الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السّاقطون في امتحان التاريخ

كريمة مكي

2019 / 10 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


هل من الغريب أن ينتهي أحد السياسيين مثل ʺنجيب الشابيʺ إلى ما آل إليه اليوم من سقوط و هَوان هو الذي على مدى عمره السياسي ما انفكّ يحاول إقناعنا بأنه المناضل الوطني الصادق و المتسامح الذي غفر لبورقيبة ذنب سجنه و ذهب للترحم عليه و قراءة الفاتحة عند قبره و هو الذي رفض مبدأ حلّ حزب التجمّع بعد الثورة في مغازلة واضحة لأتباع ʺبن عليʺ حتّى يُصوّتوا له هو الذي أخرجه ʺبن عليʺ من قصر قرطاج في بداية التسعينات شبه مطرود - و لم يقبل بعد ذلك لقاءه أبدا-، بعد أن جاءه طالبا تشريك الإسلاميين في الحكم اثر لقاءه بأحد رموزهم في السودان.
يومها قال له ʺبن عليʺ و بكلّ حزم: ʺما دمتُ أنا هنا، فلن يكون للإسلاميين أبدا يد في حكم تونسʺ.
وبعد ذهاب ʺبورقيبةʺ و ʺبن عليʺ و مجيء النهضة للحكم لم يتوقف ʺالنجيبʺ عن مناوراته في مغازلة النهضة و أتباعها فذكّرهم بدفاعه عنهم أيام الجمر و بإضراب الجوع الشهير و ب...و ب...
و هنا لن أنسى أبدا ردّا صامتا و مُذلاّ أتاه من أحد عُتاة ʺالنهضةʺ على تملّقه الوضيع و كان ذلك خلال مؤتمر الحزب الجمهوري سنة 2017 و الذي تمّ فيه تكريم الراحلة النبيلة ʺميّة الجريبيʺ في آخر أيامها.
يومها كانت الشاشة العملاقة تنقل كلمة الضيوف و فجأة انتقلت الكاميرا لتُركز على صورة ʺنجيب الشابيʺ في الصف الأول و هو جالس إلى جانب ʺعلي العريضʺ يُحدّثه بصوت عال ضاحكا و ملاطفا و الأخير يُشيح عنه بوجهه في تبرّم واضح.
لماذا يا ترى؟
لأن هناك دائما لحظات فارقة تختارها الكاميرا لترصد أدعياء العفّة و النضال في الوضع الذي لا يتمنّون أبدا أن يراهم أحد فيه فتأتي تلك الصورة الساطعة كما لتفضح نواياهم الوضيعة المتسلقة عبثا لسلّم السلطة. و لكم ردّد علينا نجيب الشابي موّال جدارته بالحكم عند كل انتخابات و عدم جدارة غيره ّممن أمسكوا بها حتى جاءه الرد القاسي من الراحل ʺالباجي قايد السبسيʺ إذ قال عنه للمذيع الذي يحاوره من دون حتّى أن يٌسمِّيه:ʺ ذاك الذي يهاجمني الآن- و كان ʺنجيبʺ قد تملّقه دون جدوى و كتب له رسالة كتلك التي كتبها ʺالمنصف المرزوقيʺ لِ ʺبن عليʺ زمن النضال، من باب الخوف على الدولة !!- أنا لن أجيبهُ... أنا فقط سأقول: أنا الذي عملت في الدّولة طول عمري ... لذا أنا فقط أعرف جيّدا عمّا أتحدث!ʺ
و لأنّ النرجسيين الطمّاعين لا يتّعظون من فشلهم مهما فشلوا فإنهم يستمرّون في مناوراتهم و حِيَلهم حتى تسقط عنهم ورقة التوت و يخسروا آخر من صدّقهم و آمن حقّا بأن لهم مشروعا لخدمة البلاد ʺلله في سبيل اللهʺ.
و كذلك استمر النّجيب الشابي في حِيَلِهِ الخبيثة لمهاجمة الأكفّاء حتّى وصل به الأمر إلى تبييض المترشح السجين رجل الأعمال الفاسد و الاصطفاف وراءه ضدّ أستاذ القانون الدستوري الذي وجد له تهمة تُضعف حظوظه الانتخابية لدى الشق الحداثي بأن قال بأن لديه معلومات تفيد بأن ʺقيس سعيدʺ التقى بزعيم النهضة عشرات المرّات قبل الانتخابات.
هل أصبح لقاء النهضة تُهمة عند ʺالنجيب الشابيʺ ؟!
و لكن متى بالضبط؟
ألم يتوسّل رضا النهضة و دعمها مرارا و تكرار؟ ألم يستعطفها جهارا أمام ميكرفون أحدهم في الانتخابات الأخيرة قائلا بالحرف: ʺنعم أنا جدير برئاسة تونس......أنا مستعد .....أنا قادر...
و مع الأسف، النّهضة تفكر في كل العصافير النادرة إلاّ في عصفور اسمه نجيب الشابي! ʺ
و ماذا بعد كل هذا؟
و هل مازال لنجيب الشابي ماء حياء ليخرج علينا مجدّدا ليتحدث عن نفسه و عن تاريخه و عن فرصه المهدورة في الوصول لحكم تونس؟
نعم طبعا و هل يبدّل الواحد طبعه. إنه طبع كلّ النرجسيين الماكرين الذين لا يرون إلاّ أنفسهم و إلى آخر يوم في حياتهم. و ما ʺنجيب الشابيʺ إلا مثال وضعته أمامكم لتقيسوا عليه كلّ الفاعلين السياسيين من ذوي النرجسيّة المتورّمة الذين دفعوا للفوضى و التشتيت فانتهينا إلى برلمان كسيح و كان بالإمكان أن يجتمعوا معا على هدف واحد مع حزب واحد من عائلة واحدة لتحلّق تونس مع أحلامها عاليا و لكنّه العُجْب عافاكم الله.
فهل من الغريب إذن أن ينتهي المذكور أعلاه إلى الهاوية التي انتهى إليها و أن يصعد إلى الرّئاسة الرّجل الصّادق و النّظيف!
العبرة دائما بالنهايات فلا يغرّنكم ما يُحققه النرجسيّون المحتالون من شبه نجاحات في البدايات، فالنجاح حقا هو دخولك في امتحان التاريخ، فإما أن تخرج و اسمك مكتوب بأحرف من نور و إمّا أن تنتهي و أنت ساقط في المزبلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تعلن طرح وحدات سكنية في -رفح الجديدة-| #مراسلو_سكاي


.. طلاب جامعة نورث إيسترن الأمريكية يبدأون اعتصاما مفتوحا تضامن




.. وقفة لتأبين الصحفيين الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل


.. رجل في إسبانيا تنمو رموشه بطريقة غريبة




.. البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمقا