الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اغتراب الغربة

محمد البوزيدي

2006 / 5 / 22
الادب والفن


الزمن شتاء
بدأ رشيد يعتاد على النظرات التعيسة لأصدقاء الحي الذين أعاد ربط علاقاته القديمة معهم ،فبعد أربع سنوات في الجامعة عاد مكللا /مكبلا بورقة يتضايق كثيرا من ذكر اسمها .
حفظ كذلك الجواب الجاهز والردود غير المقنعة له ولو ظاهريا:مازلت أنتظر ؟دفعت طلبا لهذه الجهة أو تلك...لقد اكتسب خبرة لا بأس بها في الردود اللبقة كل يجيبه حسب مستواه ونوعه وجنسه..بل أخذ يكتسب كذلك تجربة متميزة في قمع كل من تسول له نفسه إهانته عبر أسئلة استنكارية.
أحيانا يحس أنه يتيم، تخلى عنه الجميع بعد تخلي الدولة التي آمن أنها ستوفرله فرصة عمل ،لكن من حسن حظه أنه ليس الوحيد فبحيه هذا صديقان حميمان مجازان كذلك
علي مجاز في الكيمياء منذ سنتين ومن سوء حظه تزوج عند تخرجه مما أضاف له أعباء أخرى كبيرة كان أعنفها مشاكل داخلية لزوجته مع أمه مما دعاه إلى الطلاق إرضاء لأمه وشفقة على زوجته من الجحيم الذي وجدا نفسيهما فيه بشكل مفاجئ :يلتقي به يوميا فيتناجيان بعضهما البعض ويعيدان رسم ترنيمات حياتهما و الإستعداد الوهمي كما يقولا لإمتحانات تستنفرهما إعلاناتهما في الجرائد والانترنيت وتحبطهما نتائجهما المخيبة للآمال .
أما الصديق الثاني فاسمه صابر مجاز منذ أربع سنوات في الجيولوجيا لكنه لم ينتظر طويلا وأحس بالإهانة التي تلحقه وهو ينتظر السراب فأقسم على عدم الإلتحاق بالوظيفة العمومية فاشتغل على مراتب في أحد مصانع التعليب الخاصة بالتمور حتى وصل منصب مراقب للشافات، بل ينوب عن المدير أحيانا أثناء غيابه.
عاش الثلاثة طفولة مشتركة وزمالة متميزة في الإعدادي والثانوي لكنهم افترقوا بعد الباكالوريا بعد أن اختار كل منهم شعبة خاصة قدر أنها قد تلبي طموحاته المستقبلية/وهاهم يلتقون من جديد وكعربون على صداقة الطفولة تكلف صابر بمصاريف رشيد وعلي في المقهى والجرائد.
أحس رشيد أن السنة تمر بسرعة فقد تغير موعد غروب الشمس ،وعوضا عن غروبها في السابعة أصبحت تغيب في السادسة إلا دقائق، فاتحة جسد النهارلهيجان الليل الذي يقتحم الجميع فيه الجميع إلا ذاته، فلا تجد ما تقتحم سوى السراب وإعادة حكي مترادفات الحياة البئيسة.
الليل طويل لذلك يكسر رشيد روتينه بالتفرج على التلفاز تارة قناة خاصة التي تبث أفلام الخيال العلمي وتتحدث عن الهجرة خارج الأوطان.
ينام متأخرا لكنه يحرص على الإستيقاظ المتأخر ،حينها ينصرف إخوته إلى المدرسة وأباه إلى عمله في الثانوية ،فلا يحس بإحراج في الفطور مثلما يكتفي بما يتبقى منه شفقا على أمه من إعادة الطهي ،ورغم أن أمه طردت عنه مرارا هذه الوساوس والأفكار التي تخالجه والتي يصرح بها أحيانا رغم أنها لا توجد إطلاقا لكن أحيانا يصرخ وسط الجميع ما موقعي من الإعراب في العائلة؟ في المجتمع ؟ مما يزيد من آلامه المعنوية.
كل صباح جمعة يترك له أبوه مبلغ عشرين درهما يقدر أنها هي المصاريف المتعددة لرشيد طوال الأسبوع، ورغم أنها تكفيه كثيرا فيصر على عدم صرف الكثير منها، لقد فكر في جمعها لتدبر أي سفر محتمل، وكلما كانت الفرصة مواتية يلمح أنه صرفها في المقاهي والجرائد والانترنيت...
حرص على استعارة الجرائد من صديقه صابر في إشارة لأبيه أنه لا ينفق مصروفه اليومي في الأشياء التافهة كشرب خمر أو تدخين سيجارة أما الغراميات فظن أن أباه لن يمانع في ذلك كتفريغ لمكبوتات على أهبة الإنفجار ،وكل ما ذكر مآرب تمنى تحقيقها لكن ظروفه الذاتية والموضوعية الحالية تمنعه من ذلك،وهي التي أقنعته بتحمل الحرمان على أشياء أخرى لا يدرك عواقبها خاصة سمعته التي حرص كثيرا على المحافظة عليها بالغالي والنفيس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بطل الفنون القتالية حبيب نورمحمدوف يطالب ترمب بوقف الحرب في


.. حريق في شقة الفنانة سمية الا?لفي بـ الجيزة وتعرضها للاختناق




.. منصة بحرينية عالمية لتعليم تلاوة القرآن الكريم واللغة العربي


.. -الفن ضربة حظ-... هذا ما قاله الفنان علي جاسم عن -المشاهدات




.. إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق شقتها بالجيزة