الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإنتفاضة اللبنانية : من ضد من : ولماذا الآن ؟

فيصل بلوش

2019 / 10 / 21
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


قد يصعب ذهنيا إستيعاب معادلة الجمع مابين واقع جمالية فعل الإحتجاج ورقي حالة الإنتفاضة ، وما بين قبح الدوافع والمسببات التي تقف خلفها ، وبتعبير آخر منذ متى كانت الآسطيتيقا تعبير عن حالة تراجيدية؟

يجد هدا التساؤل موقعه في أناقة الإنتفاضة الشعبية اللبنانية بتعبيراتها الحضارية المتنوعة ،إذ تُعد حالة ثقافية راقية و متميزة في الشكل الفني والمضمون المطلبي ، حركة شعبية لم ترتهن في تشكلها وتبلورها سوى لناصية الإرادة الشعبية التي إكتوت بجشع الرأسمالية المتطرفة ورموزها، فأن يكون الحراك الناعم تجاوزا لمعطى الطوق الطائفي /المدهبي وقفزا على حواجز الأبوية السياسية ، لتعدُّ أبرز ملامح الإستثنائية و التميز في بلدٍ حكمته الحتمية التاريخية بإتفاق طائفي كُتب لأن يتحكّّم في مصير الدولة والمجتمع اللبنانيين،بسجل مليء بمحطات الإحتقان الأهلي الداخلي..

مضاهر فك التبعية العضوية والرمزية والولاء للجد/الأب السياسي/المذهبي ...تعد منجزا رمزيا منذ اللحظات الأولى لتبلور الإنتفاظة اللبنانية ،فشعار كلن يعني كلن صار صوتا يتجاوز لحظة الإنفعال النفسي أو العصبي إلى حالة تعبيرية عن السخط الشعبي على أركان النظام القائم من دون إستثناء هذا مع إستثناء بعض السلوكيات المتطرفة المستفزة وغير المحسوبة والتي تضمر توجيها للمسار نحو الإحتقان الطائفي ،فحالة إنقلاب على نمودج الابوية السياسية أسست له دواعي منطقية ومشروعة مرتبطة بكون هذا النموج شكل احدى معيقات التنمية الاقتصادي والاجتماعية وأحد عوامل التفاوث الهرم الإجتماعي ، بما جعل مصوغات الانتفاضة مرتبطة بمطلب العدالة الإجتماعية والكرامة الانسانية وتبديد الفجوات الطبقية والقضاء على الفساد والقطع مع مختلف مضاهر التجويع الممنهج ، وكدعوة لتجديد النخب السياسية وتجويد السياسات العمومية عبر مؤسسات مواطنة تقوم على إرساء مبدأ تكافؤ الفرص والعدالة المجالية ..

مهرجان الإنتفاضة اللبنانية الناعمة هو تعبير عن حالة الرفض للبنية التي تقوم عاى أساسها الدولة وما أفرزته دولة المحاصصة من منظومات عصبية في الاجتماعي والسياسي والاقتصادي وكذا لاتجاهات ومكونات سياسية مرتهنة للسفارات الخارجية في كل ما يتعلق بالخبز والأمن والأفراح والأقراح ...
وإن كان هذا السرد ليُعد شبكة مختصرة من التعقيدات والعوامل اللبنانية الداخلية التي تشرعن لاي رد فعل لحق الإنبثاق والتعبير عن عدم الرضى بالوضع ،فإنه مع وضع الإنتفاضة اللبنانية في سياقها الزمني - الاقليمي ،قد يستدعي الامر بعض الحيطة والحذر في الرهان على أناقتها ونعومة أصواتها ومضمونها القيمي ومواطنة تعبيراتها المختلفة ،خصوصا بعدما إكتملت مقاربات الزعماء السياسيين بعناوين ومواقف تنتج نفس الإصطفافات مع تغيير في الرؤية المنهجية للتعاطي مع الوضع لكل طرف سياسي بما تحمله من تناقضات فيما بينها ،لنشكل اللحظة مختبراللفاعل السياسي في قدرته على تدبير الأزمة والمرحلة ، بما لا يدفع الوضع نحو الأسوأ ، هذا وإن كانت الذاكرة التاريخية و الوعي الجمعي اللبناني قد خبِر عبر تاريخه مختلف المكائد والفخاخ التي وظفت تنوعه الثقافي والمدهبي والسياسي كمدخل للعبث بأمنه الداخلي و برسم معادلات الداخل والخارج لإجهاض كل محاولة لإنعتاق الدولة والمجتمع من قوى لاتزال تعتقد انها تمتلك صك الوصاية على أجزاء من لبنان ..

وبالتالي فالحالة اللبنانية بإنتفاضتها وبحجم التغطية والمتابعة الإعلامية المتواصلة خصوصا من لدن فضائيات خليجية لها مصالح في كل صغيرة وكبيرة بلبنان ، لهو أمر يستدعي بعض القراءة البعيدة عن الٱنطباع الرمانسي الأولي ..
فبقراءة خاطفة للسياق الإقليمي المجاور لهذه الرجَّة اللبنانية ،يمكن التوقف خلالها على المتغير الإقليمي المتسارع ،بإعتباره محددا نسقيا خارجيا إلى جانب العامل الداخلي ،حيث يمكن إستحضار خط طهران - بيروت بإعتباره العمود الفقري الأفقي لمجتمعات ودول هده العواصم ...فقد تكفي قراءة هذا الخط الجيوستراتيجي خلال الاسبوعين الماضيين ، لإستخلاص بعض اللحظات المفصلية وربطها بما تلاها من تداعيات ، ويمكن التوقف بالخصوص على :

- إعادة الإتصال مابين سورية والعراق من خلال تأمين معبر البوكمال ،وما تلا هذا المنجز من حراك شعبي عراقي كانت شعاراته إصلاحية واقتصادية واجتماعية مشروعة ، ولوحظ خلالها حالة انقلاب اتباع بعض الطوائف المدهبية /السياسية على زعمائها ..
- متغيرات الشمال السوري ب شرق وغرب نهر الفرات ،وما تعنيه من انسحاب امريكي وتركي ،وعودة قسد مضطرة للدولة السورية ..وما لهذه المتغير من دلالة في عودة السيادة للدولة السورية على فضائها الطبيعي ...وضعٌ جديد أعلنت معه الخارجية اللبنانية جبران باسيل برمجة زيارة مستقبلية لدمشق ، إعلان يشبه فتح معبر البوكمال السوري مع العراق لذى العقل المتعطش لحالة التشضي والإنفصال في خط طهران - بيروت .

ولكون القوى الاقليمية والدولية التي كان ولايزال لها دور تفكيكي تخريبي لحالة الاتصال والتواصل بين مكونات المنطقة، قد تبدد مشروعها وتعيش حالة من التراجع والنكوص خصوصا امريكا والسعودية، فإن ترك الفراغ في المنطقة يعد من العيوب التي قد تفقد معها هذه القوى لآليات التحكم والتدخل وقد تنفلث من قبضتها أدوات وخيوط توجيه المؤسسات والمقررات التي لها آثار تتجاوز في أهدافها ماهو لبناني إلى ماهو إقليمي ودولي ..

إن أهم منجز حققه لبنان وعبر مبدأ الشعب - الجيش - المقاومة ...هو تجاوزه للخطر الإستراتيجي والأمني الذي كان قائما في محطات مصيرية عدة ، أبرزها تأمين الحدود الشرقية مع سورية من إرهابيي داعش/النصرة ،وقبلها رسم معادلة الردع البري والجوي بالشمال اللبناني ..منجزين يعدان إحالة على عناصر القوة التي ينبغي حفظها وتأمينها لدى الحراك والوعي الجمعي في أي محاولة للإنقلاب الداخلي على منظومة التجويع والفساد..

في خضم إنتفاضة الكرامة اللبنانية ، تظل قاعدة الشعب - الجيش - المقاومة هي المبدأ الاساسي الذي ينبغي أن يكون ملازما ومدخلا لأي رهان على التغيير والقطع التاريخي مع عوامل الفساد العام ، معادلة على كل عنصر من عناصرها الثلات حماية العنصر الآخر ،لكونها الضمان الوطني الوحيد لحماية لبنان من كل ما يتهدده من مخاطر ومؤامرات الداخل والخارج .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Politics vs Religion - To Your Left: Palestine | فلسطين سياس


.. ماذا تريد الباطرونا من وراء تعديل مدونة الشغل؟ مداخلة إسماعي




.. الجزيرة ترصد مطالب متظاهرين مؤيدين لفلسطين في العاصمة البريط


.. آلاف المتظاهرين في مدريد يطالبون رئيس الوزراء الإسباني بمواص




.. اندلاع اشتباكات عنيفة بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في تل