الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اسطورة الديكتاتور المستنير..والسياسي الفاشل ..

ياسمين جويلي
كاتبة حرة

(Yassmeen Geweliy)

2019 / 10 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


بداية ان فكرة الديكتاتور المستنير اظن انها تجاوزها الوقت و أصبحت شبه مستحيلة ....
التنوير في يد الديكتاتور هي مسألة مزاجية أكثر منها مشروع مجتمعي
و كل مرحلة تاريخية عندها آلياتها التي لاتصلح لمرحلة أخرى ...و من العبث التفكير في خلق أتاتورك جديد ..او محمد علي جديد فكرة اصبحت من المستحيل الآن ...
وتغيير المجتمعات بطريقة عمودية أو بطريقة عمودية فقط ...
الديكتاتورية تخلق طبقه من المنتفعين والجشعين حول الديكتاتور يكون آخر همها هو التغيير ...
وبالتالي مقايضة الحرية بالتنوير صفقة خاسرة لأنهما قيمتان غير منفصلتان .... وستعاني الشعوب الأمرين لعقود من الدكتاتورية و لن تجني ثمار التنوير ..
و النتيجة مجتمع متخلف و حياة سياسية تنتمي للقرون الوسطى ..
مؤخرا سمعت أكثر من مرة من يتحدث عن أننا كشعب لا تنفعنا الديمقراطية ولا ينفعنا سوي الديكتاتور المستنير الحاكم الذي يمتلك كافة العلوم ويملك الحقائق المجردة أو بمعنى آخر المستبد .
وهو نوع من الوهم السياسي الهدف منه تبرير الظلم والقهر للمواطن العادي وخلق حالة من الرضا عند المحكومين تجاه حكامهم الطغاة …..
ولم لا ترضي عنهم وهم الاكثر معرفة والاكثر علم كما يدعون هم ؛ أليس هتلر القائل (إذا أردت السيطرة على الناس أخبرهم أنهم معرضون للخطر وحذرهم من أن أمنهم تحت التهديد، ثم شكك في وطنية معارضيك)
،نفس المنطق الذي يجعلك ترضى بالظلم من أجل الحماية ، ترضي بالذل مقابل الاستقرار
وهنا نتوقف ونسأل كيف تسنت لهذه العبارة الديكتاتور المستنير أن تنتشر وتصنع فكرا بل توجها سياسيا لدى العامة حتي بعد ثورة يناير وربما قد يزول اندهاشي إذا نظرت لشيئين أولهما الموروث الأيديولوجي الذي تكون خلال عصور القهر السابقة الذي أعطي قابلية للاقتناع بهذه الأقوال …
وستخدام الموروث الديني بمعنى مضاد فتجد مثلا خطباء المساجد وشيوخ الفضائيات يتحدثون عن جهاد النفس مستخدمين الآية الكريمة (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) ويتركون حديث (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر)
وكأنه لا سبيل للخلاص ولا التقدم سوي بتغيير أنفسنا فنحن دائما المذنبين ونستحق الحاكم الظالم ….
وثانيهما الجهد المتعمد الذي كانت تقوم به الأجهزة الأمنية في النظام السابق والذي يستحق عليه دراسة فلكلورية جادة لما أسهم بتغيير ملموس في مقولات وامثال وحكم المجتمع فنجد مثلا عام 2005 عبارة ( اللي نعرفه أحسن من اللي منعرفوش ) التي انتجت معمليا في حقول تجارب الانظمه السابقه
والتي في رأيي أدت دورا جوهريا في إعادة انتخاب اي رئيس ف الجول الشرق اوسطيه لفترة رئاسية أخري بجانب إقصاء وتشويه المنافسين والتدخل لضبط النتيجة ….
بل تعدى ذلك نطاق الأدب الشعبي إلي الأدب الرسمي فنجد أفلاما مثل "طباخ الريس" الذي تحول فيه الرئيس إلى شخص ساذج لا يعرف شيئا عن أحوال البلد ….
ولا بد أن ترتضي الشعوب العربيه بحكمه لأنه طيب ..
و فيلم "آسف على الإزعاج" فالمشكلة لم تكن في النظام وإنما المشكلة أن الشاب مريض نفسي تهيأ له أنه مضطهد وأن الدولة تعيق نجاحه ...ولكن الوضع علي العكس من ذلك فالعيب دائما يرجع إلينا ناهيك عن أغاني مثل "اخترناك" و"صورنا يا جمال"،
بأقوى سلاح كان يستخدمه اي نظام شرق أوسطي لم يكن الاجهزة الأمنية ولا معتقلات أمن الدولة فقط
وإنما هو سلاح الجهل الذي من خلاله يتم ضرب أبناء البلد ببعضهم فهذا عميل للغرب وهذا كافر وهذا ممول إلي ما ذلك من اتهامات
لا تنتهي
وتبذل هذه الأنظمة جهدا خرافيا في التحكم فيما هو منقول ومراقبته وإعادة تدويره من أقوال ونكات ويتابع الحديث منها أولا بأول بل إن دوره الأكبر كان من خلال نشر الشائعات والمعلومات المغلوطة التي يتناولها العامة علي المقاهي وفي الطرقات فيصدقها البسطاء دون تردد ….حين تصبح مثل هذه المقولات خطرا يهدد المسار الديمقراطي المنشود
هنالك تصبح معركة الوعي مهمة فلنتذكر دائما أن عدونا الأكبر هو الجهل …
وإن كان أدبنا الشعبي وتراثنا يدعم فكرة البطل الواحد المخلص الذي يقف وحده في وجه العدو كفكرة انتظار صلاح الدين ليحرر القدس ؛ فهذا التراث بهذه الطريقة يرسخ لفكرة الديكتاتور دون أن نشعر…
ولذا لابد ان نؤمن أن شخصا واحدا عاديا مهما أوتي من عبقرية …
لا يمكن أن يقود وحده بآرائه وتوجهاته فقط ..
لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يقود البلاد إلي التقدم والرقي …
ولا بد وأن نؤمن بالنظام الديمقراطي الذي تتضافر فيه الجهود وتتسابق فيه العبقريات من أجل رفعة هذا الوطن وتقديم أفضل ما لدينا كل بحسب مجاله وعلمه ولا يمكن لواحد وحده أن يحل محل هؤلاء ، بالدكتاتورية لن تكون حلا حتى تحت أحلك الظروف …
وأخيرا فنحن نريد حكامنا الشرق اوسطيين نريدهم ليسوا زعماء حنجوريين او مجرد ظواهر صوتية إنما …
نريد اشخاصا لهم مهارات قيادية يمكن أن تقود البلاد للأمام ولا نريد زعماء نهتف لهم بحياتنا ودمائنا ونمجدهم ونكتب اسماؤهم
بجوار أسماء بلادنا ولا ويحددون علاقتنا بالعالم الخارجي على هواهم طبقا لما يحبون ويكرهون وليس لما يخدم مصالح البلاد
أما الديكتاتور العادل أو المستنير فإن حتي كان له وجود في الحقيقة فنحن لا نريده .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Ynewsarab19E


.. وسط توتر بين موسكو وواشنطن.. قوات روسية وأميركية في قاعدة وا




.. أنفاق الحوثي تتوسع .. وتهديدات الجماعة تصل إلى البحر المتوسط


.. نشرة إيجاز - جماعة أنصار الله تعلن بدء مرحلة رابعة من التصعي




.. وقفة طلابية بجامعة صفاقس في تونس تندد بجرائم الاحتلال على غز