الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفزاعة المساندة

شجاع الصفدي
(Shojaa Alsafadi)

2006 / 5 / 20
القضية الفلسطينية


لربما اعتدنا في الفترة الأخيرة من حياة شعبنا السياسية على الصراعات والتصريحات المتضاربة وسوء القرارات, وتناكف الصلاحيات ما بين مؤسستي الرئاسة والحكومة, ولكن وفي أسوأ التوقعات والسيناريوهات لم نكن أبدا ننتظر أن تستحدث قوة أمنية جديدة دون اتفاق متزن على آلية عملها هذا إن كان لاستحداثها داعٍ من الأساس, وكنا نظن أن وزير الداخلية لن يكون طرفا في تحدٍ لا مبرر له في القرارات, ولكن الوزير قرر أن يعلن عن بدء عمل ما تسمى بالقوى المساندة وليته لم يفعل, فالكثيرين وأنا منهم توقعنا أن تكون القوى المساندة هي اسما وعملا وسندا يؤمّن للشعب استقرارا نفسيا وشعورا بالأمان في مواجهة الفلتان الأمني الجزئي الذي نعانيه ولكن ما حدث هو العكس فمنذ أن انتشرت عناصر القوى المساندة حتى وضح أنها شكِلت لتقوم بدور الفزاعة وليس بدور الحارس الأمين, وقد يحول تواجد المسلحين بهذا الشكل في شوارع قطاع غزة إلى فلتان أمني كلي بدلا من الفلتان الجزئي الذي كنا نستطيع السيطرة عليه لو توحدت القوى واتفقت على آلية وطنية للعمل همها هو المصلحة الوطنية أولا قبل أي مصلحة حزبية, وفي تصور أوّلي وأثناء التجول في مدينة غزة بالأمس وصباح اليوم توقعت بالفعل أن تسيل دماء فلسطينية كثيرة تجعلنا نشعر بالحنين لما كنا عليه من فلتان امني

فعندما تنظر لوجوه عناصر الفزاعة تجدهم ينظرون إلى المواطنين بتحد واستفزاز واضح وينتشرون على مفترقات رئيسية بالمدينة بشكل كبير يثير الفزع في نفوس الأطفال والنساء حتى أنني أثناء مروري بجوار احدهم مساء كان مشدودا وكأنه آلة ويده متوترة على الزناد وكأنه ينتظر العدو ومن شدة توتره خشيت أن أعطس فيفاجأ ويطلق النار عليّ أنا والمارة !! , فهل هذا هو دور الفزاعة ؟ التمركز على مفترقات الطرق في استعراض للقوة ؟ ,وهل ضبط الفلتان الأمني يكون بحمل قاذفات الآر بي جي , ولمن يا ترى تُحمل هذه القاذفات في شوارع غزة الرئيسية !؟ وهل يعقل أن تكون أولى مهام هذه القوة هي قمع تظاهرة طلابية احتجاجا على قرار متعلق بشؤونهم ؟ .

أليس حريا بهذه القوى ومن نسق آلية عملها أن تنتشر في مواقع المواجهة مع العدو مثلا, أو على الأقل القيام بعمل دوريات لحراسة مرافق البلاد ومصالح المواطنين جنبا إلى جنب مع جهاز الشرطة والأمن الفلسطيني ؟هذا إن كان أمن المواطن هو السبب الحقيقي لتشكيل هذه المجموعات.

الحقيقة إن المشهد مثير للرعب لدى المواطنين, وحالة من عدم الرضا والتذمر تعم نفوس الجميع بسبب ما يجري في غزة, حتى أنني سمعت عجوزا تتساءل: " هما اليهود رجعوا ؟ " كان كلامها تعبيرا عن الخوف من مشهد جنود الاحتلال الذين كانوا يحتلون شوارع غزة في الانتفاضة الأولى بهذا الشكل, ونحن هنا لا سمح الله لا نقارن بين هؤلاء وأولئك, ولكن التعبير الذي استعملته العجوز والدهشة مصحوبة بالخوف تعلو وجهها كان تعبيرا عفويا عما تشعر به تجاه ما تراه, فوقوف المسلحين في كل زاوية شارع لن يُشعِر المواطن بالأمان بل سيشعره بالرعب وانتظار ما هو أسوأ بكل الأحوال. ولا ندرِ إن كانت حقيقة الصورة غائبة عن الحكومة وعن وزير الداخلية ؟ أم أنها مَن رسم الصورة لتكون بهذا الشكل الذي نراه ؟ وأخشى أن يكون علينا أن نعتاده.

والمثير للجدل حقا هو انتشار عناصر القوى المساندة في اليوم التالي لمقتل أحد أفراد حماس وكأن الأمر كان بحاجة لمبرر دموي لإطلاق إشارة البدء أو شرارة البدء إن صح التعبير, فما حدث هو شرارة لا تبشر بالخير على الإطلاق وربما سيكون علينا خلال الأيام القادمة أن نظهر بطاقاتنا لعناصر الفزاعة قبل المرور في أي شارع من شوارع غزة وهكذا نكون قد جنينا ثمرة الديمقراطية التي احترمناها ووصلنا لوضع عاشته لبنان سابقا ويلعنه كل لبناني حتى الآن ولا يتمنى رجوعه, وهو الوضع الذي تسيطر فيه الميليشيات المختلفة على أحياء لبنان وتتجبر بالشعب المغلوب على أمره, وفي هذه الحالة سيحدث ما لا تحمد عقباه وستسيل دماء بريئة لا ذنب لها, وسيشهد الشعب الفلسطيني ما لم يشهده من قبل, وكل ذلك سيكون على حساب القضية الفلسطينية, ولست هنا بصدد التشاؤم فقط ولا التنبؤ وإنما لسان الحال هو الذي يقول أننا وصلنا لحال يرثى لها والقادم أعظم, ويا خوفي أن تضيع حقوق الشعب الفلسطيني بين حكومة ورئاسة فينطبق علينا المثل القائل: “ ما بين حانا ومانا ضيعنا لحانا “.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل - حماس: أبرز نقاط الخلاف التي تحول دون التوصل لاتفاق


.. فرنسا: لا هواتف قبل سن الـ11 ولا أجهزة ذكية قبل الـ13.. ما ر




.. مقترح فرنسي لإيجاد تسوية بين إسرائيل ولبنان لتهدئة التوتر


.. بلينكن اقترح على إسرائيل «حلولاً أفضل» لتجنب هجوم رفح.. ما ا




.. تصاعد مخاوف سكان قطاع غزة من عملية اجتياح رفح قبل أي هدنة