الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لبنان حديث متحضر

كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)

2019 / 10 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


كانت الطائفية السياسية منذ تأسيس لبنان وحتى ما قبل عام 1975 هي التي أوصلته لأن يكون أقرب لجزيرة أوروبية ‏في صحراء الشرق الأوسط.‏
التغيرات الديموجرافية الطبيعية التي كانت قد وصل إليها لبنان في ذلك تاريخ بداية الحرب الأهلية، والتي فاقم منها هجرة ‏الفلسطينيين إليه، قلبت التوازن الذي كان سائداً بين المكونات اللبنانية، هي العمود الفقري للحالة التي أوصلت لبنان إلى ‏تلك الحرب الأهلية المريرة، التي استمرت 15 عاماً.‏
التدخلات الخارجية من المحيط الإقليمي، ثم نشأة "حزب الله" بسلاحه وأيديولوجيته كرأس حربة لإيران، رغم خطورتها ‏وتأثيراتها التخريبية الهائلة، لم تكن سوى عوامل إضافية ونتائج ثانوية لذلك الخلل أو الانقلاب الديموجرافي.‏
ما يبدو الآن ظاهرياً أن "حزب الله" هو العقبة الكأداء شبه مستحيلة الإزالة أمام قيام دولة مؤسسات لبنانية، تعمل بحرية ‏بمنأى عن تهديداته وما يدفع لبنان إليه في مغامراته إيرانية الولاء.‏
ورغم أن هذا صحيح تماماً، إلا أن اختفاء هذا الحزب من الوجود، على فرض إمكانية ذلك، وكذا سقوط أمراء الطوائف، ‏بل وأيضاً إقرار دستور ونظام حكم علماني مدني يعتمد الانتماء للوطن وليس للدين والطائفة، كل هذا لن يؤدي تلقائياً ‏إلى "لبنان حديث متحضر". بافتراض تحقق هذه الحالة (المستحيلة عملياً)، لن تعود لبنان لسيرتها السابقة شديدة القابلية ‏للحضارة بصيغتها الغربية، والتي ميزتها عن سائر الكيانات السياسية بالمنطقة (عدا إسرائيل).‏
فتلك المسيرة الغابرة كانت بقيادة الطائفة المارونية للبنان، سياسياً ومن ثم اجتماعياً وثقافياً. وهذا تحديداً ما صار العودة ‏إليه هو عين المستحيل، بعد التغير الانقلابي للتركيبة الديموجرافية للبنان.‏
خلاصة القول أن نجاح الثورة الحالية لذلك الشباب اللبناني الرائع ، والتحقق العملي لكل ما يرفع من شعارات وطنية ‏وعلمانية، لن يفتح طريق لبنان إلى مستقبل حضاري زاهر.‏
وإنما في أحسن الأحوال ستكون أقرب لنوعية دول مثل الأردن وتونس والمغرب، والتي تتأرجح في مكانها ما بين ‏الداعشية والحداثة. ولن تكون قادرة حتى على السير في الطريق الذي تنتهجه دولة الإمارات العربية المتحدة.‏
هي آلية التناسل البيولوجية التي دفعت وتدفع لبنان لمصيرها الذي صار محتوماً.‏
كم أتمنى لو اتضح مع الأيام، أن ما جاء أعلاه مجرد مخاوف سخيفة وهلاوس!!‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تطوير لا مجرد تغيير
ابراهيم الثلجي ( 2019 / 10 / 31 - 07:30 )
الثورة لا تكفي لانها تعني التغيير ولكن الى اين لا ندري؟ فالاساس التقدم للاحسن وتلك تحتاج أسلوب او طريقة مفصلة علمية مجربة سايقا عند اخرين وثبتت نجاعتها او نظرية حتمية النجاح ان اخذ بها
اما الخروج للشارع لاعمال الضجيج فتصبح الثورة اشبه بالغضب العقيم او كثورة البغال(ليس للتشبيه العرقي وانما السلوكي والتكاثري) ضجيج وفوضى مؤقتة والعودة الى طلب العلف من السيد الاقطاعي او من راعي الطايفة

اخر الافلام

.. غزة: انتعاش الآمال بالتوصل إلى هدنة في ظل حراك دبلوماسي مكثف


.. كتاب --من إسطنبول إلى حيفا -- : كيف غير خمسة إخوة وجه التاري




.. سوريا: بين صراع الفصائل المسلحة والتجاذبات الإقليمية.. ما مس


.. مراسلنا: قصف مدفعي إسرائيلي على بلدة علما الشعب جنوبي لبنان




.. القيادة الوسطى الأميركية: قواتنا اشتبكت ودمرت مسيرة تابعة لل