الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علمٌ حاضر وصورةٌ غائبة (٤/٥)

مهند طلال الاخرس

2019 / 10 / 25
سيرة ذاتية


كانت تلك المظاهرة الوحيدة في المخيم التي سارت بالعلم لوحده دون تلك الصورة...
تلك الصورة قرينة العلم كانت لياسر عرفات وقد كتب عليها "في بيروت كنت الصمود".
ذلك العلم في ذلك اليوم سار وحيدا، تحمله عصا مدرس وايدي غاضبة ومندفعة بحبها حد الموت، جموع تخاف ان تموت تحت علم غريب، وانا ايضا مثلها واكثر.

في تلك الفترة شهدت شوارع المخيم وحواريه مناقشات حادة وغاضبة وصبت جل غضبها على صاحب الصورة "صاحب اسطورة الصمود في بيروت والكرامة"، كنت كغيري من ابناء فتح نصب جل غضبنا على امريكا راس الحية واذنابها وادواتها من الانظمة العربية المتخاذلة والمتواطئة والعميلة. واخذت النقاشات مأخذها من حدة وشقاق وفراق في المخيم؛ وكذلك الحال داخل حركة فتح؛ وحدي كنت من القلائل الذين ادركوا معنى ان يمر يوم توقيع اتفاق اوسلو في المخيم دون معارضة.

تتلاصق الاكتاف، تتزاحم الاقدام، تفيض المظاهرة عن مقدرة شوارع المخيم على الاستيعاب وكذلك حجم الغضب، تندفع المظاهرة الى الشارع الرئيسي (العام) الذي يربط المخيم بغيره من المدن والقرى والذي بدوره يربط الجميع بالعالم.

تتكاثر الجموع، تغلق الشوارع، تتوهج النيران من اطارات الكاوشوك المحترقة وتكثر السواتر، يظهر الامن بلباسه المقنع، وفجاة وبدون سابق انذار تنطلق المواجهات وتتصاعد، تفقد السيطرة على الجموع ويحتكم الجميع الى لغة الشارع، وتصبح الدولة واجهزتها عصابة تستأسد على شعب ساهمت اكثر من غيرها بتشريده وضياع وطنه.

(٥)

يهبط الليل بغير ميعاد، فقد فقدت الجماهير احساسها بالوقت نتيجة المناوشات وسُحب الحرائق التي تلف المكان، كان هذا كله مشهد عبثي مقدور الاحتمال؛ لكن اصعب تلك المواقف واكثرها وجعا كان ذلك الغاز المسيل للدموع المنهمر تجاه بيوت الناس المجاورين للشارع العام بغية اجبارهم على الخروج من منازلهم وقيامهم بطرد من يرابط فيها ومنعه من التظاهر والقاء الحجارة على الامن!

ذلك الامن لسوء فهم مرؤسيه ولسوء حظ جنوده، لم يكن يعلم أن هؤلاء المرابطون هم اصحاب تلك البيوت، ذلك الامن لم يكن يعرف ان تلك البيوت وهؤلاء المتظاهرين يدافعون عن آخر ما تبقى لهم من أحلامهم حلم العودة...

ذلك الامن لم تسعفه عقليته المتصحرة ولا خطواته الخاطئة بتقدير الموقف وانه يقف امام احلام تتهاوى وآمال تضيع...
ذالك الامن الذي يرتدي بصطارا لا يختلف كثيرا عن ذالك العقل الذي يحمله، يجري مسرعا ومزمجرا ومتوعدا حارثا الارض غلا وحقدا لا يعي ولا يفتهم أنه امام شعب قد ينحني لكنه حتما لا ينكسر.
ذلك الامن القادم من الصحراء يستسهل اطلاق الرصاص والغاز المسيل للدموع على اخوة له لكن ذنبهم الوحيد انهم يشبهون لون الارض التي أُقتلعوا منها ...

هؤلاء المتظاهرين المرابطين دفاعا عن آخر ما تبقى من احلامهم، ترقب عيونهم حجم الاسى المنطلق من فوهات البنادق، هؤلاء المتظاهرين حالهم كحال المخيم؛ كلما تقدمت تلك البندقية نحو المخيم مات جزء منهم، ويستمر ذلك المشهد الدامي الى ان يأتي الموت الكبير فيأخذنا جميعا ويرحل...

هؤلاء المتظاهرين إنكسرت احلامهم وتراجعت اقدامهم لتحتمي بجدران المخيم، هؤلاء المتظاهرين يواجهون كل ذلك الحقد وكل تلك البنادق بصدورهم العارية، هؤلاء المتظاهرين يلوذون بالبصل كسلاح مضاد مع مناديل مبلولة تغطي انوفهم ونصف وجوههم لتقيهم جور الموقف ومأساته...

يتبع...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الأميركي: دمرنا محطة تحكم و7 مسيرات للحوثيين في اليمن


.. درجات الحرارة بالعراق تتجاوز الـ50 والمختصون يحذرون من الأسو




.. ما آخر تطورات العملية العسكرية بحي الشجاعية شمال غزة؟


.. رقعة| تدمير الحي الإداري برفح نتيجة العدوان الإسرائيلي على غ




.. وزارة الداخلية الإيرانية تعلن التوجه إلى جولة ثانية من الانت