الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حق الام في فتح حساب مصرفي لولدها القاصر بين النص القانوني و الدستور و التطبيقات المصرفية لبعض الدول و الاعراف الدولية

رزاق حمد العوادي

2019 / 10 / 16
دراسات وابحاث قانونية


دراسة قانونية
حق الام في فتح حساب مصرفي لولدها القاصر بين النص القانوني و الدستور و التطبيقات المصرفية لبعض الدول و الاعراف الدولية
درجت المصارف على عدم تخويل الام فتح حساب مصرفي لولدها القاصر و ان كانت هي التي تقوم بهذه المهمة و على حسابها الخاص ... و حصرت هذه المهمة حصراً بالاب كونه صاحب الولاية الجبرية ...
و يجوز للولي الجبري او وكيله الاب و الجد الصحيح و اب الجد الصحيح بالنسبة لاولادهم و احفادهم القاصرين او وكيله بفتح حساب دون الحاجة لاخضاعه لاذن المحكمة و هو مخول بفتح الحساب و الايداع و سحب المبلغ و كذلك هذا الحق للوصي المختار و الوصي المنصوب و القيم او وكلائهم بفتح الحساب باسم القاصر وفق مستندات معينة.
• اذا و لا بد من توضيح على ضوء ما ورد اعلاه هل الام ممكن ان تخول بفتح مثل هذا الحساب لولدها القاصر دون حاجة لموافقة الولي الجبري الاب ...؟
• و هل المصارف العراقية ممكن لها ان تسمح للام فتح حساب دائن لولدها القاصر دون موافقة الولي الجبري اي الاب .. ؟
• و هل يوجد نص قانوني يمنع ذلك ... ؟
و للوقوف على هذه التفصيلات فأننا نقسم البحث وفقاً لما يلي :
اولاً / التعريف بالأهلية القانونية و الولاية الجبرية وفقاً للبيئة القانونية العراقية.
ثانياً / بيان المركز القانوني للأم وفقاً للدستور و القوانين العراقية و الاتفاقيات الدولية الموقع عليها من قبل العراق.
ثالثاً / توضيح بعض التطبيقات الدولية للدول المجاورة و الاجنبية بهذا الصدد.
رابعاً / الحلول و الاقتراحات.

اولاً /
• تعريف الاهلية القانونية و حدود التصرفات القانونية
1- المادة ( 46 ) مدني كل شخص بلغ سن الرشد متمتعاً بقواه العقلية و غير محجور عليه يكون كامل الاهلية لمباشرة حقوقه المدنية و ان سن الرشد هي ثماني عشر سنة كاملة م ( 106 ) مدني. ( 1 )
2- و الاهلية نوعان اهلية الوجوب و اهلية الاداء وفقاً للمادة ( 48 ) مدني.
3- ان تقسيم العقود من حيث الاهلية و مباشرتها هي :
أ‌- عقود ضارة ضرراً محض و هي عقود التبرع بالنسبة للمتبرع.
ب‌- العقود الدائرة بين النفع و الضرر و هي عقود العوض و بما ان الانسان كامل الاهلية بوسعه ان يجري جميع التصرفات على العقود .. و اذا كانت اهلية الاداء منعدمة كما هو الامر بالنسبة للقاصر غير الممميز و المجنون فلا يكون اهلاً لمباشرة اي انواع من انواع العقود و يقع تصرفه باطلاً.
ت‌- اما اذا كانت الاهلية ناقصة كما في حال الولد المميز فانه يمكن له مباشرة العقود النافعة اما العقود الضارة فلا يستطيع اجراءها و هي العقود التي تدور بين النفع و الضرر و تكون موقوفه على اذن وليه م ( 97 ) مدني.


• الولاية الجبرية للأب و مفهومها
1- تناول القانون المدني في المادة ( 102 ) ( ولي الصغير هو ابوه ثم وصي الاب ثم جده الصحيح ثم وصي الجد ثم المحكمة او الوصي الذي تنصبه المحكمة.
2- كذلك تناول قانون القاصرين رقم 78 لسنة 1980 الولاية في المادة ( 27 ) و المادة ( 30 ) ( لا يجوز للولي ان يتصرف بأموال القاصرين الا بموافقة دائرة القاصرين ) و المادة ( 31 ) تضمنت انتهاء الولاية ببلوغ الصغير سن الرشد و المادة ( 32 ) و ( 33 ) من القانون المذكور. ( 2 )
اذا الولاية هي مجموعة حقوق الوالدين على اولادهم و واجباتهم نحوهم في النفس و المال الى ان يدركوا سن الرشد اذا ما علمنا ان الولاية نوعان :

أ‌- ولاية على النفس و تتعلق بشخص القاصر.
ب‌- ولاية على المال و تخص استثمار امواله و التصرف بها و حفظها وفقاً للمواد الواردة في القانون المدني رقم 40 لسنة 1951 المواد ( 97 ) و ( 99 ) و ( 104 ) و ان الام لا تحظى بهذه السلطة رغم وجود الاهلية القانونية التي اشرنا اليها. ( 3 )

اذا الولاية الجبرية وجدت لملىء الفراغ و هو نقص في الادراك يسده احد الوالدين اي ان الولاية الجبرية وجدت لحماية القاصر و امواله.
لذلك فأن هذه الولاية لم توجد لمنع القاصر و اعاقته من حصوله على التبرعات ... و لا هي تحول دون ادارة امواله بما يعود عليه بالنفع و من باب اولى اذا كان مصدر المال هي الام.
كذلك حماية الاشخاص الذين اشار لهم القانون المدني و قانون رعاية القاصرين و حتى قانون الاحوال الشخصية انما جاءت نصوصها و فلسفتها لحماية الذمة المالية لهؤلاء من اي تبديد او تفريط للأموال و لم تكن مطلقاً لمنعهم من اجراء الاعمال القانونية التي تعود عليهم بالنفع او قبول الحقوق كما اشار اليها القانون المدني.
و بالأخص بالنسبة الى المرأة ... لان اهلية الاداء و التزام المرأة هي اهلية غير منقوصة لأنها اهلية تخولها اجراء جميع التصرفات القانونية و كما ورد في المادة ( 46 ) كل شخص بلغ سن الرشد كامل الاهلية كما اشرنا اليها في اولاً من هذا البحث.
و على ضوء ذلك ...
فأن المرأة هي كاملة الاهلية و لها القيام بجميع التصرفات القانونية دون الرجوع الى الزوج او الى الولي .. مثلا هبة اموالها المنقولة و غير المنقولة اذا ما علمنا بان الهبة هي تمليك مال لأخر بلا عوض م ( 601 ) مدني و المادة ( 604 ) يملك الصغير المال الذي وهبه اياه وليه او من هو في حجره بمجرد ايجاب الواهب .. و لا يحتاج الى القبض.
لذلك فأن فتح حساب مصرفي و بالأخص لمصلحة الولد القاصر يجب عدم مقارنتها او ربطها بالسلطة الابوية او الولاية الجبرية على القاصر.
و لا بد لنا و على ضوء الاسس القانونية يجب التفريق :
أ‌- بين الولاية الجبرية على القاصرين التي تنطوي على اعطاء الاب سلطة تقدير مصلحة القاصر و حمايته.
ب‌- و بين الاعمال النافعة نفعا محضاً للقاصر و هذا ما اكدته النصوص القانونية الواردة في المادة ( 98 ) مدني ( للولي بترخيص من المحكمة ان يسلم الصغير المميز اذا اكمل 15 سنة مقدار من ماله و يأذن له بالتجارة و يكون الاذن مطلقاً او مقيداً. ( 4 )
و هنا يمكن القول ان فتح حساب مصرفي دائن او وديعة لمصلحة القاصر هو من الاعمال النافعة نفعاً محضاً للقاصر و تصب في مصلحته و هذا مما يتطلب تفعيل القوانين الوضعية ذات العلاقة التي تجيز للمرأة فتح حساب او وديعة لمصلحة ولدها القاصر .. و السند القانوني في ذلك هو ان الاصل هو الاباحة و المنع هو الاستثناء مما ليس ممنوعاً صراحة مباحاً .. و انه لا علاقة للولاية الجبرية بتصرف الام لمصلحة ولدها و غير المقيدة بشرط لصالح القاصر.
كما لا علاقة لفتح حساب مصرفي للقاصر بأنظمة و قوانين الاحوال الشخصية.
ثانياً / المركز القانوني للمرأة في القوانين العراقية و الاتفاقيات الدولية المصادق عليها من قبل العراق و التي تؤهلها لهذه المهمة.
أ‌- ورد في المادة 14 – 15 من الدستور ان العراقيين متساوون في الحقوق و الواجبات و المساواة في الحقوق السياسية و الاجتماعية. ( 5 )
ب‌- كما نظم قانون العمل رقم 37 لسنة 2015 الحق للمرأة في العمل و وفق الاسس القانونية الواردة و منها اجازة الحمل و التقاعد و التعليم.
ت‌- و هناك حقوق خاصة وردت في قانون التجارة رقم 30 لسنة 1984 ... اجاز للمرأة ان تحترف التجارة باسمها و لحسابها. ( 6 )
و كذلك مساواة المرأة و الرجل في الحقوق و المزايا المالية وفقاً للقانون رقم 9 لسنة 1975 و قانون الشركات رقم 21 لسنة 1997 أجاز للمرأة الاشتراك في تأسيس الشركات. ( 7 )
• الاتفاقيات الدولية لحقوق المرأة.
ان حقوق المرأة على النطاق الدولي اشارت اليه الكثير من هذه المعاهدات و الاتفاقيات و منها :
أ‌- اتفاقية العهدين الدوليين المدنية و السياسية و الاجتماعية المصادق عليها من قبل العراق في القانون 193 لسنة 1970 اعطت حق المرأة كاملاً في كافة التصرفات.
( 8 )
ب‌- اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة و المصادق عليها بالقانون 13 لسنة 1986. ( 9 )
ت‌- اتفاقية سيداو الخاصة بحقوق المرأة و المصادق عليها من قبل العراق بالقانون 66 لسنة 1986. ( 10 )
ث‌- اتفاقية حقوق الطفل المصادق عليها من قبل العراق بالقانون 4 لسنة 1994.
( 11 ) و ان هذه الاتفاقيات اصبحت جزء من القانون العراقي و ملزمة للعراق وفقاً لقانون النشر 78 لسنة 1977 و تضمنت حقوق متكاملة للمرأة و الطفل.

ثالثا / موقف بعض من الانظمة المصرفية الاجنبية في موضوع فتح حساب مصرفي باسم القاصرين و على سبيل المثال
منها :
أ‌- خرجت المصارف ( اللبنانية عن اسلوب و نمطية التعامل المصرفي التقليدي و فتحت حسابات مصرفية باسم القاصرين و لو بأذن وليهم الجبري الاب متجاوزة بذلك القاعدة القانونية التقليدية ( القائلة بضرورة بلوغ سن الرشد بفتح حساب حيث ذهبت الى اصدار شيكات باسم هؤلاء القاصرين ولو بالوان مختلفة و لو بمبالغ محدودة. ( 12 )
ب‌- كذلك بادرت المصارف اللبنانية الى الاستثمار في مجال التأمين المصرفي فوفرت لعملائها بالتعاون مع شركات الضمان برامج تعليم جامعي او مدرسي بحيث اعطت هذه الشركات للام و اي شخص يثبت مصلحة تأمينية و حق جعل الولد القاصر مستفيداً من عقد التأمين.
و لا تدفع هذه المبالغ للقاصر حتى البلوغ و لا يتأثر هذا العقد بأحكام قوانين الاحوال الشخصية او اي قوانين اخرى.
ت‌- في الكويت يحق للام بمعزل عن ولاية الاب او الحد الجبرية و لمجرد ابرازها شهادة ولادة اصلية لأولادها القاصرين و بطاقة الهوية ان تفتح حساباً مصرفياً تديره و تغذيه وحدها دون الاب بما يسمى بيت التمويل الكويتي او حساب بيتي للأطفال يفتحه الولي و الوصي او الام او و من له صلة القرابة بالطفل الدرجة الثانية .. و يتميز هذا الحساب انه حساب توفير استثماري مخصص للأطفال من الجنسين حتى سن 14 عاماً و حدد الحد الادنى للرصيد 20 دينار كويتي ... و هذا الاسلوب يمكن للاهل و الام بناء مستقبل لأطفالها و توفير فرص واعدة.
ث‌- و كذلك ما ورد بمدونة الاسرة المغربية تضمنت اعطاء الام و كل متبرع حق الاشتراط عند تبرعه بمال محوز بممارسة النيابة القانونية في ادارته و تنمية المال الذي وقع التبرع به و ضماناً لحقوق القاصرين اعطت الام الحق بتحريك الحساب ايداعاً دون حق السحب حتى يكون الرصيد دائناً لصالح القاصر م ( 239 ) من المدونة.
ج‌- كذلك في ايران مكن مصرف ما يسمى بيت المسكن و الام من فتح حساب توفير الغاية منه تامين سكن لأولادها القاصرين و قد اعطى هذا النظام لأي شخص بمن فيه الوالدين و الوصي و الاقارب يكون القاصر مستفيداً منه و اعطى القاصر نفسه و البالغ من العمر 12 سنة بفتح حساب مصرفي باسمه الخاص مع ابقاء حق السحب مطلقاً الى حين البلوغ 15 سنة و الكثير من التطبيقات الدولية لا يتسع المجال لذكرها.




رابعاً / الاقتراحات
على ضوء ما ورد في البيئة القانونية العراقية و الاتفاقيات الدولية و التطبيقات للمصارف الاجنبية نقترح ما يلي :
1- الحق القانوني للتعاقد لمصلحة الغير او ما يسمى بالاشتراط لمصلحة الغير وفقاً للمادة 152 من القانون المدني ( يجوز للشخص ان يتعاقد باسمه الخاص على التزامات ).
أ‌- يشترطها لمصلحة الغير اذا كان له في تنفيذ هذه الالتزامات مصلحة شخصية مادية كانت او دبية.
ب‌- و يترتب على هذا الاشتراط ان يكسب الغير حقاً مباشراً قبل المتعهد.
ت‌- يثبت هذا العقد علاقة ثلاثية بين العاقد و المتعهد و المنتفع.
فهذه النصوص يمكن ان تجيز للمرأة ان تتعاقد باسمها لمصلحة شخص ثالث وليدها بحيث يصبح هذا الاخر دائناً و بمعنى اخر تبرم الام عقد فتح حساب او وديعة مع المصرف بصفتها العاقدة لمصلحة المنتفع القاصر تحقيقاً لنية التبرع لديها و يخضع العقد حينها لنظام الهبة.
و هذا الاتجاه غير مخالف للنظام العام و الاب.
لذلك فأن تخصيص الام لولدها القاصر جزء من اموالها المنقولة و غير المنقولة تحقيقاً لمصلحته المالية و تأميناً لمستقبله ينسجم مع احكام القوانين و الانظمة العامة و لا يخالفها و كذلك مع احكام الشريعة الاسلامية كونها مصدر من مصادر التشريع.
2- و بالنسبة للمنتفع يجوز ان يكون مسمى في العقد و محدداً و ان المنتفع القاصر يبقى خارج اطار العقد الجاري بين المتعهد المصرف و العاقد الام .. هذا يعني ان المنتفع القاصر يتلقى حقاً بموجب العقد دون ان يكون عليه التزام جراء هذا العقد و هذا ما اشارة اليه المادة ( 97 ) من القانون المدني بشان تصرف الصغير المميز اذا كان في حقه نفعاً محصناً و ان لم يأذن له الولي و لم يجزه.
3- كما نؤكد ان الاصل في الاشياء الاباحة و المنع هو الاستثناء فما ليس ممنوعاً صراحة مباحاً و لا علاقة للولاية الجبرية بتصرف الام لمصلحة ولدها غير المقيدة بشرط لصالح القاصر و وفق القوانين المصرفية و وفق القاعدة القانونية لا ينكر تغيير الاحكام بتغيير الازمان م ( 2 ) مدني.

مصادر البحث /
1- القانون المدني العراقي رقم 41 لسنة 1950.
2- قانون رعاية القاصرين رقم 78 لسنة 1980.
3- شرح مصادر الالتزام الاستاذ المرحوم السنهوري صفحة 680.
4- القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951.
5- الدستور العراقي لعام 2005.
6- قانون العمل رقم 37 لسنة 2015.
7- قانون التجارة رقم 30 لسنة 1980.
8- القانون 9 لسنة 1975.
9- قانون الشركات رقم 21 لسنة 2000.
10- العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية لعام 1966.
11- اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المراة.
12- اتفاقية سيداو رقم 66 لسنة 1986 و اتفاقية حقوق الطفل المصادق عليها من قبل العراق بالقانون 4 لسنة 1994.



رزاق حمد العوادي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة تدعو بريطانيا لمراجعة قرار ترحيل المهاجرين إلى


.. هل واشنطن جادة بشأن حل الدولتين بعد رفضها عضوية فلسطين بالأم




.. وزير الخارجية الأيرلندي: 100% من الفلسطينيين بغزة يواجهون شب


.. ثورات في الجامعات الأمريكية.. اعتقالات وإغلاقات وسط تصاعد ال




.. French authorities must respect and protect the right to fre