشيل كيلو سيزيده شهرة ، لكن الأهم أنه سيزيد وبأضعاف عدد المؤيدين والمتضامنين مع دعوته للتغير الديمقراطي السلمي في البلاد، فهو شخصية وطنية بامتياز، لا بل أنه يمثل، بأخلاقه الوطنية العالية، (ضمير الوطن السوري). كان ميشيل متميزاً بخطابه وكتاباته وبطريقة تعبيره عن حبه لوطنه، وفي إظهار حرصه وخوفه على هذا الوطن السوري الذي أحبه و نحبه جميعاً. ولهذا يرى الكثير من المراقبين والمتتبعين للشأن السياسي السوري، في اعتقال ميشيل كيلو أشياء كثيرة ورسائل عديدة وبأكثر من اتجاه، في هذا الزمن السوري الصعب،حيث لم يعد للوطن السوري عنوان سوى (الاعتقال والسجن والاستدعاء). فما أصعب من أن يعيش الإنسان منفياً في وطنه،وأن يعتقل الشخص ويهان بسبب حبه لوطنه وخوفه عليه... إذ يبدو أن في سوريا حتى حب الوطن صار جرماً يعاقب عليه القانون... باعتقال ميشيل كيلو، أدركت لماذا انهزم الوطن في كل معاركه القديمة والجديدة، كما أيقنت أن زمن الهزيمة لم ينته بعد، طالما الاستبداد باق ولطالما اعتقال أهل الفكر مستمر من قبل أهل الحكم...باعتقال ميشيل كيلو، أدركت كم يخشى النظام من الكلمة الحرة ومن الديمقراطية ...وباعتقاله، أتتضح حجم الفراق الكبير بين عقلية السلطة القمعية وبين ذهنية المثقف الديمقراطي، بين مفهوم السلطة للوطن وحقوق المواطن وبين مفهوم المواطن للوطن ووظيفة السلطة. ببقاء السجون مفتوحة لاستقبال ميشيل كيلو وغيره من الناشطين السياسيين ومن المدافعين عن حرية الرأي والتعبير وعن حقوق الإنسان السوري، أيقنت بأن (جمهورية الخوف) لم تزل قائمة في سوريا، وما زالت تفصلنا مسافات زمنية وثقافية وسياسية طويلة وشاسعة عن ( دولة مدنية) تحكم بالدستور والقانون، وتقوم على الحق والعدل والمساواة وعلى (روح المواطنة)..باعتقال ميشيل كيلو وغيره من السياسيين والمثقفين تأكدت شكوكي بأن المعاملة الجيدة التي لقيتها في (ادراة أمن الدولة) التي استدعتني للتحقيق في آذار الماضي، لم تكن تعني بأن تحولاً مهماً وجوهرياً قد طرأ على طريقة تعاطي (الأجهزة الأمنية) مع نشطاء المعارضة والمثقفين دعاة التغيير الديمقراطي في البلاد...اعتقال كيلو يدفعنا للتساؤل من جديد: بماذا يفيد الوطن اعتقال الدكتور عارف دليلة ورياض ضرار وعلى العبدلله وولديه وفاتح جاموس ويعقوب شمعون وأنور البني ونضال درويش وسلمان الشمري وغيرهم كثر.. هل بهذه الاعتقالات نضمن أمن الوطن ونقوي جبهتنا الداخلية في وجه التهديدات الخارجية ؟ بالطبع لا ! وإذا جاءت هذه الاعتقالات على خلفية صدور (اعلان دمشق بيروت) وتوقيعهم عليه، حقيقة أنا لم أجد في هذا الإعلان سوى تعبيراً عن الروح الوطنية السورية الصادقة ولم أشم منه سوى أريج العلاقة الأخوة اللبنانية السورية التي يجب تسودا بين البلدين، وعبق التاريخ المشترك بين الشعبين، اللبناني والسوري، ولهذا فقد سارعت للتوقيع على الإعلان ومن دون تردد.. و نتساءل من جديد مع ميشيل كيلو الموجود اليوم خلف القضبان: إلى أين تذهب سوريا...؟.
سليمان يوسف ... كاتب سوري آشوري
من الموقعين على (اعلان بيروت دمشق).
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زيلينسكي يحذر من خطورة الوضع على جبهة القتال في منطقة خاركيف


.. لماذا يهدد صعود اليمين مستقبل أوروبا؟




.. بيوت منهوبة وافتقار للخدمات.. عائلات تعود لمنازلها في أم درم


.. زلزال قوي يضرب غواتيمالا




.. ترقب في إسرائيل لقرار محكمة العدل الدولية في قضية -الإبادة ا