الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استخدام الطبقة العاملة لا خدمتها

زروال الأمامي

2019 / 11 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


لم يسبق لأي حزب أو منظمة يسارية في المغرب ان ناضلت سياسيا وايديولوجيا من اجل مشروع تحرري بروليتاري، على الرغم من استهلاكها جميعها لمصطلحات ماركسية حول الطبقة العاملة. ويمكن ان نتحدى مناضلي أي حزب يساري في المغرب ان يحدد لنا طبيعة الطبقة العاملة في المغرب واوضاعها الاجتماعية والاقتصادية البئيسة طبعا بالنسبة لأغلبيتها. ما هو قائم فعلا هو الاستغلال السياسوي لمصطلح الطبقة العاملة سواء بالنسبة للأحزاب الانتخابوية او الأحزاب التي لا زالت تقاطع الانتخابات.

اللحظة الفريدة التي نشاهد فيها الطبقة العاملة التي يتم جرها جرا الى استعراضات فاتح ماي من طرف المركزيات النقابية ومناضلي الأحزاب اليسارية المنضوية في ظل تلك المركزيات النقابية. علما ان نسبة خمسة في المائة فقط من الطبقة العاملة هي التي تتوفر فعلا على بطاقة نقابية بينما 95 في المائة ترفض الانخراط في النقابات وحتى في الأحزاب بكافة تلاوينها.

فعلا ان الطبقة العاملة يجب ان تتنظم وتعمل على تحررها تدريجيا، لكن لن يكون ذلك ابدا على يد المركزيات النقابية او الأحزاب السياسية اليسارية، فهذه الأخيرة عبارة عن نوادي سياسية للبرجوازية الصغرى تسعى الى استمالة الطبقة العاملة للركوب على نضالاتها والمساومة بها مع فرقائها السياسيين ومع الدولة.

الإشكالية اذن ليست في اهتمام اليساريين فعلا بتنظيم الطبقة العاملة العاملة وتحررها، بل الإشكالية تكمن في التنافس بين الأحزاب اليسارية او الشيوعية او الماركسية اللينينية على من يعبر اكثر عن مصالح الطبقة العاملة في برامجها السياسية وبالتالي استمالتها لجعلها قاعدة اجتماعية سياسية لمساومة النظام. لكن الامر لا يعدوا جانب الخطاب السياسي ومصطلحاته المتضمنة للطبقة العاملة، حتى بالنسبة للنظام الذي يعرف ان الخطورة لا تكمن تحديدا في الطبقة العاملة لانه الأكثر معرفة بالوضعية المأساوية التي توجد عليها وهي الوضعية التي تجعلها عاجزة تماما على اكتساب الوعي الطبقي وبالتالي تنظيم نفسها وتنظيم معاركها السياسية ضد القوى المناهضة والمستغلة لعملها.

النظام يخاف من الأحزاب اليسارية البرجوازية الصغرى نفسها، ليس من قيادات هذه الأحزاب لانه استطاع تدجينها بل يخاف من قواعد تلك الأحزاب وأيضا من القوى الماركسية اللينينية شبه السرية المنتشرة في مختلف المدن الجامعية وفي مختلف المناطق. وفي هذا الاطار يعمل النظام بكافة الوسائل لتدجين هذه القوى ذات المصطلحات الثورية والتي تستعمل في خطاباتها أيضا كلمة الطبقة العاملة والصراع الطبقي، فعدم ضبط هذه القوى والحد من خطابها السياسي الثوري النقدي لطبيعة النظام الكومبرادوري التبعي وفضح ممارساته واضطهاده للطبقة العاملة، من شأنه ان يخلق وعيا طبقيا ينتشر وسط المجتمع وخاصة وسط الجماهير العمالية قد يشعل احتجاجات شعبية عارمة.

لقد حاولت منظمة العمل الديموقراطي الشعبي سنة 1996 ان تقدم خدمة للنظام باحتواء القوى اليسارية الراديكالية وهناك رسالة لمحمد بنسعيد آيت يدر الى وزارة الداخلية تم الكشف عن مضمونها خلال تلك السنة وشكلت فضيحة آنذاك تقف حيال مبادرات تجميع اليسار الماركسي. نفس المحاولة نشاهدها اليوم يقودها النهج الديموقراطي الذي بدأ يستدعي بعض القوى الماركسية اللينينية لكي يفتح معهم حوارا حول بناء حزب الطبقة العاملة، علما ان الهدف ليست هي الطبقة العاملة بل استخدامها لاحتواء الماركسيين اللينينيين في ظل حزب علني والحد بالتالي من خطورة خطابهم السياسي الثوري.

لكن التناقض الذي وقع فيه النهج الديموقراطي سنة 2019 أفدح من التناقض الذي سبق ان وقع فيه ين سعيد ايت يدر في اطار منظمة العمل الديموقراطي الشعبي سنة 1996، فمن سيفتح النقاش العلني بين النهج الديموقراطي والماركسيين اللينينيين، ويخاطر بالتالي بالانتقال من السرية الى العلنية، وهنا يبدوا ان الجواب محسوما وهو ان لا احد سيغامر بذلك من بين الماركسيين اللينينيين الحقيقيين حتى بالنسبة للتيارات الطلابية المنتشرة في كل مكان والتي لن تتناسى وشايات النهج الديموقراطي لوزارة الداخلية والتي اسفرت عن مقتل مناضلين سنة 2007 وعن اعتقال العشرات من الطلاب الماركسيين اللينينيين منذ سنة 2013 واستشهاد الرفيق مصطفى المزياني في غشت 2014.

صعوبة تحقق أي لقاء او حوار بين الماركسيين اللينينيين والنهج الديموقراطي لا يكمن فقط في ذلك التاريخ العدائي القائم بين الطرفين، بل يمتد الى العديد من التناقضات حول القضايا السياسية والأيديولوجية، فأي ماركسي لينيني سيقبل الجلوس مع النهج الديموقراطي المتحالف مع الظلاميين سواء العدل والإحسان أو العدالة والتنمية والعناق الحار بينهما بحضور قتلة الشهداء المعطي بوملي الذي نحيي ذكرى استشهاده الثامن والعشرين اليوم ، وقتلة الشهيد آيت الجيد بنعيسى. فليس هناك أي مبرر أيديولوجي او سياسي ماركسي لينيني للتحالف مع الظلاميين. وقد نتناول المعتقدات الأيديولوجية الفارغة للنهج الديموقراطي ونفندها الواحدة تلو الأخرى كما يمكننا توجيه النقد اللادع للبرامج السياسية الإصلاحية للنهج الديموقراطي التي تناولتها وثائقه خلال مؤتمراته وخلال مقاطعاته للانتخابات.

إذن فدعوة النهج للحوار مع الماركسيين اللينينيين مجرد فرقعة إعلامية قد يجمع حولها بعض الماركسيين التائهين لتسويق العملية إعلاميا وسياسيا وسط مناضليه أولا واتجاه فدرالية اليسار الديموقراطي ثانيا وإعلان النوايا اتجاه النظام ثالثا بانه قادر على احتواء التيارات الماركسية اللينينية المتعددة العاملة في مختلف المناطق دون جهاز سياسي مركزي.

الخلاصة ان استعمال مصطلح الطبقة العاملة يبقى مجرد شعار اجوف للبرجوازية الصغرى التي تملا الأحزاب اليسارية الغرض منه ليس الطبقة العاملة وانما احتواء القوى الثورية وتقديمها كبش اضحية للنظام على مدبح الطبقة العاملة من اجل استخدامها لا خدمتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيضانات عارمة تتسبب بفوضى كبيرة في جنوب ألمانيا


.. سرايا القدس: أبرز العمليات العسكرية التي نفذت خلال توغل قوات




.. ارتقاء زوجين وطفلهما من عائلة النبيه في غارة إسرائيلية على ش


.. اندلاع مواجهات بين أهالي قرية مادما ومستوطنين جنوبي نابلس




.. مراسل الجزيرة أنس الشريف يرصد جانبا من الدمار في شمال غزة