الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشاعر شهيدا : وهل كان الشاعر سوى موت على وشك الانبعاث ؟

ابراهيم سبتي

2006 / 5 / 21
الادب والفن


مفارقة ، ان يكون احد اخوتك شاعرا وانت تكتب القصة وثالث مسرحي !
الاخ الشاعر ، كان هيبة الشعر كله في بيت كان الاب ، فقيرا طيبا شاء قدره ان ينجب هكذا ابناء .
لكنه كان ابا لموهبة اكبر من عمرها .. في الليل وحين ينام الصغار في احضان الفرش
المتهرئة ، كان اخونا الشاعر ، يقرأ بنهم حتى مطلع الفجر .
اخونا ، سيصير احسن منكما ، ايها النائمان منذ اول الغروب : قال الاب ساخطا .
في اول النهار ، سرني اخي الملتهم للكتب:
لم اقرأ مثل كتبكم !
حينها كنت اخشى عليه من سطوة ابي الفقير الذي كان يتحجج بالدوخة ، كي ينسحب من وجبة الظهر
الخفيفة جدا ليبيحها لنا نحن الارانب .
كان وحده يعرف سر ابي . فراح ينهض قبله تاركا المائدة وابي ينظر له بحيرة ووجوم .
في عام 1973 ، نشر كمال اول قصيدة وهو طالب في معهد الفنون الجميلة ببغداد .
في عام 1974 نشر قصيدته في مجلة الاقلام
في عام 1980 اصدر ديوانه الاول ( وردة البحر ) .
وتوالت دواوينه الاخرى .
غادر العراق هاربا بمفارقة ايضا . فمن كان يقدر على مغادرة العراق في الثمانينيات وهو عسكري .؟
غادر هاربا ولم يعد ، وتنقل بين البلدان ، تركيا ، قبرص ، يوغسلافيا ، ومكث في بلغراد سبعة اشهر تحديدا
.
ثم اسبانيا واخيرا استقر بهولندا .
كانت المنافي بالنسبة له
كما يقول ( لكل منا قدره ومصيره. وقد شاءا أن أشقى في حياتي من منفى إلى منفى. مؤكد أن الواحد منا يحاول أن يهضم المنفى معرفياً وحسياً. ) وكان يردد قولته المشهورة ( تعلمت ألا أكون راديكالياً في حداثتي وأن أكون متواضعاً أكثر وأن صفة الشاعر الشهيد لا تُلفَّق ولا تعطى للمرء في حياته بل يهبها التاريخ الذي يسري هادئاً. )

كان يحب العائلة ، وحزن كثيرا لموت الشقيق الاكبر غريبا هو الاخر ولكن في بغداد .
هاتفني كمال باكيا : اقم له عزاء يليق به .
ولكن المفارقة الغريبة ان يأتي كمال الى وطنه بعد عقدين من المنفى في عام 2003 ليموت الاب بعد اربعة ايام !
عند المثوى قلت له : كتب علي ان ادفن العائلة وحيدا .
اطرق برأسه وبكى .
كان الموت يتكرر في معظم شعره وكأنه تعويذته :
( تلكم كائنات يبست ،
هل ترتدي ايها السيد لبادا من الطين ؟
لم ادر انك تموت وحيدا ، وتحيا مرات
قال الراعي : انك مت : أي ، انحدرت الى
القاع السحيق ، وقال : انطفأت فيك نار الله ، فما
عدت تقبل علينا بالصراخ ، لكأنك مت حقا ايها
السيد ، ولكأن الراعي تنادى الى سمعه صوتك
القديم ، فقال : مات . ) متحف لبقايا العائلة ص45

مات كمال سبتي تاركا ثمان مجاميع شعرية ، اربع في الوطن ومثلها في المنفى ، ومئات المقالات والدراسات في
التنظير والحداثة الشعرية وخمسة مخطوطات كان ينوي طباعتها تباعا .
ارتح ، ايها الشاعر الشهيد من غربتك في الاصقاع ، ارتح فقد بقي شعرك من بعدك حيا الى الابد .
هامش : العنوان لاحدى مقالات الشاعر الراحل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-