الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على هامش الإنتخابات البرلمانية و الرئاسية في تونس...

عمران مختار حاضري

2019 / 10 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


على هامش الإنتخابات البرلمانية و الرئاسية في تونس ...
... أسوأ الخيارات هو الإختيار بين السيء و الأسوأ... !!!
... لعله من أبرز مظاهر الانفصام على الواقع و عدم الإلمام بمجرياته و تعقيداته و عدم كسب تحدي الإنتشار و الانغراس في الفءات الشعبية و ما خللفه في الجسم اليساري بصفة عامة من ارتباك و شخوص أمام النتائج الانتخابية المؤلمة التي شهدها اليسار بمختلف أطيافه ... يعود أساساً إلى :
الانحسار في المستوى السياسي و إهمال المستوى الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي، الذي أفضى إلى فقدان أطياف يسارية واسعة القدرة على الإلمام بالمشهد السياسي و استيعاب تناقضاته و ترتيب أولوياته كما أفقدها القدرة خاصةً على فهم واقع الطبقات الشعبية و طبيعة مشكلاتهم، و ربما لم يلمس إلا طابع "وعيهم " بصورة عامة و غير دقيقة... و بالتالي يفقد القدرة على معرفة طبيعة مشاكلهم و طريقة تفكيرهم و اولوياتهم و درجة احتقانهم و احتجاجاتهم و حدود انضغاطهم بفعل الأوضاع المزرية التي يعيشون فيها نتيجة السياسات العدوانية القديمة الجديدة التي تنتهك حقوقهم وتعتدي على أسباب عيشهم و توغل في مزيد تهميشهم و افقارهم نتيجة السياسات والخيارات المازومة لرواد الحداثة الشكلانية الزائفة و الاسلام السياسي بمختلف تمثلاتهم ... و هو ما يطرح على الأطياف السياسية والمدنية الناهضة من الديمقراطيين و الوطنيين المنتصرين لعموم الشعب الكادح و استحقاقاته... جعل على رأس أعمالهم توفير الشرط الاجتماعي للحريات الديموقراطية حيث يكون النضال من أجل الحريات الديمقراطية جنبا إلى جنب مع الديموقراطية الاجتماعية بما تعنيه من مساواة و تكافؤ الفرص و التوزيع العادل للثروة و الحق في الشغل و العلاج والتعليم و النقل والخدمات و غيرها من مقومات الرعاية والعدالة الاجتماعية المنشودة...
الحرية النسبية التي انتزعها الشعب و نخبه بفضل التضحيات الجسيمة و الشاقة على أهميتها وقيمتها الحيوية وحدها لا تكفي... ! فالفءات الشعبية الضعيفة و الجائعة و المهمشة إقتصاديا و إجتماعيا لا يشبعها أي قدر من الحرية... ! وهي في معظمها ربما تبحث عن "الوجود البيولوجي" قبل "الوجود الأيديولوجي" ... ! هذا إلى جانب تفشي ظاهرة البحث عن "الزعيم" التي سكنت المخيال الجمعي الشعبي نتيجة عقود من التعايش مع استبداد الحكم الفردي المطلق الذي كرس ثقافة الخوف و الشعور بالهوان و فقدان الثقة بالنفس لدى المواطن العادي ... فالإنسان الذي يستشعر الضعف في نفسه يلتفت حوله باحثاً عن القوة خارجه ليتلمسها في غيره... و يظل احتياجه "للزعيم " حتى إن كان شخصية هلامية فوضوية شعبوية سليلة المنظومة القديمة المرسكلة والتي ثار ضدها الشعب و انتهت برحيل نظام بن علي المافيوي أو سليلة المنظومة التقليدية المحافظة على حد سواء... نفخ في صورتها و صنعها الإعلام الموجه و المال الفاسد و المنصات الإلكترونية لشبكات التواصل الاجتماعي و اللوبيات و شركات الدعاية و الاشهار ... و يشتد هكذا احتياج لدى المواطن العادي كلما ازداد إحساسه بضعفه و يأسه و وهنه... لذلك و في الحالة الإنتخابية نرى شراءح تنقاد طواعية إلى حد التماهي في شخصيات شعبوية ليبرالية طوباوية لوثت وعيها و انخدعت لمنسوب خطابها السفسطاءي المخادع سواءا حول الفقر أو الذود و المحافظة على الهوية ...! لذلك ليس من باب "الإعجاز الإنتخابي" أن تطفو على السطح شخصيات و أطياف بعينها، استغلت مبكرا مساحة الفراغ التي تركها اليسار حيث العامة و المعامل و المزارع و الاحياء الشعبية... فضلا عن إنتشار الأمية السياسية و هبوط الوعي و بخاصة استغلال الأوضاع المزرية لشراءح شعبية لتستثمر في أحلامهم و توقهم إلى الأفضل بالعمل " الخيري" المشبوه و الخطاب الهووي " الثورجي المحافظ المقيت ...!!! و هو ما يحيلنا على تجارب تاريخية مماثلة كالتي ظهرت في إسبانيا في ثلاثينات القرن العشرين أو في إيطاليا و ألمانيا من تنامي تيار " الثورة المحافظة" ( révolution concervatrice) التي سبقت ظهور الفاشية و النازية... !!!
لن يرى الشعب التونسي النور و لن تتحسن أوضاعه و يستعيد مواطنيته و سيادته و حقوقه إلا متى عمل مسنودا بأصدقائه الحقيقيين المنتصرين له و لانتظاراته على إبقاء كهنة السوق والمعبد و توابعهم من التيارات الشعبوية المقيتة خارج الحكم بكافة الأشكال النضالية و في مقدمتها النزول إلى الشارع و الاحتجاج حتى إدراك المطالب المشروعة التي ثار من أجلها الشعب... الذي لا يملك ترف النزول إلى الشارع بل دفعته و حركته أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية المزرية...ولن يهدأ مهما تعثر المسار و طال المشوار ... !!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن ينهي زيارته إلى الصين، هل من صفقة صينية أمريكية حول ا


.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا




.. انقلاب سيارة وزير الأمن الإسرائيلي بن غفير ونقله إلى المستشف


.. موسكو تؤكد استعدادها لتوسيع تعاونها العسكري مع إيران




.. عملية معقدة داخل المستشفى الميداني الإماراتي في رفح وثقها مو