الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القشة التي لم تكسر ظهر البعير

ميلاد سليمان

2019 / 10 / 16
كتابات ساخرة


واقف على الكوبري الدائري، مستني أي عربية رايحة ميدان الرماية/ الهرم، وكل اللي بيجي رايح مريوطية او أكتوبر بس، والشمس شكلها واخده منشطات رغم اننا في نص شهر أكتوبر، وصل مكيروباص رايح "رماية" فاضي فيه كرسيين فقط، ركبت وركب رجل تاني كان واقف جنبي، طول بعرض شبه البلطجية بتوع الأفلام الأبيض واسود، وكف ايده بعرض وسطي تقريبا، يبدو ان التطور كان كريم معاه وطفرته البيولوجية عجينتها زيادة، سألت السواق "الأجرة بكم من هنا يسطاا؟"، رد عليا بذوق " 3 جنيه ونص يا بيه.. وخللي عنك خالص"، وباعتباري مواطن طوال اليوم بيتنطط في المواصلات، على طول جيب الشنطة الصغير ماليان فكة، قمت طلعت أجرتي فكة، اتوزعت على الركاب قبل ما توصل للسواق أصلا، واضح ان الفكة على طول عاملة مشكلة، والرجل اللي جنبي بعت 20 جنيه، خد الباقي 15، والسواق قاله "لما يجي جنيه ونص هبعت لك حاضر... حد معاه 5 فضية يا حضرااات"، وباقي الركاب محدش رد عليه ولا حتى حرك دماغه بالإيجاب او النفي، كل واحد في دوامته الخاصة، سواء باصص من الشباك او بيلعب في موبيله او بيلعب في مناخيره او بيلعب في الكرسي ويقشر في الكسوة الجلد بتاعته .. كعادة شهوة التخريب المجاني المسيطر على 90% من الشعب المصري.
الرجل اللي جنبي كأن عليه البيضه، وعمال يفرك ويلوك كثير مع السواق، "أنت ليه مش معاك فكة عشان تبعت الباقي للناس يعني... طيب ما تفك من حد سايق جنبك... ابعت باقي ال 5 جنيه يسطااا... فيه جنيه ونص ورااا يا عمهم"، والسواق مستغرب ومندهش وقاله "والله يا عمنا لو فيه معايا مش هتأخر... هدور لك حاضر"، وصلنا محطة "المريوطية" مكان نزول الشخص دا، قام نزل من المكيروباص وفضل ماسك الباب الجرار بإيده كأنه مش عاوز العربية تتحرك، وزعق تاني وقال "مش هتمشي غير لما اخد الباقي بتاعي... انا لياااا في ذمتك باقي 5 جنيه... ومش انا اللي يتعلم عليا في جنيه ونص يسطااااا"، طبعًا كل الركاب وانا منهم دخلنا في موجة من الضحك الحذِر المكتوم.. احسن ينوبنا من الغضب جانب، والسواق فضل يدوّر ويبحث على أي فكة مفيش، واخيرًا لقى جنيه وسط زحمه الفلوس المرمية قدامه، قدمه للرجل بيد ترتعش وصوت مهزوز "فيه جنيه اهووو... يبقالك نص جنيه... مسامح فيه!؟"، زعق الرجل وقال "وانا اسامح فيه بتاع اييييه؟"، اتدخل واحد من الركاب وطلع من جيبه نص جنيه رفعه للرجل وقال "اتفضل نص جنيه اهوو... وانا نازل الآخر .. هاخده من السواق لما يبقى يفك في الموقَف"، طبعًا دا تصرف محترم من رجل محترم لانهاء الحوار السخيف لأن العربية واقفة والناس متأخرة على شغلها، ولكنه للأسف خد من الغضب نصيبه والرجل طلع علينا كل مشاعر النقص والدونية ومد ايده في جيبه طلع "كبشه" فلوس فئة الـ 200 جنيه وقال "انت هتبقشش عليا يااااض انته.... دانا اشتريكم بالعربية اللي انتوا فيها دي... انا ليا نص جنيه عند السواق.. مش عندك انته"، قام السواق قاله "طيب هعملك اييه دلوقتي... يعني اسيبلك 5 جنيه عشان النص جنيه بتاعك داا"، قام الرجل العملاق تخن صوته أكثر وقال "طيب النص جنيه دا... هخليك تصرفه على تصليح عربيتك..."، قام ضرب ايده بعنف على الباب شرخ الازاز، ومشي في هدوء مكمل طريقه على نزلة المريوطية، وطبعًا.. لا حد من الناس حجِز ولا حد اتدخل ولا حد نطق بكلمة، يادوب كسر الصمت صوت ست كبيرة سبعينية قاعدة في آخر كنبه، قالت "حسبي الله ونعم الوكيل... يعوض عليك ربنا يسطا".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اه يا بلد
كامل حرب ( 2019 / 10 / 16 - 03:00 )
من الواضح ان مصر اصبحت مريضه بل مريضه جدا وحالها بؤس وكذلك الشعب المقهور الجعان قد تأثر جدا بالمرض واصبح هو ايضا مرضان وتعبان وكحيان وبيهرتل ولايعرف يجمع , الواد السيسى المقطف الخبؤ كان بيخطب فى الامه المنكوبه ؟ ؟ البعيد كان شكله شكل العبيط اللى بيتأتأ ويزيط ويخرج غازات كريهه من فمه العفن والشعب المرضان كان يشبه قبيله من القرود والنعاج الدايخه ولاحياه فيهم , مصر اصبحت فضيحه العالم بدون جدال


2 - من ازمة مواصلات الي ازمة سلوكيات
محمد البدري ( 2019 / 10 / 16 - 09:13 )
صديقي الغالي ميلاد
سيرك القاهرة الحالي لم ينشأ من فراغ. له جذوره في ازمة النقل العام، فما بالنا وقد انتقلت الازمة الي سلوكيات تنضح بها جميع الفئات.
لن انساها، ففي الستينات وداخل الاوتوبيس المكدس باللحم البشري التفت سائق الاوتوبيس بعد ان مصمص شفايفة بعد نظرة علي المحطة في الرصيف المقابل وبها حشد ينتظر الاوتوبيس فقال، مساكين هيستنوني لحد ما ارجع، اصلها العربية الوحيدة في الخط. لم يكن هناك ميكروباصات، كان ذلك زمن لازال كثيرين يتشدقون بفضائله وكانت عشرة جنيه اعلي فئة مالية في ذلك الزمان. وكنت اضطر للخروج مبكرا لضمان ان اجد الاوتوبيس والا ضاع اليوم الدراسي.
من تعداد 30 مليون الي 100 مليون جري المزيد من استرخاص البشر منذ ذلك الزمان واستمر المسلسل حتي وصلنا لما عبر عنه كامل حرب بامانة في تعليقه الذي لا يقل قسوة عن قسوة مشهد المحطة قديما وراكب الميكوباص البغل ابو كف
تحياتي

اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟