الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحراك العربي بين وهم الجماهير و واقع المؤسسات

الدير عبد الرزاق

2019 / 10 / 18
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


بالعودة كرنولوجيا إلى سنة 2011 حيث انطلق الحراك الشعبي في العالم العربي، من حادث إضرام الشاب التونسي النار في نفسه أمام مقر ولاية سيدي بوزيد بتونس، احتجاجا على مصادرة شرطية لعربته التي كان يبيع عليها الفواكه والخضر و صفعها له، ثم انتقلت شرارة الاحتجاجات إلى باقي الدول العربية، فسقطت أنظمة و صعدت أنظمة أخرى، و تشكلت حكومات جديدة ، لكن ماذا تغير في الخارطة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية؟.
الجواب يحتاج إلى دراسات ستثبت جميعها أن الأمور زادت سوء بعد 8 سنوات، لكن هل الأمر طبيعي؟، طبعا الأمر غير طبيعي، لاعتبار بسيط، تاريخ الثورات و الحركات الشعبية عبر العالم يغير الكثير داخل أبنية المجتمعات، لكن لماذا لم يتغير شيء منذ 2011 إلى اليوم في المجتمعات العربية ، هل لأن هذه المجتمعات في عمقها غير قابلة للتغيير، أم أن الأنظمة لها القابلية للحفاظ على أسسها و دعائمها؟.
و لأول مرة سنسمع بشعارات منذ انطلاق الحراك العربي سنة 2011 و إلى اليوم، شعار التغيير و شعار الشعب يريد إسقاط النظام، و محاربة الفساد، هي شعارات جديدة على أدبيات الفكر العربي المعاصر و تحتاج إلى أكثر من دراسة لإعادة صياغة الأسئلة بشكل دقيق يعيد الاعتبار للفكر العربي في تمفصلاته المزدوجة و حركيته في خلق فضاءات شاسعة للتفكير بهدوء في قضايا مجتمعاتنا.
فنحن اليوم أمام واقع فكري و ثقافي و سياسي و اجتماعي و اقتصادي، شبه منهار إذا لم يكن قابلا للانهيار في أي لحظة ، و أصبح محكوما بالوهم الجماهيري وسط واقع عربي يراوح مكانه دون أي تغيير يذكر، و نعرف مسبقا أن الجماهير غير قادرة على صناعة التغيير المنشود، لأن ما يحركها هو لا وعي ، في وقت اختارت النخب العربية على جميع المستويات أن تتموقع خلف المال و الأعمال و خلف مصالحها الضيقة، تاركة الجماهير تتخبط وسط الشعارات التي لا تستند على أي رؤية أو مشروع يمكن أن يكون بديلا لواقع نخر المجتمعات العربية و أغرق سفينتها الحضارية.
اليوم أكثر من أي وقت مضى، مرغمين على طرح سؤال المؤسسات و أدوارها، السلطة و أدوارها؟ الدولة و أدوارها؟ الديمقراطية و أدوارها؟ المجتمع و أدواره؟ المؤسسات السياسية و المجتمعية و الإعلامية و أدوارها؟ الفاعل السياسي و مجالات فاعليته؟ الفاعل النقابي و مجالات تحركاته؟ ماذا نريد من التعليم؟ أي إنسان نريد؟ من المستفيد من الحراك الشعبي غير القادر على التغيير و مأسسة المؤسسات الموجودة و الحفاظ عليها و تطويرها؟ الشرعية و مرجعياتها الديمقراطية؟.
أسئلة كثيرة مغيبة أو غائبة عن أي تجمعات بشرية أو جماهيرية تحركها آليات و ميكانيزمات، لغايات نجهلها أو لم نستطع فهم أهدافها غير المعلنة
ما نحتاجه اليوم هو إنشاء أنظمة مجتمعية و سياسية للتغيير و ليس تغيير الأنظمة، فرحيل أشخاص على هرم الدولة لن يغير شيئا في واقعنا البئيس، و هذا ما أثبته تغيير مجموعة من الأنظمة في عدد من الدول العربية، فالذي يجب أن يتغير هو الفرد العربي في سلوكياته و وعيه الفردي و الجماعي و إدراكه لحجم مسؤوليته في فاعليته سواء في مجال عمله أو في محيطه أو في أسرته أو في حيه أو مدينته، فالأنانية و الفردية السلبية هي التي أوصلتنا لما نحن عليه اليوم.
خلاصة القول، في غياب الوعي المؤسساتي، أي أن المؤسسات الثقافية و السياسية و المجتمعية يجب أن تشتغل على تأطير الأطفال و الشباب و المواطنين داخل المؤسسات لإنتاج جيل مؤسساتي يدرك قيمة المؤسسسة ، بدل ترك المجتمعات مذبوحة على قارعة الشوارع تردد شعارات لا تدرك قيمتها و امتداداتها، و التي سرعان ما تنته بتغيير السائق دون تغيير الحافلة المعطوبة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اشتباكات في حرم جامعة كاليفورنيا بين مؤيدين لإسرائيل ومتظاهر


.. اشتباكات بين متظاهرين مؤيدين لإسرائيل وآخرين مؤيدين لفلسطين




.. أنصار إسرائيل يعتدون على متظاهرين مؤيدين لغزة بجامعة كاليفور


.. اشتباكات بين المتظاهرين وشرطة مكافحة الشغب في ميدان تقسم بإس




.. ضباط شرطة يدخلون كلية مدينة نيويورك لاعتقال وتفريق المتظاهري