الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليلى والذئاب: الفصل السابع/ 3

دلور ميقري

2019 / 10 / 26
الادب والفن


انجلت إذاً الغمامة، المتشكّلة في نفس عليكي آغا الصغير نتيجة معرفته بمصدر رزقه الأساس. وعليه كان أن يواصل عمله في تجارة الأغنام، بمعونة أخيه الوحيد؛ وكان هذا قد أصبح شريكه. في واقع الحال، أنّ تقديم اللصوص أنفسهم للوسيط العتيد، حمّوكي، بزعم أنهم أصحاب ماشية من الجزيرة، قد أسهمَ بشكل غير مقصود في ازدهار تجارة الأخوين. ففي تلك الفترة، كان البدو ينزلون بماشيتهم إلى أسواق الشام والمدن الكبيرة، فيستلمها منهم تجارٌ يتحكّمون لاحقاً بأسعارها حينَ يبيعونها بالجملة والمفرق. أهالي صالحية الأكراد، كانوا يتجشمون المصاعب في جلب اللحوم من مركز المدينة وبأسعار عالية. هكذا اقتنع الأخوان بفائدة الاستمرار في العمل بتجارة الماشية، وليسَ الاكتفاء ببيع ذلك القطيع المجلوب من لدُن لصوص الحي.
عليكي آغا الكبير، كانَ قد استفاد من دكان الحلاقة في جمع المال، ما مكّنه من مساعدة أخيه في شراء القطيع المسروق ومن ثمّ العمل سويةً في التجارة. الحق، أنّ مهنته كحلاق كانت أيضاً سبباً في حظوته بالفتاة الصالحانية، التي بادلته مشاعر الحب. إذ بينما كان أخوه ما ينفكّ يؤدي دورَ الحوذيّ بالنيابة عن حميه، ويواظب هوَ عمله في دكان الحلاقة، اكتُشفت علاقته مع الفتاة ولم يعُد يأمل برؤيتها أبداً. جرى ذلك، لما اشتبه الأهلُ يوماً بمسلك ابنتهم الوحيدة. فما كان منهم إلا الإمساك بخادمتها، وتعذيبها بسيخ حديد تم تقليبه على النار لحين أن اعترفت بما تعرفه عن سر الابنة.
لم يتصوّر عليكي الكبير حياته دون الحبيبة، وما كان مستعداً للاذعان والتسليم بقدره. فاتحَ على الأثر والده، معترفاً له في خجل ببعض تفاصيل علاقته بالفتاة. وكان من الطبيعي أن ينزعج السيّد نيّو، ويعتبر تصرفَ الابن على جانب كبير من الطيش وانعدام الاستبصار: " هؤلاء مثل الشوام، محافظون جداً، والفتاة من عائلة ثرية فوق ذلك "، قالها الأب موبّخاً الابنَ المستهتر. مع ذلك، قررَ الأبُ أن يستأنسَ برأي قريبه، الحاج حسن. مضى إليه في ساعة متأخرة من المساء، وكان هذا قد فرغ من أعمال مكتبه. في المضافة هنالك، فهم الزعيم أنّ الأمرَ ليسَ نزوة من نزوات الشباب وأن ابن قريبه يرغب باستماتة الحصولَ على الفتاة كشريكة حياة. فلم يرَ بأساً في محاولة التوسّط عند عائلتها، مستفيداً من سمعته الطيبة لدى الصوالحة فضلاً عن هيبة منصبه.

***
الفتاة، واسمها " سلمى "، تمّ التشديد عليها في المنزل بصورة أكبر على أثر الوساطة. والدها، وقد عرفنا أنه تاجر حبوب ثريّ، كبُرَ عليه أن يكون صهره مجرّد حلاق في حارةٍ يقطنها قومٌ على درجةٍ من الشُبهة لناحية مسلكهم وطريقة عيشهم. لم يأبه التاجرُ المتعجرف بكون الشاب قريباً لزعيم الحي، بل ولم يظهر حتى احتراماً لهذا الأخير. عقبَ ذهاب الوسيط، أمرَ التاجرُ أهله أن تمنع الابنة بتاتاً من الخروج من المنزل لأيّ سبب كان وإلى حين أن يتقدم لها الزوج المناسب. نحو أسبوع على الأثر، وإذا بخطيب آخر يأتي هذه المرة بنفسه إلى منزل أسرة الفتاة. وعليهم كان استقباله بشكل آخر؛ هوَ من ضربَ البابَ بحذائه العسكريّ. ولكن، علينا أولاً التعريج على الخطيب الأول لمعرفة ردة فعله بشأن رفض طلبه.
غبَّ إعلامه بموقف أهل الفتاة، قررَ عليكي الكبير خطفها برغم علمه أيضاً أنّ ذلك مخاطرة مستطيرة. كان يفكّر بطريقة لتدبير الأمر، لما أرسلوا إليه خبراً من القشلة القريبة كي يحضر لحلق رأس أحد الضباط. الوقتُ كانَ ظهراً، يقلّ خلاله الزبائن. وضع عدّة العمل في الخرج الخاص بها، ثم أخذ طريقه إلى المعسكر وذلك بالالتفاف حول جامع سعيد باشا. ثمة، رحب به الحراس وما لبثوا أن مرروه إلى القسم الخاص بالضباط، وكان عليكي الكبير يعرفه حق المعرفة لكثرة ترداده على المكان. بقيَ منهمكاً بقص شعر الضابط، وكان صامتاً على غير العادة. الزبون عالي المقام، وكان برتبة شوربجي، بادر عندئذٍ لسؤاله عن أحواله وما لو كان أحدٌ قد ضايقه في القشلة. تحدث إليه الرجلُ باللغة الكردية، كونه بالأصل من مواطني ولاية ديار بكر. عندما عرفَ الضابطُ قصةَ الحلاق الملول، فكّر لبعض الوقت ثم ما عتمَ أن صمم على مساعدته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد .. حفل توزيع جوائز مهرجان الإسكندرية السينمائي


.. ليه أم كلثوم ماعملتش أغنية بعد نصر أكتوبر؟..المؤرخ الفني/ مح




.. اتكلم عربي.. إزاي أحفز ابنى لتعلم اللغة العربية لو في مدرسة


.. الفنان أحمد شاكر: كنت مديرا للمسرح القومى فكانت النتيجة .. إ




.. حب الفنان الفلسطيني كامل الباشا للسينما المصرية.. ورأيه في أ