الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المناطق الآمنة في سوريا (بين الابعاد السياسية.. وقواعد القانون الدولي الانساني)

فوزي كركان حميد

2019 / 10 / 20
دراسات وابحاث قانونية


تفرض قواعد القانون الدولي الإنساني قيودا عديدة على الأعمال العدائية على اللاجئين بوصفهم أشخاصا مدنيين محميين من الأعمال العدائية، نصت عليها اتفاقيات جنيف الاربع لعام 1949 والبروتوكولين الملحقين بها.
و تتضمن هذه الحماية قواعد تتعلق بصفة خاصة :
بإنشاء مناطق محمية أو إرسال مواد الإغاثة أو اتخاذ تدابير خاصة لمصلحة الأطفال أو حضر مهاجمة المدنيين أو تهديدهم والالتزام باتخاذ تدابير احتياطية لحماية السكان المدنيين وحضر تدمير الأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين من قبيل المواد الغذائية والمناطق الزراعية واحترام أجهزة الدفاع المدني.

ففي مايتعلق بإنشاء مناطق محمية، نصت المادة 15 من الاتفاقية أعلاه( يجوز لأي طرف في النزاع أن يقترح على الطرف المعادي، أما مباشرة أو عن طريق دول محايدة أو هيئة إنسانية، انشاء مناطق محيدة في الأقاليم التي يجري فيها القتال بقصد حماية الأشخاص المذكورين أدناه من أخطار القتال دون تمييز:
1. الجرحى والمرضى من المقاتلين وغير المقاتلين.
2. الأشخاص المدنيين الذين لايشتركون في الأعمال العدائية ولايقومون بأي عمل له طابع عسكري أثناء إقامتهم في هذه المناطق.
وبمجرد اتفاق أطراف النزاع على الموقع الجغرافي للمنطقة المحيدة المقترحة وإدارتها وتمويلها ومراقبتها، يعقد اتفاق كتابي يوقعه ممثلوا أطراف النزاع ويحدد الاتفاق بدء تحييد المنطقة ومدته )

ولانشاء تلك المناطق لابد من توفر شروط منها:
1. يجب ان يكون هناك اتفاق بين طرفي النزاع
2. ان يشمل الاتفاق تحديد المنطقة وإدارتها وتمويلها ومراقبتها، كأن تكون إدارة مشتركة أو يعهد بها إلى منظمة دولية كالصليب الأحمر الدولي أو المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
3. تحديد الفئات المشمولة بالحماية.
4. ان لايشترك المدنيين المشمولين بالحماية بأية أعمال عسكرية.
5. ان يكون الاتفاق لمدة معينة قابلة للتجديد.

لكن القراءة السياسية لتلك الدعوات تكشف عن أهداف سياسية بعيدا عن الدوافع الإنسانية.
فالدول التي تدعوا لإنشاء تلك المناطق( الولايات المتحدة و تركيا ) هي اطراف في النزاع وليست محايدة، حتى وإن افترضنا أنهما تمثلان وجهة نظر المعارضة السورية، فهذا يتطلب الاتفاق مع الطرف الآخر وهو النظام السوري وحلفاءه، ولا يمكن فرضها من قبل طرف واحد.

هذا وبالإضافة إلى أن كل دولة منهما لديها أبعاد استراتيجية تسعى لتحقيقها تحت ذرائع إنسانية.

فتركيا تريد انشاء مناطق عازلة يتم فيها تدريب وسيطرة فصائل المعارضة السورية الموالية لها ، كذلك إعادة نفوذها في الشمال السوري خصوصا بعد سيطرة النظام السوري وحلفاءه على حلب، كذلك تريد بعاد قوات سوريا الديمقراطية ( ذات الغالبية الكردية) عن حدودها لما تمثله تلك القوات من عمق استراتيجي لحزب العمال الكردستاني PPK التركي المعارض.

اما الولايات المتحدة ( التي يبدو انها اقل حماسا من ذي قبل بخصوص انشاء مناطق عازلة أو آمنة )
فهي تبحث عن إعادة تموضع في الشأن السوري وخصوصا بعد أن فقدت الكثير من نفوذها لصالح الخصم الروسي ( الذي أصبح يمسك بالملف السوري ) تمهيدا لأية مفاوضات مستقبلية.
حيث تهدف إلى تقسيم سوريا وانشاء قواعد عسكرية دائمة في المناطق ذات الغالبية الكردية، كذلك انشاء منطقة عازلة في الجنوب السوري لإبعاد التهديد الإيراني وحزب الله اللبناني عن الحدود الإسرائيلية.
لكن يبدو ان القرارات المتسرعة للرئيس ترامب قد تذهب بكل ماخططت له الولايات المتحدة منذ تشكيل التحالف الدولي لمحارية الارهاب.

وعليه أصبحت الدعوات لإنشاء مناطق آمنة أو عازلة تفتقر للاطار القانوني ولايمكن القول إنها جاءت وفقا للقانون الدولي الإنساني لأن هذا القانون والاتفاقيات الدولية التي يتكون منها، تقوم على مبادئ إنسانية تهدف إلى حماية المدنيين والجرحى وغيرهم من الفئات المشمولة، أثناء النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية.
فوزي كركان حميد.. ماجستير قانون دولي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذيرات أممية من حظر إسرائيل وكالة الأونروا.. ما التفاصيل؟


.. الأمم المتحدة: نصف مليون لبناني وسوري عبروا الحدود نحو سوريا




.. مستوطنون حريديم يتظاهرون أمام مقر التجنيد قرب -تل أبيب- رفضا


.. مسؤولة الاتصال في اليونيسف بغزة: المستشفيات تعاني في رعاية ا




.. الأمم المتحدة: أكثر من مليون نازح في لبنان