الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مارسيل غوشيه والثورات العربية: عودة الدين أن بداية نزع السحر عن العالم الإسلامي

فارس إيغو

2019 / 10 / 25
مقابلات و حوارات


مجلة الفلسفة الفرنسية في عددها الصادر في أبريل 2011، وفي سياق ثورات الربيع العربي التي إندلعت في أكثر من بلد عربي أجرت مقابلات مع بعض المفكرين والباحثين الفرنسيين لإستطلاع آراءهم فيما يخص الحدث الكبير، ومن بين هؤلاء المفكرين مارسيل غوشيه وأوليفييه روا وإيمانويل تود. ولقد وجدنا أنه من المفيد ترجمة تلك الحوارات المفيدة للقارئ العربي. ثلاثة مفكرين وثلاثة أطروحات لتفسير ما حدث في عام 2011 وما يحدث اليوم في الموجة الثانية من الربيع العربي التي تشمل بالخصوص السودان والجزائر. وفي هذه المقالة الثانية ترجمة لحوار مع المفكر الفرنسي مارسيل غوشيه صاحب أطروحة نزع السحر عن العالم، وهو من الذين يرفضون مفهوم عودة الدين الرائج منذ سنوات، ويقول بأن ما يحدث في العالم الإسلامي من عنف أصولي هو تظاهر من تظاهرات الإختلاجات العنيفة لعملية الخروج من الدين، أي فقدان الدين القدرة على تنظيم المجتمع وليس عودة الدين. والخروج من الدين عند غوشيه لا يعني الخروج عن الدين ونهاية الدين والتدين. فلنقرأ ما يقوله عن ثورات الربيع العربي في هذا الحوار الذي أجرته معه مجلة الفلسفة الفرنسية.
مجلة الفلسفة: هل يمكنكم في أفق تصوركم الأساسي عن نزع السحر عن العالم استباق والتنبؤ بالثورات العربية؟
لا أحد يمكنه أن يتنبأ لحظة إندلاع تلك الأحداث، في المقابل، إن حصول هذه الإنتفاضات لم تفاجئني لأسباب ثلاث:
1ـ السبب الأول، هو عمل الخروج من الدين.
2ـ السبب الثاني، قوة ونفوذ الشرعية الديموقراطية.
3ـ والسبب الثالث والأخير، ثقل العولمة.
مجلة الفلسفة: كيف يمكن أن تتكلمون عن مفهوم الخروج من الدين في المجتمعات الإسلامية ونحن نشهد إعادة أسلمة في المجتمعات الإسلامية؟
مارسيل غوشيه: الأسلمة نعم، لكن أي إسلام؟
في الواقع أن هذه الإعادة هي نوع من الإستملاك الهووي للدين الإسلامي، وهي عند الإقتضاء سياسية، وتخفي عنا التحولات والتغيرات التي طرأت على الدين الإسلامي في العلاقة مع التعبيرات التقليدية ـ أي نمط لبنينة وهيكلة الدين للجماعات الإنسانية.
لن يكون هناك أي عودة للوراء أو للماضي. فيما يتعلق بعملية الأدلجة للإعتقاد الإسلامي من أجل العمل في مشروع سياسي مجتمعي، هذا الخيار قد فشل وسقط. أما على المستوى الههوي، فإن إعادة الإستملاك الديني هي بالنسبة لهذه المجتمعات تعويض عن فقدان توازنها نتيجة إقتحام العولمة والحداثة الغربية.
في البداية، كان رد الفعل الأكثر بروزاً أمام الحداثة الأوروبية هو موقف الإنفتاح، اليوم نكتشف بأن إعادة إستملاك الهوية الدينية والتي كنا نعتقد أنها غير متوافقة مع مبادئ الحداثة هي التي تسمح بتمرير الحداثة تحت تبريرات دينية، هذا المخرج هو الأفضل من العمل التحت أرضي؛ يمكن أن نكون مؤمنين مسلمين ونرغب أن نكون أحرار في ديموقراطية. إنه السبب الثاني للتفسير ولشرح أسباب تلك الإنتفاضات الشعبية. لقد نجح مبدأ الشرعية الديموقراطية في التمدد على مستوى عالمي. لا يوجد تصور آخر للشرعية غير الشرعية القائمة على الانتخابات الحرة، سواء أكنا مسلمين أم بوذيين، أو مسيحيين أو لا دينيين. هذا لا يعني هذا بأن الدين سيتوقف عن أن يحاول التمدّد الى أبعد من المعبد، لكن المؤمنين أنفسهم أصبحوا في إستطاعتهم أن يميزوا بين ما يخص النظام السياسي ـ والذين يريدون العيش فيه ـ وما يخص النظام الإيماني الشخصي. بإختصار، إن اللعنة التي كانت تُثقل على العالم العربي والإسلامي بدأت بالتبدّد.
مجلة الفلسفة: هل الثورات العربية من نتاج التحديث؟
هنا نأتي الى السبب أو العنصر الثالث الذي أريد طرحه بعد الخروج من الدين والشرعية الديموقراطية، وهما موضوعتي الحداثة والعولمة.
إن العولمة ليست فقط كسر العزلة الاقتصادية (أو المادية) عن المجتمعات، إنها أيضاً، فك العزلة الفكرية والثقافية عن كلية الكوكب الأرضي عن طريق التكنولوجيات الرقمية الجديدة، هي ليست فقط عمليات النقل الفوري للأحداث والمعلومات والصور حول العالم بلحظات، هي ترسخ قيم جديدة: إن السمارت فون، يعني الحرية في الكلام العمومي، لمن أريد، ومتى أريد. يوجد إندخال في كل الثقافات لقيمة الفرد في المعنى القوي للمصطلح: الإستقلالية الذاتية، اللاتبعية للسلطة، والحكم المستقل، الشفافية العامة للقواعد وتأمل الحياة الجيدة أو الرغيدة إلخ...
مجلة الفلسفة: هذه الأحداث التي جرت، هل لها وقع سياسي فيما وراء العالم العربي والإسلامي؟
لقد إنزاح الخوف، كل النظم السلطوية في العالم أخذت بعين الاعتبار الحركة الثورية للأجيال الشابة، والذين في كل مكان أخذوا المبادرة، وكانوا الحاملين للآمال الفردية.
إن الشبيبة في العالم كله، هي على نفس الموجة: تقنياً وثقافياً، ولكن أيضاً سياسياً، ولديها نفس التمثيل لمصيرها. إنها ليست نهاية التاريخ، ولكن مرحلة تاريخية قد عُبرت، قد تم تجاوزها: إن مبدأ الأنظمة السلطوية قد أزيح بشكل كامل، هذا لا يعني أن الديموقراطية ستنتشر غداً في كل مكان، وأن مستوى الحياة سوف يتحسن في يوم وليلة، ولكن يمكن أن نقول بأن السلطويات قد ماتت، إنتهى عمرها، وفني مصيرها.
وعلى هذه الرسالة المتفائلة للشباب العربي أنهى مارسيل غوشيه كلامه لمجلة الفلسفة، ولا شيئ يمكن أن نضيف على ما قيل....
*مجلة الفلسفة الفرنسية، أبريل 2011، العدد 48.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دعوات دولية لحماس لإطلاق سراح الرهائن والحركة تشترط وقف الحر


.. بيان مشترك يدعو إلى الإفراج الفوري عن المحتجزين في قطاع غزة.




.. غزيون يبحثون عن الأمان والراحة على شاطئ دير البلح وسط الحرب


.. صحيفة إسرائيلية: اقتراح وقف إطلاق النار يستجيب لمطالب حماس ب




.. البنتاغون: بدأنا بناء رصيف بحري في غزة لتوفير المساعدات