الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ميزان المواطنة المختل في الصراع بين شيعة المتن وشيعة الهامش.

كامل الدلفي

2019 / 10 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


منذ 1921 و المواطنة تقوى هنا وتضعف هناك بحسب جنس الحكومة.التي تمنح قوتها الى طبقة ما او منطقة ما دون غيرها..
الحكم الملكي قدم نموذجا ارستقراطيا واضحا فالمواطنة توزعت بين ضباط الجيش وموظفي الدولة و البرجوازية الصناعية و التجار و رجال الإقطاع وكبار ملاكي الأراضي والشيوخ والاغوات و البرجوازية الزراعية والأغنياء من الفلاحين وهم شريحة ضيقة . بينما عرف الفلاح الفقير فضاء المواطنة حين تطبق عليه الخدمة الإلزامية. فترشحت عن ذلك الواقع الاجتماعي حصة الجنوب والأرياف من المواطنة بمقدار نزر يسير على ضفاف الهامش..
و حضيت المدن الكبرى ومراكز المدن بالمتن الأعظم منها ..
وبذلك نهضت المواطنة على أسس مناطقية.
وحين جاءت الجمهورية في العام 1958 لم يتغير القياس بحساب من هو المواطن؟ فحين هاجر أهل الجنوب إلى بغداد دخلوا في قياسات الهامش ، ودخل الغربية إلى المتن المعلى من المواطنة بفضل الحكومات القومية التي قطعت ايمانها واسرفت في سلوكها بدونية أهل الجنوب ، وكراهتها للنازحين منهم إلى بغداد .. بدافع المزاحمة و التمايز في الطباع و السايكلوجيا الريفية ناهيك عن المذهبية المختلفة،فتماهت المدنية البغدادية مع سلوك الحكومات الطائفية المغرقة بالشوفينية في ما فرضته عليهم من حصارات الجوع والفقر والتجهيل و الأمية و القمع ، و التهميش و منع التنمية في المناطق التي سمتها بمناطق الشروكية ،خاصة مدينة الثورة و الشعلة و الحرية وما تبرعم عنها من مناطق سكانية بفعل التكاثر ، فقد جعلت الظروف القسرية منها مدنا بيولوجية للتكاثر البشري كأنها اقفاص حجرية تعج بالملايين من المسحوقين والعتالة والفقراء والمرضى وتفننت في طرق ابادتهم و قنصهم من خلال الملاحقة والسجون والزج في (سفر برلك ) كوني هو حروب هوجاء من 1980 إلى 1991 ..تحرر في هذا العام الاكراد العراقيون من نظام التهميش و تحولوا الى اقليم مستقل نسبيا بمساعدة العامل الدولي.. بينما عانى بقية الشعب حصارا دوليا و عانى الشروكية حصارا مزدوجا (حكومي ودولي) لم ينكسر الا بسقوط النظام العروبي القومي في العام 2003..
ان الدولة العراقية ودساتيرها منذ 1921 إلى 2003
لم تعط مفهوما متساويا للمواطنة بل بنت المواطنة على أسس مناطقية حاكمة .وحين جاء النظام الدستوري الجديد في العام 2005 بنى المواطنة على اساس المكونات ، وكان للشروكية حصة طبيعية في المكون الشيعي الذي يمثل بوجودهم الرئيس فيه الغالبية العراقية التي حرزت منصب رئيس الحكومة كتحصيل حاصل لتلك الغالبية الاجتماعية ..لكن الجنوبيين كانت حصتهم حبر على ورق في مقاس المواطنة .. اذ مثلوا دور الناخبين والقاعدة لإخوانهم في الطائفة الذين حازوا القيادة والحكومة والمناصب والمرجعية الدينية ، لم تتحول مواطنتهم إلى واقع ملموس.فظلت التنمية ممنوعة عن مدنهم و التهميش مستمرا في حياتهم ..وظلوا خاضعين لايديولوجيا الحروب المقدسة فهم أول من يضحي وآخر من يستفيد. ..
اليوم هم من يشكل طلائع المظاهرات للاقتصاص من حكومة فاشلة قدر لها أن تكون ممثلة لفشل الدولة العراقية منذ 1921 والى الان ، شرائح شعبية حرمت من حقها في الحياة و المواطنة في طول حياة الدولة العراقية المعاصرة . من النافل أن أعرج على ثيمة تبدو في المشهد المازوم الان وكأنها من المفارقات الكبرى وهي أن يكون رئيس هذه الحكومة التي تتصارع مع المتظاهرين ولأول مرة هو أحد أفراد هوية الجنوب . انما الحقيقة فهو مختلف، لم يحرم من مواطنته فهو جزء من مركبها الضالع في خيراتها منذ تأسيس الدولة العراقية ، لانه ينتمي إلى مواطنة المتن لا مواطنة الهامش .فهو ابن لعائلة اقطاعية من الجنوب.
الانتفاضة المتصاعدة الان يمثلها أبناء الجنوب والوسط المهمشين ، المحرومين من التنمية الاقتصادية والحقوق والحريات .. ونحن الان في الربع الأخير من الساعة الخامسة والعشرين ..العقل يبحث عن نافذة للأمل .
المهمشين مقابل المنتفخين ..العاصرين كمثرى الوطن في اجوافهم الخائسة ..المناطق الغربية وأبنائها يقفون على الحياد ، لانهم يعتقدون بالفائدة العائدة لهم من الصراع الشيعي -الشيعي .الاكراد يرفلون بسعادة على جبال أمينة وصديقة للانسان. اما نشطاء اليسار المؤيدين للتظاهرات .أنهم يحركون مياههم الراكدة ليدبروا حلا لفكرة الطليعة الشعبية التي ذهبت إلى غير رجعة ..بينما يزدادون تناقضا بين موقف حزبي مشارك في الحكومة وبين أعضاء حزبيين يساندون فكرة إسقاط الحكومة.
اما الليبراليون فهم بعد أن خانت أميركا فكرة الديمقراطية في العراق ونصرت القوى التقليدية و الطائفية واوصلتها في مركز إدارة البلاد .عليهم أن ينتقدوا الموقف الأمريكي الذي احتل العراق وأعلن فيه الخراب.لكنهم الان وللأسف ينتحرون على أبواب سفارة الدولة الكبرى .لتنتهي إلى الأبد أسطورة الليبرالية المدعومة بالخيار الخارجي في العراق .
اين نضع ايدينا لنلمس على النار هدى؟
بما ان اليافطة العريضة التي رفعت هي
صراع شيعي - شيعي فالحل إذن يكمن في المعادلة ذاتها
وان يكون هناك سلم شيعي - شيعي..يأتي على قراءة موضوعية لواقع الفروق والاختلاف ووضع منهجية عقلية لحل هذه الأزمة التاريخية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والانثربولوجية ..الشيعة هم فرس الرهان في الحل فهم متن الأزمة. لا هامشها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليمن.. حملة لإنقاذ سمعة -المانجو-! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. ردا على الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين: مجلس النواب الأمريكي




.. -العملاق الجديد-.. الصين تقتحم السوق العالمية للسيارات الكهر


.. عائلات الرهائن تمارس مزيدا من الضغط على نتنياهو وحكومته لإبر




.. أقمار صناعية تكشف.. الحوثيون يحفرون منشآت عسكرية جديدة وكبير